حلت الإمارات في المرتبة 164 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2025، مسجلة تراجعًا ملحوظًا بفقدانها أربع مراتب، وهو ثاني أسوأ تراجع في المنطقة، وفقًا لتقرير منظمة "مراسلون بلا حدود".
وأرجعت المنظمة هذا التراجع إلى تصاعد القيود المفروضة على حرية التعبير، حيث تُمارس السلطات الإماراتية رقابة صارمة على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وتُلاحق الأصوات المنتقدة، بما في ذلك الصحفيين المغتربين الذين قد يتعرضون للمضايقات أو الاعتقال أو حتى الترحيل.
مناخ إعلامي مقيد
وقالت المنظمة، إن المشهد الإعلامي في الإمارات تهيمن عليه مؤسسات مرتبطة بالحكومة، مثل صحيفة "الخليج" الصادرة في الشارقة، وصحيفة "الاتحاد" الممولة من مجموعة أبوظبي للإعلام. كما تُعتبر الصحف الناطقة بالإنجليزية مثل "غلف نيوز" و"ذا ناشيونال" ذات تأثير واسع، لكنها تخضع أيضًا لرقابة مشددة.
إطار قانوني يُقيّد الحريات
وأشار تقرير المنظمة، إلى أنه رغم ان الدستور الإماراتي يكفل حرية التعبير، إلا أن القوانين السارية، مثل قانون المطبوعات والنشر لعام 1980 وقانون الجرائم الإلكترونية المُحدث في 2021، تُستخدم لفرض رقابة على المحتوى الإعلامي، خاصةً إذا تضمن انتقادات للسياسات الحكومية أو الأسر الحاكمة أو الدين أو الاقتصاد.
رقابة ذاتية وخوف من الانتقاد
وحسب المنظمة، يسود المجتمع الإماراتي ثقافة الولاء للعائلة الحاكمة، مما يجعل أي انتقاد يُفسر على أنه نقص في الولاء، ويؤدي إلى الرقابة الذاتية بين الصحفيين والمواطنين على حد سواء.
مراقبة إلكترونية وملاحقة للمنتقدين
واتهمت تقرير "مراسلون بلا حدود"، سلطات أبوظبي، بممارسة مراقبة إلكترونية مشددة على الصحفيين والمدونين، حيث يُمكن أن يُتهموا بالتشهير أو إهانة الدولة أو نشر معلومات كاذبة، مما قد يؤدي إلى أحكام بالسجن لفترات طويلة.
التقرير أشار ايضاً إلى أن الازدهار الاقتصادي في دول الخليج لم يُترجم إلى تحسن في حرية الإعلام، التي ما تزال مقيدة بـ"أنظمة قمعية وضغوط سياسية".
دول عربية أخرى في مراكز متأخرة
في سياق التقرير، جاءت دول عربية أخرى في مراكز متأخرة، حيث احتلت السعودية المرتبة 162، وسلطنة عمان 134، والكويت 128. بينما تواصل مصر تراجعها، محافظة على موقعها بين الدول العشر "الأسوأ عالميًا" بالمركز 170، في حين سجلت سوريا أحد أدنى التصنيفات بالمرتبة 177.
"مناطق الخطر" للصحفيين
صنّف التقرير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كواحدة من أخطر المناطق لممارسة العمل الصحفي، حيث تتزايد التحديات بين "قمع الأنظمة وعدم الاستقرار الاقتصادي".
واحتلت فلسطين المرتبة 163، مع تسليط الضوء على مقتل عشرات الصحفيين في غزة، بينما اتهم التقرير الاحتلال الإسرائيلي بـ"ارتكاب مجازر" ضد الإعلاميين، ما أدى إلى تراجعها 11 مرتبة إلى المركز 112.
تراجع عالمي وتهديدات اقتصادية
أكد التقرير أن حرية الصحافة تواجه تراجعًا عالميًا بسبب الضغوط الاقتصادية، مع إغلاق وسائل إعلام في 30 دولة، وتدهور التمويل المستقل في 160 دولة.
واحتلت النرويج الصدارة لتسع سنوات متتالية، بينما بقيت إريتريا في ذيل القائمة. كما انتقد التقرير دور شركات التكنولوجيا الكبرى في "تقويض اقتصاد الإعلام".
تونس تسجل أكبر تراجع.. ولبنان يتأثر بأزماته
سجلت تونس أكبر تراجع في المؤشر الاقتصادي بالمنطقة (30 نقطة) بسبب الأزمة السياسية، لتحل في المرتبة 129. بينما حل لبنان في المركز 132 رغم تقدمه النسبي، إذ تعرقل أزماته الاقتصادية حرية الإعلام.
وحذرت المنظمة من أن "استقلالية الإعلام مهددة عالميًا"، داعية إلى تمويل شفاف وحماية الصحفيين في ظل تصاعد القمع والرقابة.