أحدث الأخبار
  • 09:50 . صحّ النوم يا أستاذ... المزيد
  • 06:44 . بـ600 مليار دولار.. ترامب وولي عهد السعودية يوقعان وثيقة شراكة استراتيجية... المزيد
  • 05:12 . الجيش الأميركي يستبدل قاذفات بالمحيط الهندي بعد الاتفاق مع الحوثيين... المزيد
  • 04:54 . ليبيا.. الدبيبة يعلن بسط الأمن في طرابلس عقب اشتباكات مسلحة... المزيد
  • 04:43 . أكاديميون يدعون لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم مع ضوابط أخلاقية... المزيد
  • 04:42 . الرئيس الأمريكي يصل إلى السعودية في مستهل جولة إقليمية... المزيد
  • 11:24 . قطر تطرح مبادرة إقليمية شاملة حول حرب غزة وعقوبات سوريا والاتفاق النووي مع إيران... المزيد
  • 11:22 . الطيران المدني الدولي تحمّل روسيا مسؤولية إسقاط طائرة الرحلة "إم إتش 17"... المزيد
  • 11:18 . البيت الأبيض يمنع صحفيين من مرافقة ترامب في رحلته إلى الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:17 . قبيل زيارة ترامب.. واشنطن توافق على بيع مروحيات عسكرية للإمارات بأكثر من مليار دولار... المزيد
  • 10:57 . العاهل السعودي يدعو رئيس الدولة لحضور قمة الرياض الخليجية الأمريكية... المزيد
  • 10:48 . عبدالله بن زايد ببحث مع نظيره الإيراني العلاقات الثنائية ومفاوضات نووي طهران... المزيد
  • 10:07 . زيارة ترامب إلى الخليج.. "المال أولاً"... المزيد
  • 08:10 . ترامب: زيارتي إلى السعودية وقطر والإمارات "تاريخية"... المزيد
  • 07:27 . السعودية "ترحب" بزيارة ترامب إلى الخليج... المزيد
  • 05:59 . بسبب أبوظبي.. الاتحاد الافريقي يعارض التدخل في شؤون السودان الداخلية... المزيد

الفكر الجهادي وصراع المصالح

الكـاتب : فاطمة الصايغ
تاريخ الخبر: 14-12-2014


ما يشهده العالم الإسلامي من تطورات على الساحة السياسية ومن ظهور لتيارات فكرية متشددة تقدم للعالم تفسيراً خاطئاً لتعاليم الإسلام كما تحول الانتباه عن مواقف الإسلام الحقيقية من مفاهيم حياتية حث عليها كتشجيع العلم والإبداع والابتكار وغيرها من المفاهيم التي لولا تأكيد الإسلام عليها لما انتشر في كل بقاع الأرض ولما حازت الحضارة العربية الإسلامية على كل تلك المرتبة الرفيعة.

ظهور بعض الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتشددة والأفكار التي تحاول نشرها تؤثر سلباً على صورة الإسلام خاصة فيما يختص بمفاهيم إسلامية كمفهوم الجهاد مثلاً.

ففكرة هؤلاء عن الجهاد فكرة مشوشة: فالجهاد الذي يعْرفونه خطأ هو القتل والسلب والتدمير والاغتصاب وهي جميعها أفكار إنما جاء الإسلام ليغيّرها ويبدلها بفكر إنساني قائم على تقبل الآخر ودفع الناس باتجاه العلم والابتكار بعيداً عن الصراعات الضيقة والمصالح السياسية التي تزج بالمدنيين في ساحات القتال. فالإسلام حين شرع الجهاد وضع له ضوابط ولوائح مقننة لا يجوز الحياد عنها.

فهناك أوامر للجيوش المسلمة بعدم قتل المرأة والطفل والمسن والرجل المتعبد في صومعته وعدم حرق الأرض والحرث والشجر أو قتل الأسرى أو التنكيل بهم. هذه هي رسالة الإسلام السمحة والتي هي في واقع الأمر استراتيجية للقيادات العسكرية وللجيوش المحاربة.

التاريخ الإسلامي يقدم لنا صورة رائعة عن كيفية تعامل الإسلام مع الأسرى. فمثلاً، أسرى غزوة بدر، أولى غزوات المسلمين، لم يقتلوا ولم يقايضوا لنيل مكاسب سياسية أو مادية، بل كان الحل هو أن يقوم كل أسير بتعليم 10 من المسلمين القراءة والكتابة نظير الإفراج عنهم.

