حان وقت التساؤل وبصدق شديد: هل نحن حقاً مسلمون؟ هل لنا حق شرف الانتساب لدين عظيم كالإسلام، أم أنه أصبح بالنسبة لنا عرفاً أكثر منه ديناً ونظام حياة شاملا لكل تفاصيل البشر اليومية؟ إذا قلنا إن الإسلام دين نعتنقه، فماذا طبقنا منه؟ نصرة المظلوم تعلمناها منه وغوث اللاجئ. علينا أن نتعلم أن بعضنا يعيش جاهلية تغلغلت في مفاصل يومه، فالأدب وحسن المعاملة ليسا سمة عربية فقط، بل هذه القيم تأتي ضمن جوهر الإسلام وحقيقته، حيث قال سيد البشر، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: إنه بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.
ننبهر بسهولة بديمقراطية الغرب وحياة الغرب ونأخذ من سكان الغرب سيئاتهم، فقد فتح البعض السجون ولم يطبق العدالة، وهناك من يعلن الالتزام بحقوق الإنسان، ونسي كم من الحقوق أمرنا بها الإسلام وأهدرناها. ونحن لن نتعلم أن سكان الغرب ما وصلوا إلى ما هم عليه إلا بعد آن طويل من محاسبة النفس وتطويرها، واعتبار أن الإنسان هو الأول والأهم في كل شيء.
ففي الغرب يعاملون البشر سواسية كأسنان المشط كما علمنا رسولنا عليه الصلاة والسلام، لكن في العالم الإسلامي هناك من يضع البشر ضمن تصنيفات عديدة، ويجعلون لهم جداول يتدرجون ضمنها. والبعض لم يراعي حرمة الفكر الحر، ولا يدرك أن الاختلاف يعني الثراء والتنوع في الحياة اليومية، ويبرز نجاحات في كافة الأصعدة.
الرأي حر، والفكر كذلك، والإسلام لم يقاض إنساناً على رأيه، ذلك لأن الإسلام أوسع وأعمق من أي زاوية نحشر فيها الآخر، ونسلط عليه سوط الغضب والاتهامات. البعض لن يفهموا الإسلام بكل تفاصيله بعد، ولم يرتدوا ثوب الغرب ولم يحققوا خطوات للأمام، إلا في كثرة الجدل والمراء واتهام الآخرين الذين يختلفون معهم، ناهيك عن الأخلاق التي نراها كل يوم في الشارع، وحالة الغضب التي تنتاب البعض دون أسباب منطقية.
وهناك من لا يطبق أبسط تعاليم الإسلام في الحياة اليومية، وثمة من يدّعي بأن الإسلام دين متشدد. وكثيرون لم يبحثوا عن حقيقة هذا الدين خارج الصلاة اليومية، وصيام رمضان، لذلك بعضهم يُعجب بالغربي المسلم الذي يعرف الإسلام أكثر منهم، ويدافع عنه أكثر منهم، ويطبقه أكثر منهم.
وحتى عندما ذهب البعض نحو فكر ليبرالي متحرر، جعلوه ضمن إطار مصالحهم، وأهدروا حقوق الآخرين في حرية معتقداتهم، فلا هم فهموا الليبرالية، ولا عرفوا كيف يمارسونها كأسلوب حياة، بل أصبحوا عبئاً عليها وعلى مكوناتها الفكرية التي تتمحور أساساً في حرية الأفكار وحق الآخرين في أي رأي يعتنقه. هؤلاء لم يفهموا المواطَنة كحقوق وواجبات، ولم يتعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطال الجميع ودون استثناء.
وهؤلاء عندما يدّعون الليبرالية أو العلمانية أو الإسلام ويدافعون عن أفكارهم ويصادرون حق الآخرين في إبداء آرائهم، فإنهم بهذا يشوهون إنسانيتهم، ويقلبون معاني التواصل مع الآخرين مهما كان الاختلاف.
ـ ــ ــ
كاتبة إماراتية