أعلن التلفزيون الرسمي السوداني، الأربعاء، أن الجيش السوداني دمّر طائرة عسكرية إماراتية أثناء هبوطها في مطار نيالا بولاية دارفور، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا، معظمهم مرتزقة كولومبيون، في تطور لافت وسط توتر متصاعد بين الخرطوم وأبوظبي.
وأوضح مصدر عسكري سوداني، رفض الكشف عن هويته، لوكالة "فرانس برس" أن الطائرة "تعرضت للقصف ودُمّرت بالكامل" في مطار يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أنها كانت قادمة من قاعدة جوية في منطقة الخليج، وتحمل شحنات من العتاد والسلاح دعماً لقوات الدعم السريع.
وأشار التلفزيون الرسمي إلى أن الغارة أسفرت عن "هلاك ما لا يقل عن 40 مرتزقًا كولومبيًا" كانوا على متن الطائرة، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات السودانية للإمارات بدعم قوات الدعم السريع عسكريًا، بما في ذلك تزويدها بالطائرات المسيرة عبر مطار نيالا، رغم نفي أبوظبي المتكرر لهذه المزاعم.
وأكدت الحكومة السودانية في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها تملك وثائق تُثبت تورط الإمارات في تجنيد وتمويل مرتزقة من كولومبيا للقتال إلى جانب الدعم السريع، وهي معلومات أيّدتها تقارير أممية أكدت وجود مقاتلين كولومبيين في دارفور منذ أواخر عام 2024.
وفي السياق، نقلت قوات "القوات المشتركة" الموالية للجيش عن وجود أكثر من 80 مرتزقًا كولومبيًا يقاتلون في مدينة الفاشر، آخر عواصم ولايات الإقليم التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، مشيرة إلى أن عددًا منهم لقوا مصرعهم خلال الأيام الماضية بهجمات جوية ومدفعية.
وكان الجيش السوداني قد بثّ مقاطع فيديو قال إنها تُظهر "مرتزقة أجانب يُشتبه بأنهم كولومبيون"، فيما كانت وزارة الخارجية الكولومبية قد أعربت في ديسمبر الماضي عن أسفها لمشاركة بعض مواطنيها في الحرب الدائرة بالسودان، لا سيما أن المرتزقة الكولومبيين – وهم في الغالب جنود سابقون – معروفون بانخراطهم في نزاعات متعددة، وقد استعانت بهم أبوظبي سابقًا في عمليات عسكرية باليمن والخليج، بحسب تقارير.
توتر دبلوماسي يُعطل الرحلات بين الخرطوم وأبوظبي
في سياق متصل، أعلنت سلطة الطيران المدني السودانية أن السلطات الإماراتية منعت الطائرات السودانية من الهبوط في مطاراتها، كما منعت إحدى الطائرات من الإقلاع من مطار أبوظبي، في خطوة اعتبرتها الخرطوم مؤشراً جديداً على تصاعد الأزمة السياسية بين البلدين.
وقالت سلطة الطيران، في بيان نقلته وكالة السودان للأنباء (سونا)، إنها فوجئت بالقرار الإماراتي، وتعمل مع شركات الطيران السودانية لإعادة برمجة رحلات الركاب القادمين والمغادرين من مطارات الإمارات.
وكانت صحيفة "الشرق" قد نقلت أمس الأربعاء عن مصادر قولها إن سلطة الطيران المدني في الدولة، أبلغت شركات الطيران السودانية، بوقف الرحلات بين البلدين.
وأوضحت المصادر أنه "تم تعليق كل الرحلات الجوية بين السودان والإمارات"، مشيرة إلى أن سلطات مطاري بورتسودان ودبي أعادت ركاباً كانوا ينوون السفر.
ونقلت الصحيفة عن مسافرين بين الامارات والسودان، قولهم إن شركات الطيران التي كان من المفترض أن تنقلهم أخطرتهم بإلغاء رحلة كانت متوجهة إلى دبي، صباح الأربعاء.
وأوضح المسافرون أن شركة طيران تعمل بين بورتسودان ودبي أرسلت تعميماً لوكلاء السفر المتعاملين معها بإلغاء الرحلات المجدولة على هذا الخط "في الوقت الحالي".
وكانت أبوظبي قد أعربت، يوم الثلاثاء، عن رفضها لما وصفته بـ"المزاعم الباطلة" التي تضمنها بيان صادر عن "سلطة بورتسودان"، في إشارة إلى الحكومة السودانية، نافية "زوراً" أي تورط لها في النزاع المسلح الدائر، ومجددة التزامها بالحياد والدعوة لحل سياسي شامل للأزمة.
يُذكر أن الخرطوم قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع أبوظبي في مايو الماضي، بعد اتهامها بتنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة على مدينة بورتسودان، ورفعت دعوى ضد أبوظبي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة التورط في أعمال "إبادة جماعية"، غير أن المحكمة رفضت النظر فيها بسبب التحفظات القانونية الإماراتية على بعض بنود اتفاقية جنيف.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، وسط تحذيرات أممية ودولية من تصعيد جديد قد يدفع البلاد إلى مزيد من الانهيار الأمني والإنساني.