من كان يظن أن يأتي اليوم الذي تقوم فيه بعض الشعوب العربية من المقارنة بين زمن الاحتلال الغربي (الإنكليزي والفرنسي والإسباني والبرتغالي...) وزمن انظمتها العربية الحاكمة فتكون النتيجة أن بطش أنظمتها وحكامها أقصى وأشد مما ارتكبه المستعمر الغربي!
وتزداد الشعوب عجبا وذهولا وهي ترى ما يجري للأقصى والقدس والمقدسيين على ايدي الصهاينة من تصعيد لم يسبق له مثيل عندما تشاهد التناسب الطردي بين هذا التغول الاسرائيلي وبين علاقات اللين والتقارب مع الانظمة العربية.
فإذا كانت اسرائيل في العام 67 قد احتلت القدس فإنها على مدى الاعوام التالية ولغاية اليوم ماذا فعلت؟:
- صادرت الأراضي والبيوت وهجّرت عشرات آلاف المقدسيين.
- بنت المدن الاستيطانية وجلبت لها عشرات آلاف المتطرفين
- أغلقت (بيت الشرق) وحاصرت كل المظاهر العربية والاسلامية.
- رفعت الضرائب على تجار المقدس لتدمير اقتصاد المقدسيين.
- أذلت الناس على الحواجز واعتقلت آلاف الشباب.
- وصولا الى ما تفعله في المقدسات والمسجد الأقصى من تدنيس واقتحامات وحفريات واعتداءات على المصلين وقتل وخطف وتمثيل بالضحايا التي هي آخر مسلسل اقتلاع القدس من اهلها جغرافيا ووجدانيا.
بعد كل هذا وبدلا من أن تسير علاقة النظام العربي مع المحتل (عكسيا)...نراها ونسمع عنها العجب!
ولعل آخر هذه الاعاجيب، ما اعلن عنه نائب رئيس الحركة الإسلامية من على شاشة تلفزيون القدس من فضيحة تمويل احدى الدول العربية لعمليات بيع بيوت الفلسطينيين في حي (سلوان) لمصلحة المستوطنين في عملية بغاء سياسي عربي لم يسبق له مثيل!
ومن المفارقات المفرحة المؤلمة في الوقت ذاته أن نجد أنظمة أوروبية وجنوب اميركية اكثرعروبية وغيرة وتعاطفا وانصافا من انظمتنا العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني.
وصرنا نسمع اليوم عن عواصم أجنبية تقاطع البضائع الإسرائيلية التي تصنع من المستوطنات وتفرض عقوبات على المخالفين.
وصرنا نرى شعوب هذه الدول تحتشد بالآلاف من الشوارع تعبيرا عن تضامن حقوقي وانساني فيما شوارع عواصمنا ومدننا العربية تغط في سبات عميق بعدما أذاقها كثير من انظمتها الديكتاتورية قمعا وابادة بما ينافس بل يفوق صنيع الصهاينة بأهلها في فلسطين.
ما تسبب في إزاحة وتراجع المزاج العام المعادي للعدو الاسرائيلي لأنها شعوب مشغولة ومرعوبة وتلملم جراحاتها من قمع أنظمة البغاء العربي!