أحدث الأخبار
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد

فهلوة خلط الأوراق

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 13-11-2014

تتميز مجتمعاتنا العربية بقدرة لافتة على تقبُل لعبة خلط الأوراق عند التعامل مع إيديولوجياتها وقضاياها الكبرى . وهي لعبة استعملها بحذق ممارسو الفهلوة الفكرية والسياسية، عبر تاريخنا وحاضرنا، لإدخال الشعوب العربية في دهاليز فرعية أو هامشية من أجل تمييع، أو نسيان، أو تشويه الموضوع الأصلي . لنأخذ الأمثلة التالية لتوضيح خطورة هذه الظاهرة .
* أولاً، بعد إطاحة مؤسستي الحكم الاستبدادي في تونس ومصر قادت انتخابات حرة ونزيهة إلى صعود الإخوان المسلمين في مصر والنهضة في تونس إلى سدة سلطة التشريع والحكم . ما حدث كان شيئاً طبيعياً ومتوقعاً في مجتمعات متعلقة أغلبيتها بالثقافة الإسلامية عبر القرون .
لكن الحركتين ارتكبتا أخطاء سياسية عدة عندما لم تدركا أن الفترات الانتقالية، بعد الحراكات الثورية الكبيرة، تحتاج إلى أن تدار وتحكم من خلال التعاون والتوافق مع الآخرين، إلى حين الوصول إلى أهداف تلك الحراكات واستقرار أحوال المجتمعات . عند ذاك يمكن الدخول في لعبة التنافس والخلافات .
لكن ما إن حدثت تلك الأخطاء وتذمرت الشعوب حتى أطلّت الفهلوة الفكرية والسياسية برأسها لتضيع الموضوع الأصلي، وهو الديمقراطية، ولتخلط الأوراق . وأدخلت الاستخبارات الأجنبية عملاءها التكفيريين المجرمين في السًاحة فتشابك الخارج مع الداخل .
لقد أصبحنا اليوم أمام حملة تضليلية شرسة لإقناع المواطن العربي بأنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إذا اختار الديمقراطية فإنه لن يرى أمامه سوى الإسلام السياسي، وإذا كان لا يريد الإسلام السياسي فعليه أن يقبل بحكم اليد الأمنية الباطشة .
أما الحقيقة البديهية الأصلية، والتي خبرتها مجتمعات أخرى كثيرة، والمؤكدة أنه مثلما جاءت الانتخابات الديمقراطية النزيهة العادلة بقوى الإسلام السياسي فإنها ستكون قادرة في المستقبل على استبدالهم بآخرين يحملون أفكاراً ومنهجية سياسية مختلفة، أما هذه البديهية فقد ضاعت ونسيت ومعها نسي الناس هدف ثورات وحراكات الربيع العربي: الانتقال إلى الديمقراطية الشاملة العادلة .
* ثانياً، في بداية الخمسينات من القرن الماضي طرح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر المشروع القومي العربي الناصري لنقل الوطن العربي من التجزئة إلى الوحدة، من الاستعمار والتبعية إلى الاستقلال الوطني والقومي، من التخلف الاقتصادي إلى التنمية، ومن استغلال وفقر الملايين من الشعوب العربية إلى عدالة اجتماعية شاملة .
وراء المشروع وقفت إمكانات دولة القطر المصري الهائلة وأحزاب وحركات قومية في طول الوطن العربي وعرضه، والملايين من جماهير الشعب العربي . آنذاك تحقق الكثير وكان المستقبل يعد بالكثير .
لكن مؤامرات الخارج وقوى الداخل الرجعية الفاسدة وتعدد الأخطاء في الممارسات وموت بطل المشروع أدت إلى تراجع، ثم توقف تلك الموجة التاريخية القومية الواعدة .
مرة أخرى أطلت الفهلوة الفكرية والسياسية برأسها لتخلط الأوراق من خلال التركيز المتعمد على الأخطاء في الممارسات ونقاط الضعف وتفريغ الذاكرة الجمعية العربية من الإنجازات المبهرة حتى ينسى الناس الموضوع الأصلي التاريخي: طريق نهوض الأمة العربية من خلال وحدتها وتحررها وتنميتها الذاتية واعتماد العدالة الاجتماعية نهجاً في حياتها .
هذا الإصرار العجيب عند البعض لاستعمال أية أخطاء أو نقاط ضعف في المشاريع والحراكات العربية الكبرى، من أجل تدميرها أو إيقاف مسيرتها وإخراجها من الذاكرة الجمعية للشعوب، بدلاً من تحليل أخطائها بموضوعية وتقديم الحلول المساعدة لمسيرتها، هذا الإصرار الانتهازي عند بعض المفكرين والكتاب والإعلاميين العرب ينذر باقترابهم من ممارسة رذيلة وعار الخيانة لأحلام وتطلعات أمتهم ويضعهم في خندق القوى الامبريالية والصهيونية التي لا تريد لهذه الأمة أن تتوحد وتتحرر وتتقدم .
* ثالثاً، الممارسة نفسها طبقت على حدث تاريخي كبير حدث فوق أرض كربلاء . فالشهيد الإمام الحسين بن علي، (رضي الله عنه)، لم يمت كضحية مكسورة تستجدي قليلاً من الماء لأهلها وتبكي دمعاً على ما حل بهم . لقد مات واقفاً كبطل تاريخي محارب من أجل مشروع إصلاحي لأمة الإسلام جميعها، وفضل موت العزة والكرامة على ذل الحياة المنكسرة .
لكن بدلاً من أن تصبح ذكرى موته السنوية تمجيداً للبطولة الثورية وتجييشاً لها في نفوس وعقول كل المسلمين والعرب، وإصراراً على نهج الإصلاحات الجذرية في وجه الاستبداد والفساد، بدلاً من أن تكون الذكرى ألقاً إيمانياً وسياسياً بامتياز قلبه البعض إلى قصص جانبية، وأحياناً متخيلة وبكائيات، ووجهوا مشاعر الغضب والاستياء نحو مماحكات السياسة الحقيرة التاريخية التي رافقت ذلك الحدث التمردي العظيم .
هذا الخلط للأوراق إبان تلك المناسبة الرامزة لعبق البطولة والتضحيات المرفوعة الرأس السامية بالنفس البشرية نحو الأعلى والأفضل والأنقى يُضيع الموضوع الأصلي ويشوهه في دهاليز فرعية تنتقص من قيمته .
الأمل في شباب ثورات وحراكات الربيع العربي، قادة المستقبل، ألا يدخلوا دهاليز الضياع أبداً، وأن يركزوا مشاعرهم وعقولهم ليل نهار على أصل المواضيع الكبرى في حياة أمتهم .