أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، الاثنين، أن المملكة المتحدة لن تبيع أو تصدّر أي مواد أو معدات محظورة يمكن أن تصل إلى السودان، في ظل تصاعد النزاع المسلح الدائر هناك، وتشديد الضغوط الدولية على الأطراف المتحاربة.
وقالت كوبر في بيان رسمي أمام البرلمان البريطاني إن الحكومة "تراقب عن كثب جميع الصادرات ذات الاستخدام المزدوج أو العسكري، ولن تسمح بأي نشاط تجاري أو توريد يمكن أن يُستغل في تأجيج الصراع داخل السودان أو انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي"، مشيرة إلى أن لندن "ملتزمة التزاماً كاملاً بسياسات تصدير صارمة تضمن عدم تسرب أي مواد بريطانية إلى مناطق النزاع".
وأضافت الوزيرة أن وزارة الخارجية البريطانية تعمل بالتنسيق مع الجهات الرقابية الأوروبية والأمم المتحدة لضمان تنفيذ الضوابط الصارمة، مؤكدة أن "أي جهة تنتهك هذه السياسات ستواجه عقوبات قاسية وإجراءات قانونية فورية". كما شددت على أن المملكة المتحدة "تواصل دعم الجهود الإنسانية والدبلوماسية لإنهاء الحرب في السودان"، وتعمل على فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية وتشجيع الحوار بين الأطراف المتنازعة عبر القنوات الإقليمية والدولية.
وأكدت كوبر أن لندن ستظل "شريكاً رئيسياً في دعم الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي"، داعية المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على الأطراف المتورطة في الصراع السوداني لإنهاء دوامة العنف المتصاعدة.
وفي سياق متصل، كشف مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجية البريطانية أن الحكومة تدرس فرض عقوبات إضافية على أفراد وكيانات يُشتبه في تورطها بتمويل أو تسليح أطراف الصراع داخل السودان، مؤكداً أن لندن "لن تتهاون مع أي نشاط يخالف القانون الدولي أو يسهم في زعزعة استقرار المنطقة".
ضغوط بسبب دور أبوظبي
تأتي تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية في وقت تصاعدت فيه الضغوط داخل البرلمان البريطاني، حيث دعا نواب من مختلف الأحزاب كوبر إلى تشديد موقفها تجاه الإمارات، بعد تقارير تحدثت عن ضلوع قوات الدعم السريع المدعومة من أبوظبي في ارتكاب مجازر مروعة في إقليم دارفور راح ضحيتها آلاف المدنيين.
ووفقاً لما كشفته صحيفة التليغراف، تم العثور على معدات عسكرية بريطانية الصنع في أيدي قوات الدعم السريع، كانت قد بيعت في الأصل للإمارات.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حكومة المملكة المتحدة أصدرت منذ عام 2023 نحو 132 ترخيصاً لتصدير المعدات إلى الإمارات بقيمة تقارب 249 مليون جنيه إسترليني.
ونقلت الصحيفة عن السير إيان دنكان سميث، الزعيم المحافظ السابق، قوله إن "الإمارات تُدبّر أموراً سيئة... لقد تورطوا في هذا الصراع الوحشي الذي يشهد عدداً هائلاً من القتلى المدنيين"، مضيفاً أن الحكومة البريطانية "تتجاهل هذا الدور بسبب مصالح مالية واقتصادية مع أبوظبي".
كما أضاف أحد النواب البريطانيين، بحسب الصحيفة، أن "أبوظبي مذنبة بالمساهمة في مقتل المدنيين الأبرياء، ولا ينبغي لبريطانيا التعامل معها بأي شكل من الأشكال"، منتقداً ما وصفه بـ"ضعف موقف الحكومة البريطانية أمام الانتهاكات المستمرة".
توازن دبلوماسي حساس
يأتي هذا الجدل وسط مساعٍ بريطانية للحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق بين التزاماتها الإنسانية والقانونية تجاه النزاع في السودان، ومصالحها الاقتصادية والعسكرية مع دول الخليج، وعلى رأسها أبوظبي.
ويشكل تشديد لندن لقيود التصدير ومراجعة سياساتها تجاه أبوظبي اختباراً لمدى جدية الحكومة البريطانية في منع استخدام منتجاتها في النزاعات الإقليمية، خصوصاً في ظل تزايد الانتقادات البرلمانية والإعلامية بشأن ما يوصف بـ"تواطؤ الصمت" تجاه الحرب في السودان.