أحدث الأخبار
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد
  • 12:43 . استقالة وزير خارجية هولندا بسبب موقف حكومة بلاده من العدوان الصهيوني على غزة... المزيد
  • 12:11 . عبد الله بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون المشترك... المزيد
  • 12:10 . "إيكاد" تفضح تلاعب الناشطة روضة الطنيجي بمصادر أمريكية لتشويه الجيش السوداني... المزيد
  • 11:29 . زيارة سرية لمساعد نتنياهو إلى أبوظبي لإصلاح العلاقات وسط مخاوف من هجمات محتملة... المزيد
  • 11:26 . الإمارات تسلّم مطلوبَين دوليين إلى فرنسا وبلجيكا في قضايا اتجار بالمخدرات... المزيد
  • 09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد
  • 09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد

إما الصعود المستمر أو السقوط المدوي

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 20-11-2014

دعيت مرة لإلقاء كلمة مختصرة تمهيدية في لقاء سيتحدث فيه معلم وقائد روحي قادم من الهند . شبهت في حديثي الإنسان المتطلع للوصول إلى الصفاء الروحي والسمو الأخلاقي الإنساني الرفيع بالشخص الذي يريد الصعود إلى قمة جبل شديد العلو، عمودي مستقيم، غير منحنٍ والطريق إلى قمته ليس متدرجاً .
وعليه فالمتسلق يجب أن يدرك أنه لايستطيع أن يرخي عضلاته المتعبة ليستريح، ولا يستطيع أن يضمد يده الدامية ليعاود الصعود . لأنه إن فعل ذلك فسيتزحلق من المستوى الذي وصل إليه إلى قاع الجبل، أي إلى النقطة التي بدأ منها رحلة صعوده . إنها رحلة تحتاج إلى عزيمة وعناد وتحمل الكثير من الآلام .
في اعتقادي، أن ذلك التشبيه ينطبق على من يريدون تسُّلق جبال الثورات والحراكات التغييرية الكبرى من أجل الوصول إلى قممها، حيث العدالة والحرية والمساواة والإخاء والكرامة الإنسانية .
رحلة الوصول إلى قمم التحولات المجتمعية الكبرى تتماثل مع رحلة الصعود الروحي والأخلاقي . أي تراخٍ في الطريق إلى كليهما يعني الانحدار والسقوط المفجع الحامل لأخطار حياتية مؤكدة .
مناسبة هذه المقدمة هو اللغط، المفتعل منه والمبرر، الذي يملأ أرجاء الوطن العربي، حول ما حصل إبان السنوات الأربع الماضية من ثورات وحراكات قامت بها بعفوية جماهير الشعوب العربية، وحول ما آلت إليه تلك الحراكات بسبب نجاح بعض قوى الخارج والداخل في حرفها عن مسارها أو إدخالها في دهاليز خلط الأوراق أو تسلم قيادتها في المرحلة الانتقالية ممن ليس بالكفؤ للنضال من أجل أهدافها .
الرد المطلوب على ذلك اللغط هو عدم التوقف عن التسلق نحو القمم المراد الوصول إليها، إذ إن ذلك سيعني الانزلاق مرة أخرى نحو قيعان التسلط والاستبداد والإذلال والعيش في وحل التهميش، وإنما الاستمرار في الصعود حتى ولو كان الصعود بطيئاً وموجعاً في درب سيطول . ما عاد مقبولاً النظر إلى الهاوية التي تعج بالدجاج المنكس الرأس الذي يكتفي بالبحث عن دود الأرض إنما المطلوب تركيز الأنظار نحو القمم حيث تحلق النسور في فضاءات نور وهواء العزة والمجد والحرية .
لنذكر أنفسنا بأننا أمة، أوصلها من أولها عبر القرون إلى أوضاع سياسية بائسة، إلى اقتصاد ريعي لايستطيع الانطلاق نحو تنمية إنسانية شاملة مستمرة، إلى تمزق قبلي على حساب اللحمة الوطنية الجامعة، إلى سجالات سخافات فقهية نقلت دين الإسلام إلى متاهات الطائفية والصراعات مع الأديان الأخرى، إلى الوقوف عند باب العلم والتكنولوجيا كأمة مستجدية تعيش على الفتات، إلى ممارسة ثقافة العلاقات الأبوية البطريكية المهيمنة مع الأطفال والنساء والتلاميذ والعمال والموظفين وسائر زملاء مسيرة الحياة .
لنذكر أنفسنا بأن أمة تعيش أوضاعاً متخلفة، شاملة كل مناحي الحياة، لن تستطيع النهوض من خلال عملية ترقيع هنا أو من خلال إصلاحات آنية جزئية هناك . وهي أمة لن تسمح لها ظروفها البالغة السوء ترف استراحة المحارب كما تفعل بعض قيادات ثورات وحراكات الربيع العربي .
نقول ذلك لأن الأمة ستواجه كارثة تاريخية لو وجدت نفسها مجبرة على الانزلاق نحو هاوية المربع الأول الذي ظننا منذ أربع سنوات أن الأمة قد غادرته من دون رجعة .
قد يبدو الكلام عن هذا المنطق، المنطق الذي يحكم صعود وهبوط الأمم أثناء محاولاتها إجراء تغييرات كبرى في مسيرة حياتها، وكأنه صرخة يائسة وعابثة في الأجواء المأساوية التي تغلف الأرض العربية في هذه اللحظة التي تعيشها الأمة .
لكن هذا التحفظ والخوف لا محل لهما . ذلك أن ازدياد آلام وجراح الأمة وإحساس الكثيرين بالضياع يجب أن يدفعا شباب ثورات وحراكات الربيع العربي، ومن ورائهم الأمة بأجمعها، لتركيز الأنظار والأفئدة على ما ينتظرنا في القمة، وبالتالي ممارسة الصعود حتى ولوكان ضئيلاً وتدريجياً بسبب الأجواء العاصفة التي تحيط بنا، وذلك بدلاً من التفتيش عن منطقة آمنة عند أقدام الجبل لنمارس الانزلاق الآمن نحوها .
مثلما أن مسيرة صعود جبل السمو الروحي والأخلاقي قد تنهار أو تتوقف بسبب ضعف الإنسان تجاه رذيلة واحدة لم يستطع تجنبها، أو بسبب استرخاء عزمه أمام غواية هائلة لم يستطع مقاومتها . . فإن الأمر نفسه ينطبق على مسيرات الثورات والحراكات الكبرى .
هذه أيضاً يجب أن تقاوم إغراءات الرذيلة النضالية ووهج الغوايات المزيف في الساحة السياسية . ستختلف الإغراءات والغوايات في مختلف الأقطار العربية وتحت ظروف متباينة، لكن النتيجة ستكون واحدة: دخول قوى الحراكات والثورات في جدل المماحكات الكلامية العابثة وتأجيل موعد الصعود إلى القمم الحضارية الإنسانية .