قال تحليل لوكالة "اسوشييتد برس" الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يخفي رغبته في رؤية السعودية والكيان الصهيوني تُطبّعان العلاقات، ويحرص على التأكيد بأن توسيع "اتفاقات التطبيع" — التي أطلقت خلال ولايته الأولى وأسست لعلاقات دبلوماسية وتجارية بين "إسرائيل" وثلاث دول عربية — يمثل ركيزة خطته لتحقيق استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط، بينما يستمر صمود وقف إطلاق النار الهش بين "إسرائيل" وحماس في غزة.
ومن المتوقع أن يتصدر ملف التطبيع جدول أعمال اللقاء الذي سيجمع ترامب، الثلاثاء المقبل، بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارة رسمية إلى البيت الأبيض يتوقع أن تحمل طابعًا احتفاليًا.
وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، خلال توجهه إلى فلوريدا، إنه "يأمل بانضمام السعودية إلى اتفاقات إبراهام قريبًا جدًا". لكن هذا التفاؤل يتعارض مع تقديرات داخل الإدارة أكثر تحفظًا؛ إذ يستبعد المسؤولون السعوديون التوصل إلى اتفاق في المدى القريب، رغم وجود تفاؤل حذر بإمكانية تحقيق اختراق قبل نهاية الولاية الثانية لترامب، وفقًا لثلاثة مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.
رهانات التطبيع… وشروط السعودية
المحاولات الأمريكية لإقناع السعودية بالانضمام إلى الاتفاقات تعود إلى ولاية ترامب الأولى، ثم استمرّت خلال إدارة بايدن. لكن هذه الجهود اصطدمت أولًا بتمسّك الملك سلمان بموقفه الرافض، ثم بتشدد ولي العهد محمد بن سلمان بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 التي أشعلت حرب غزة.
ويظلّ توفير مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية شرطًا سعوديًا ثابتًا، رغم أن ولي العهد — المعروف اختصارًا بـ MBS — يظهر مرونة أكبر من والده في هذا الملف، وهو ما ترفضه حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشكل قاطع.
ويحاول ترامب إقناع ولي العهد بأن خطته المكوّنة من 20 نقطة بشأن غزة توفّر هذا المسار، لكن طرحه قد يثير غضب الحكومة الإسرائيلية أو يعرقل تعاونها، خاصة إذا تضمّنت الخطة جدولًا زمنيًا ملزمًا.
وقال أحد المسؤولين إن أفضل ما يمكن للولايات المتحدة تحقيقه من لقاء هذا الأسبوع هو اعتراف سعودي بأن خطة ترامب تصلح كنقطة انطلاق نحو دولة فلسطينية، مع إعلان استعداد الرياض لدراسة الانضمام إلى الاتفاقات.
حسابات ترامب
يرى ترامب أن انضمام السعودية سيُطلق موجة تطبيع جديدة في العالم العربي. وفي خطاب له بحضور الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، قال إن "الكثير من الدول" في طريقها للانضمام إلى اتفاقات التطبيع، معربًا عن أمله في أن تكون السعودية "قريبًا جدًا" بينها.
ويستند تفاؤله إلى تقييم بأن ديناميات المنطقة تغيّرت جذريًا؛ فإيران - الخصم المشترك للسعودية و"إسرائيل" - تراجع نفوذ وكلائها في غزة ولبنان واليمن، كما تعرّض برنامجها النووي لضربة من غارات أمريكية في يونيو الماضي.
ويقول جون هانا، المستشار السابق للأمن القومي لنائب الرئيس ديك تشيني، إن إظهار ترامب دعمًا لمبدأ الدولة الفلسطينية "قد يكون خطوة كبيرة نحو دفع محمد بن سلمان باتجاه التطبيع"، لكنه يشير إلى عقبات كبيرة، أبرزها الدمار الهائل في غزة، وتعثر جهود إعادة الإعمار، واستمرار توترات الضفة الغربية.
لفات حساسة وصفقات مؤجلة
ومن المنتظر أن يطرح ولي العهد خلال الزيارة قائمة مطالب تشمل ضمانات أمنية أمريكية واتفاقًا لشراء مقاتلات F-35 المتطورة. لكن بحسب مسؤولين أمريكيين، يبدو أن البيت الأبيض غير مستعد للموافقة على الصفقة، رغم أن قرار ترامب قد يتغيّر في أي لحظة.
وتثير الصفقة مخاوف أمريكية وإسرائيلية متعلقة بالحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” للاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى القلق من احتمال وصول تكنولوجيا F-35 إلى الصين، وهي المخاوف نفسها التي أدت سابقًا إلى تعطيل صفقة مماثلة للإمارات.
ويقول جون هانا إن "ثمن التطبيع أصبح أعلى بالنسبة للسعودية بعد حرب غزة"، لكنه يحذر ترامب من التنازل مجانًا، مشددًا على ضرورة ربط إدماج المقاتلات المتطورة في القدرات السعودية بتحقيق تقدم فعلي في مسار التطبيع والتحول الإقليمي.