تظهر علامات توتر في سوق العقارات الجامح في دبي، والذي يوشك أن يتجاوز أطول موجة صعود في تاريخه بأسابيع قليلة. فالنمو المذهل في الأسعار على مدى ما يقرب من خمس سنوات تغذيه مبيعات المنازل "قيد الإنشاء" (أوف بلان)، إلى جانب الفيلات والمنازل الفاخرة الجاهزة.
ويشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أنه إذا استمرت الأسعار في الارتفاع حتى أكتوبر، فستكسر المدينة رقمها القياسي المتمثل في 57 زيادة شهرية متتالية، وفقاً لمزود البيانات "رايدن".
لكن وكالات التصنيف الائتماني تتوقع بدء تراجع الأسعار مطلع العام المقبل مع اكتمال آلاف الوحدات الجديدة كل شهر. ويكافح "المضاربون" بالفعل للتخلص من العقارات غير المبنية التي اشتروها بهدف إعادة بيعها بسرعة قبل اكتمالها لتحقيق ربح سريع، بحسب محللين ووكلاء وساطة.
وقالت شركة البيانات "بروبرتي مونيتور" إن فائض المنازل الجديدة "يبدأ في اختبار عمق الطلب"، حيث دخل السوق 93 ألف وحدة جديدة حتى الآن هذا العام. وهناك طلب مرتفع على الفيلات والمنازل للأسر الثرية، لكن 95 في المئة من العقارات الجديدة كانت شققاً.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" هذا الشهر إن إجمالي 150 ألف منزل متوقع اكتمالها بين 2025 و2027 "من المرجح أن يكبح موجة ارتفاع الأسعار الحادة المستمرة منذ خمس سنوات". وتوقعت "تصحيحاً معتدلاً للأسعار يبدأ في 2026". وفي وقت سابق من هذا العام قالت وكالة "فيتش" إنها تتوقع انخفاض الأسعار بنحو 15 في المئة.
وتزيد الأسعار لكل قدم مربعة بنسبة 25 في المئة عن ذروتها السابقة في 2014 من دون تعديل التضخم. وقد غذّى هذا الازدهار جزئياً المستثمرون الباحثون عن الاستفادة من أسعار أقل من المدن الغربية، وأيضاً ازدياد عدد السكان في مركز الأعمال منخفض الضرائب.
وقال كريس وايتهيد، الشريك الإداري في "دبي سوذبيز إنترناشونال ريالتي"، التي تبيع العقارات الفاخرة للأثرياء جداً: "ستحدث تباطؤات في مرحلة ما ضمن قطاعات معينة. لا توجد سوق عقارية في العالم تستمر في الصعود بلا توقف".
وأضاف وايتهيد أنه لا يتوقع أن يتأثر الطرف الأعلى من السوق، لكنه حذّر من أن المعروض المرتفع في الطرف الأدنى هو "حيث يكمن الخطر في المستقبل".
وأفاد مزودو البيانات بأن أحد القطاعات التي تبرد بالفعل هو المضاربة السريعة (الفلِبّينغ). وكتبت "بروبرتي مونيتور" في مذكرة الشهر الماضي أن إعادة بيع الوحدات غير المكتملة "انخفضت بشكل كبير"، محذرة من أن "تحقيق مكاسب سريعة قبل التسليم ليس أمراً مضموناً أبداً". وكان الفلِبّينغ يشكل سابقاً نحو ثلث سوق إعادة البيع، لكنه انخفض إلى 20 في المئة في يوليو، بحسب "بروبرتي مونيتور".
وقال مستثمر يأمل في بيع شقة غير مكتملة في جزيرة "النخلة" الاصطناعية بدبي إنه لم يتلق أي اهتمام من المشترين منذ أن طرح العقار قبل ثلاثة أشهر.
وقال أليك سميث، رئيس مبيعات وتأجير الوحدات السكنية في "سافيلز دبي"، إن العديد من المستثمرين المضاربين تم بيعهم "وعداً زائفاً بالمال السهل".
وأضاف سميث أن إعادة بيع العقارات قيد الإنشاء تعمل بشكل أفضل إذا احتفظ المستثمرون بها حتى اكتمالها، حيث ستجذب حينها مشتريين يرغبون في منزل جاهز للسكن: "لا أعتقد أن كل الوسطاء صادقون مع عملائهم ويخبرونهم بذلك".
وتوقع سميث "تلييناً للأسعار" في المناطق ذات المشاريع الجديدة الكثيرة، حيث قد يتنافس المستثمرون المضاربون المحبطون على بيع الشقق.
ويحذر بعض الوسطاء من أن تباطؤ المضاربة قد يكون موسمياً، حيث يتراجع النشاط خلال الصيف عندما يهرب السكان الأثرياء من الحر لقضاء العطلات في الخارج.
وقد تميز سوق العقارات في دبي بدورات ازدهار وانكماش منذ أن فُتح أمام الأجانب في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، لكن المستثمرين الدوليين يقولون إنهم واثقون من أنه أكثر مرونة هذه المرة بفضل الإصلاحات التنظيمية.