تواصل دولة الإمارات تعزيز علاقاتها مع جمهورية تشاد، في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة على المستويين السياسي والأمني، لا سيما في ظل الأزمة السودانية الجارية.
فقد بحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أمس الثلاثاء، مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو، مسار تطور العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية والطاقة المتجددة.
وجاء اللقاء في أبوظبي على هامش أعمال "منتدى الإمارات – تشاد للتجارة والاستثمار" الذي يُعقد يومي 10 و11 نوفمبر الجاري، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).
وخلال اللقاء، أكد سموه حرص الإمارات على توسيع شراكاتها التنموية مع الدول الإفريقية، ودعم مسارات التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المشترك، بما ينسجم مع رؤية الدولة في بناء شراكات استراتيجية تحقق الازدهار لشعوب المنطقة والعالم.
من جانبه، أعرب الرئيس التشادي عن تقديره لدور الإمارات في دعم مسار التعاون الثنائي، مشيراً إلى أن المنتدى يمثل خطوة مهمة نحو تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية بين البلدين.
وتناول اللقاء أيضاً أهمية المنتدى في دعم الخطة الوطنية التنموية "تشاد 2030"، وتعزيز قاعدة التعاون الاقتصادي بين البلدين.
في السياق ذاته، شهد الرئيس التشادي وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، توقيع 18 مذكرة تفاهم بين الجانبين، شملت قطاعات الطاقة والبنية التحتية والصناعة، بما يفتح آفاقاً جديدة للتجارة والاستثمار ويعزز الشراكة التنموية.
كما كشف وزير التجارة الخارجية، الدكتور ثاني الزيودي، أن الإمارات قد تختتم مفاوضات اتفاقية التجارة الثنائية مع تشاد قبل نهاية العام 2025، في خطوة تعكس عمق الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين.
وانطلقت فعاليات المنتدى في أبوظبي بمشاركة أكثر من 2000 مشارك من وزراء ومسؤولين ومستثمرين ورؤساء حكومات أفريقية، في مؤشر على الاهتمام الإقليمي والدولي المتزايد بدور الإمارات الاقتصادي في إفريقيا.
تساؤلات حول التوقيت والدلالات
ورغم الطابع الاقتصادي الواضح لهذه التحركات، إلا أن توقيتها أثار تساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية، في ظل تقارير أممية حديثة تتحدث عن نقل أسلحة إماراتية إلى قوات الدعم السريع السودانية عبر الأراضي التشادية، وهي اتهامات نفتها الإمارات بشكل قاطع، مؤكدة أن علاقاتها مع تشاد تندرج في إطار التعاون التنموي والاستثماري فحسب.
واستولت قوات الدعم السريع، التي يُعتقد أنها تلقت دعماً خارجياً، خلال الأسابيع الماضية على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في غرب البلاد، بعد معارك دامية أسفرت عن مئات القتلى، وسط تحذيرات أممية من انتهاكات إنسانية واسعة.
كما كشف تقرير سري للأمم المتحدة عن "نمط ثابت من رحلات الشحن" لطائرات إليوشن إيل-76 من مطارات إماراتية إلى مطار أمجراس في تشاد، يُشتبه في استخدامها كجسر لوجستي نحو السودان، مشيراً إلى أن الطائرات كانت تختفي من الرادارات في مراحل محددة من الرحلات، وهو ما وصفه خبراء بأنه محاولة لتجنب الرصد.
ويرى بعض المراقبين أن تنامي الشراكة الاقتصادية بين أبوظبي ونجامينا قد يحمل بُعداً سياسياً وأمنياً، إذ تُعد تشاد موقعاً استراتيجياً في معادلة الصراع السوداني وممراً محتملاً للإمدادات اللوجستية والعسكرية.
ويذهب آخرون إلى أن اتفاقية التجارة المرتقبة قد تشكّل نوعاً من تثبيت التحالف بين البلدين، أو حتى مكافأة سياسية ضمن توازنات إقليمية جديدة في منطقة الساحل والصحراء، حيث تتقاطع مصالح قوى دولية وإقليمية عدة.
في المقابل، تؤكد الإمارات أن سياستها في إفريقيا تقوم على دعم التنمية والاستقرار ومكافحة الفقر والتطرف، وأن مشاريعها الاستثمارية في تشاد تركّز على مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والصحة، بعيداً عن أي أجندات سياسية أو عسكرية.