العلم والثقافة من أولويات العمل الإسلامي ويكفي أن أول آية في القرآن الكريم ركزت على قضيتين مرتبطتين بالعلم وليس القتل وهما: القراءة "اقرأ" والقلم "علم بالقلم" كدلالة على مدى الاهتمام الذي أعطاه الإسلام للعلم وتقدم الإنسانية في مقابل القتل والتدمير الذي ترفع رايته تلك التيارات المتشددة.

مقارنة بسيطة بين كيفية تعاطي المسلمين الأوائل مع قضية الجهاد وبين تعاطي المتشددين اليوم لفكرة الجهاد تقدم لنا أنموذجاً واضحاً عن مدى اللبس في مفهوم هذه الفكرة. فجهاديو اليوم يجهلون أبسط القواعد الفكرية التي قام عليها الإسلام وهم يعتقدون أن نظرتهم الأحادية لتفسير القرآن هي الوحيدة المفهومة.

هؤلاء أظهروا الإسلام وكأنه دين دموي إرهابي. مصالح هؤلاء الشخصية اندمجت مع أهوائهم وأيديولوجياتهم العقدية والسياسية ومصالح القوى التي تقف خلفهم وتمولهم لتمتزج كلها في أفكار مشوشة عن مفاهيم الإسلام الأساسية.

تيار متشدد كداعش شرد ما لا يقل عن 20 مليون شخص وخطف أكثر من 1500 طفل وساهم في الاتجار بأكثر من 3 ملايين امرأة وأثر سلباً على حياة أكثر من 30 ألف شاب هم من استطاع تجنيدهم ودفعهم نحو ساحات القتال تحت مسمى الجهاد.

حياة كل هؤلاء المدنيين زجت في "جهاد" وهمي لصالح قوى سياسية وليس لأغراض دينية. غياب الوعي الحقيقي وغلبة المصالح الضيقة هي من قادت تلك التيارات إلى العبث بأرواح المدنيين واللعب بمقدراتهم. التاريخ يقدم لنا نماذج جميلة يجب توظيفها لنشر الوعي بحقيقة الإسلام وتعريف الأجيال الجديدة التي قد تنجذب إلى تقليد ما تراه أو تحاول أن تفسره على أنه من تعاليم الإسلام الجهادية بينما الواقع هو عكس ذلك.

الثقافة والحضارة الإسلامية تقدم لنا نماذج متميزة ورائعة أخرى عن الكيفية التي هذب الإسلام نفوس من دخل فيه.

فهؤلاء المغول التتار الذين أحرقوا مكتبة "بيت الحكمة" في بغداد في القرن الثالث عشر ميلادي ورموا المخطوطات ونفائس المكتبة في نهر دجلة حتى اسود لونه قد تركوا لنا أعظم صروح المسلمين في تاريخنا الحديث ألا وهو تاج محل الذي هو رمز للحب الخالد والوفاء وقيم إسلامية خالدة.

في هذه المرحلة يأتي دور علماء الدين المعتدلين والإعلام الهادف الذي يجب أن يقدم المعلومة الصحيحة والهادفة وينشر الوعي بحقيقة الإسلام وتعاليمه الحقة.

فعلى علماء الدين يقع دور مهم ألا وهو نشر الوسطية والتأكيد عليها فهي السبيل إلى تعزيز روح المسؤولية والانتماء بين الناس على مختلف شرائعهم وخلفياتهم وحماية الشباب من الوقوع في براثن الغلو والتطرف. أما الإعلام فعليه الدور الأكبر.

إعلامنا يجب أن يقوم بدور الراعي للوسطية والناشر للوعي بحقيقة الإسلام وتعاليمه الحياتية البعيدة عن التشدد والغلو. فالإسلام ليس فقط عبادات بل أسلوب حياة اجتماعية ومدنية وقوانين حياتية رائعة وتعاون مع الآخرين لبناء مجتمع يسوده الحب والعمل الصالح لخير البشرية جمعاء.

هذه القضايا يجب أن تكون من ضمن أجندة إعلامنا الجدي حتى يتم التعامل مع هذه القضية بكل جدية. فقضية التطرف والغلو بين الشباب يجب أن تخضع للاحتواء لأنها قضية لا تمس فقط أمننا القومي ولكنها تمس لب ثقافتنا الاجتماعية المستقبلية.