أحدث الأخبار
  • 01:37 . حصة يومية للغة العربية لرياض الأطفال في أبوظبي... المزيد
  • 01:36 . الحوثيون: 4 قتلى و67 جريحاً في غارات إسرائيلية على صنعاء... المزيد
  • 01:34 . السودان.. البرهان يتوعد بإسقاط التمرد والجيش يحبط هجمات للدعم السريع في الفاشر... المزيد
  • 01:01 . فرنسا تستدعي سفير أمريكا لانتقاده تقاعسها بمكافحة معاداة السامية... المزيد
  • 12:57 . مجلس الأمن يصوّت على تمديد مهمة اليونيفيل بجنوب لبنان... المزيد
  • 12:55 . أبو شباب.. خيوط تمتد من غزة إلى أبوظبي في مشروع يستهدف المقاومة... المزيد
  • 10:38 . حملة مقاطعة "شلة دبي" تتحول إلى صرخة ضد التفاهة وصمت المشاهير عن غزة... المزيد
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد

الصبر مفتاح الفرج

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 24-12-2014

في عام 1649 أعدم البرلمان الإنجليزي الملك شارلز الأول بعد أعوام من الحرب الأهلية الناتجة عن معارضة البرلمان لقرارات الملك رفع الضرائب وحل البرلمان، تلى ذلك تحول بريطانيا لأول «وآخر» مرة في تاريخها الممتد إلى جمهورية ليتولى رئاستها أوليفر كرومويل، هذا الأخير ورث جمهورية أتعبتها الحرب الأهلية، وما إن تولى الحكم حتى قام بممارسات أسوأ من سلفه الملكي وكان عهده من أسوأ العهود في التاريخ البريطاني الحديث، المشكلة لم تكن في كرومويل بحد ذاته المشكلة كانت في التحول المفاجئ من الملكية إلى الجمهورية والذي لم يترك مجالاً لنمو طبيعي لمؤسسات الدولة تستطيع معه التجاوب مع الحالة الجديدة، الحاكم الجمهوري الجديد لم يكن أمامه إلا طريق الدماء للحفاظ على وحدة الأراضي تحت تاج الجمهورية، ولم يتوان في ذلك.
ما إن مات الطاغية الجمهوري حتى اتخذ البرلمان قراراً غريباً، أرسل البرلمانيون إلى ابن ملكهم الذي أعدموه قبل أعوام قليلة يطلبون منه العودة إلى لندن ليتقلد الحكم كملك جديد لبريطانيا، لماذا؟ رأى البرلمانيون أن حالة التغيير المفاجئ التي نتجت عن التحول إلى الجمهورية لم تجلب لهم ما كانوا يطمحون إليه من عدالة اجتماعية واستقرار وازدهار، فقرروا العودة خطوة للوراء ولكن، لم يعودوا المشوار كاملاً، فمع الملك الجديد الذي جاء بقرار برلماني أصبح البرلمان مصدر الشرعية للملك وصار يجتمع بصفة دورية ويأخذ الملك برأيه في قضايا الدولة، واستمرت الإصلاحات التدريجية في نظام الحكم البريطاني حتى بلغت شكلها الحالي عام 1918 بتمرير قانون المشاركة الشعبية الشامل لكل فئات المجتمع.
احتاج البريطانيون قروناً حتى يصلوا إلى ديمقراطيتهم الحالية ولكن قصتهم أقل دموية بكثير من قصة جيرانهم الفرنسيين الذين خاضوا غمار ثورتين مات فيهما مئات الآلاف وعاشوا حالة من الفوضى استمرت لقرابة المئة عام ليصلوا في النهاية إلى ذات النتيجة التي وصل إليها البريطانيون وفي الوقت نفسه تقريباً، كلا البلدين مر بالتحول الديمقراطي بكافة أبعاده، ولكن ما دفعته فرنسا للوصول إلى هدفها كان أكثر بكثير مما دفعته بريطانيا.
منذ انطلاقة الربيع العربي احتدم النقاش حول الطريق الأمثل للإصلاح السياسي في العالم العربي، ورأينا معاً النماذج المختلفة تصعد وتسقط، شاهدنا صعود الإسلاميين في مصر وتمسكهم بالوصول إلى السلطة عبر آليات الديمقراطية ثم الانقلاب الدموي عليهم وآلاف الضحايا في رابعة وغيرها، وشاهدنا جثة معمر القذافي مضرجة بالدماء في ليبيا لتقوم بعدها حرب أهلية ممتدة حتى اليوم، وشاهدنا الشعب السوري يقدم مئات آلاف الشهداء في ثورة مسلحة متعددة الجبهات، شاهدنا اليمن يتأرجح بين التنازلات المتكررة من قوى الثورة حتى أصبح تحت رحمة الحوثيين، وأخيراً شاهدنا تونس كيف سقط فيها النظام ليعود رموزه إلى نظام جديد.
ماذا حدث في تونس؟ عرف الثوريون هناك أنهم أمام خيار صعب، مؤامرة أكبر من تونس تهدف إلى إسقاط كل ثوري يصل إلى سدة الحكم، اقتصاد متضعضع بفضل الدولة العميقة وحلفائها في الخارج وحدود مهددة مع الوضع المتوتر في مصر وليبيا، في النهاية كان قرار حركة النهضة الفصيل السياسي الأكبر من فصائل الثورة التونسية هو أخذ خطوة إلى الوراء كما فعل الإنجليز مع ملكهم، فحركة النهضة بعد أن أسست مع شركائها لدستور جديد يكفل الحريات والديمقراطية، ومؤسسات دولة جديدة يحكمها القانون، فضلت أن تتراجع تاركة المجال لرجال النظام السابق للعودة إلى القصر الرئاسي، الفرق بين ما حدث في بقية الأقطار وما حدث في تونس هو أن تونس أسقطت النظام ثم أسست نظاماً جديداً، هي محطة الثورة الوحيدة التي أوجدت نظاماً يتماشى وأهداف الثورة وبالتالي لم يعد مهماً من يصل عبر الصندوق، النهضة اليوم كتلة المعارضة الأكبر في البرلمان وقادتها في الميدان والمجال أمامهم مفتوح لتصحيح المسار متى انحرف، لم تتصلب النهضة في الحكم فلم تترك مجالاً لخصومها للانقلاب عليها أو التخلص من رموزها.
تجربة شبيهة حدثت في المغرب عندما قبل حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة رغم علمه بأن صلاحيات الملك الواسعة ستكون عائقاً أمام تحقيق طموحات الشعب ولكن النقلة حدثت هناك من وزير أول معين إلى رئيس حكومة يمثل حزب الأغلبية في البرلمان وهذا التغيير يصعب على النظام التراجع عنه اليوم، التغيير المرحلي في النموذج البريطاني احتاج وقتاً طويلاً ولكنه جاء بتكلفة رخيصة ونظام مستقر ويبدو أن الطريق الأمثل المتاح للمطالبين بالإصلاح في عالمنا العربي اليوم هو القبول بالمكتسبات الجزئية والصبر في سبيل مشروع طويل الأمد للإصلاح السياسي.