قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن قوات الدعم السريع، وبعد طردها من العاصمة السودانية الخرطوم في مارس الماضي، استعادت زمام المبادرة في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين، بفضل دعم خارجي يُشتبه بتورط أبوظبي وبكين فيه.
وبحسب الصحيفة، فقد فاجأت قوات الدعم السريع الجيش السوداني مؤخراً بشن سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة انتحارية وطائرات بدون طيار متقدمة، استهدفت مدينة بورتسودان الساحلية، التي تُعد المعقل السياسي والعسكري الرئيسي لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان منذ سقوط العاصمة.
وأشارت إلى أن هذه الطائرات يُعتقد أنها من صنع صيني وإماراتي، وفقاً لتحليلات صور أقمار صناعية وبقايا من ساحة المعركة، ما أعاد رسم خريطة الصراع ووسّع من نطاق عمليات قوات الدعم السريع لتشمل مناطق كانت تُعتبر آمنة.
وأثارت تلك الضربات، التي طالت أهدافاً حيوية بينها منشآت عسكرية ومطار المدينة ومستودعات وقود، تساؤلات حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مثل هذه التكنولوجيا المتقدمة، لا سيما وأن مدى الطائرات المستخدمة يتجاوز بكثير نطاق التحكم اللاسلكي، ما يشير إلى اعتمادها على أنظمة توجيه عبر الأقمار الصناعية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء أن الميليشيا حصلت على طائرات مسيرة متطورة من طرازات "CH-95" و"FH-95" الصينية، قادرة على حمل صواريخ موجهة، بالإضافة إلى ذخائر يُعتقد أن الإمارات أعادت تصديرها، رغم نفيها المتكرر لأي دور في دعم الصراع.
ووفقاً لمصادر مقربة من الحكومة في بورتسودان، فإن الجيش السوداني دمر طائرة شحن كانت تنقل أسلحة لقوات الدعم السريع في مطار نيالا في دارفور، ما أسفر عن مقتل مستشارين أجانب. وقد تلا ذلك الهجوم مباشرة ضربات دقيقة على بورتسودان، عززت الشكوك بأن هناك جهات أجنبية تساعد في تشغيل المسيّرات.
وتحدثت الصحيفة عن قلق متزايد داخل الدوائر العسكرية السودانية، إذ أظهرت الهجمات أن الدعم الأجنبي لقوات الدعم السريع لم يتوقف، رغم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة. كما سلطت الضوء على ضعف الدفاعات الجوية للجيش السوداني، الذي كان يتمتع في بداية النزاع بتفوق جوي واضح.
وكانت حكومة البرهان قد أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات الأسبوع الماضي، متهمة أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، فيما ردت الأخيرة بعدم اعترافها بسلطة حكومة بورتسودان ووصفت الاتهامات بأنها "لا أساس لها من الصحة".
ويأتي هذا التصعيد في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة في السودان، إذ تشير تقديرات إلى مقتل أكثر من 150 ألف شخص وتشريد ما يزيد عن 12 مليوناً منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، فيما تتواصل التحذيرات من مجاعة وشيكة وانهيار كامل للنظام المدني في البلاد.