أحدث الأخبار
  • 01:37 . حصة يومية للغة العربية لرياض الأطفال في أبوظبي... المزيد
  • 01:36 . الحوثيون: 4 قتلى و67 جريحاً في غارات إسرائيلية على صنعاء... المزيد
  • 01:34 . السودان.. البرهان يتوعد بإسقاط التمرد والجيش يحبط هجمات للدعم السريع في الفاشر... المزيد
  • 01:01 . فرنسا تستدعي سفير أمريكا لانتقاده تقاعسها بمكافحة معاداة السامية... المزيد
  • 12:57 . مجلس الأمن يصوّت على تمديد مهمة اليونيفيل بجنوب لبنان... المزيد
  • 12:55 . أبو شباب.. خيوط تمتد من غزة إلى أبوظبي في مشروع يستهدف المقاومة... المزيد
  • 10:38 . حملة مقاطعة "شلة دبي" تتحول إلى صرخة ضد التفاهة وصمت المشاهير عن غزة... المزيد
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد

الخروج من عبثيات الهويات المتناقضة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 25-12-2014

في ندوة عقدت في بيروت مؤخراً جرى الحديث عن الهوية العربية: تاريخها، تعريفها، مكوناتها، علاقتها بالهويات الفرعية الأخرى.
الواقع أن هذا الموضوع يجب أن ينظر إليه بطريقة مبسطة، فلا يعقد أو يفلسف ليصبح عصياً على استيعابه من قبل المواطن العربي العادي، ولاينقل إلى ساحة الثنائيات العربية الشهيرة التي تصر على تضاد الأشياء والأفكار بدلاً من تكاملها . والنتيجة أن ننتهي إلى الدوران حول الموضوع عبر القرون دون أن نستقر على شيء نهائي، تماماً كما فعلنا بثنائيات من مثل الأصالة / المعاصرة، الدين / العلم، القومية / الوطنية . . . الخ . . .
واقع الحياة يقول إن كل إنسان يرتبط بعدة هويات، وليس بهوية واحدة . هناك هويات مثل الدين والمذهب والعائلة والقبيلة والإيديولوجية السياسية والأصول العرقية واللغة والثقافة، والكثير غيرها . إذاً فالتعددية في الهوية هي جزء من الاجتماع البشري .
عندما ننقل مشهد التعددية من واقع الفرد إلى واقع الأمة تصبح كل تلك الهويات هويات فرعية أو جزئية لأنها هويات تتعلق بفرد أو بمجموعة أفراد . هنا يتطلب واقع الأمة أو المجتمع أن توجد، إضافة إلى الهويات الجزئية، هوية جامعة مشتركة يتمسك بها جميع أفراد الأمة والمجتمع .
القضية الأساسية لا تكمن في تعددية الانتماء لهويات فرعية، وانما تكمن في إصرار البعض على عدم تعايشها مع بعضها بعضاً من جهة وإلى تفضيل البعض لهوية فرعية، التي تخص وتخدم جزءاً من الأمة، على الهوية الجامعة المشتركة التي تخص وتخدم كل الأمة . مثلاً أن تكون وطنياً محباً لوطنك العربي الصغير ومراعياً لكل مصالحه، أو أن تكون منتمياً لمذهب ديني دون تزمت أو مشاعر طائفية، فإن ذلك يعني التزامك الأخلاقي المسؤول تجاه الوطن أو المذهب وهو دليل على حيويتك الاجتماعية والإنسانية .
لكن أن تسمح بأن تقدم مصلحة الوطن الصغير أو مصلحة الطائفة على حساب مصلحة الوطن الكبير أو الأمة فهذا يعني إعلاء المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وتفضيل للجزء على الكل .
لا ينشغل الناس بالحديث عن الهوية الجامعة إلا عندما يسعون إلى بناء أمة . مبررات وضرورات بناء الأمة الواحدة، وبالتالي الوطن الكبير الواحد، تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر . بالنسبة للأمة العربية لا يحتاج الإنسان إلى أن يفتش عن المبررات الوجودية لضرورة، بناء هذه الأمة الموحدة . فلقد أدى تقسيمها وتجزئة وطنها وتفتيت مجتمعاتها وإعلاء الهويات الجزئية لبعض فئاتها على الهوية الجامعة . .أدى كل ذلك إلى تسلط قوى الاستعمار بأشكال مختلفة على كل جزء منها وبالتالي استباحة كل ثرواتها، وأدى الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة إلى منعها من بناء قوتها الذاتية والتركيز على تنمية الاقتصاد والسياسة والعلم في مجتمعاتها، وأدت المصالح الفئوية الداخلية إلى التناحر الدائم فيما بين أجزائها، وأدى كل ذلك في النهاية إلى بقائها ضعيفة متخلفة عن ركب حضارة العصر .
هكذا وضع بائس لا يمكن مواجهته إلا بجهود أمة موحدة، إن لم يكن في الواقع الجغرافي الواحد، فعلى الأقل في الواقع النضالي الواحد ضد أعداء الخارج المتكالبين عليها وضد أعداء الداخل الذين يتفرجون على عذاباتها وأحزانها وانسداد أفق مستقبلها .
من هنا تكمن الأهمية القصوى لجهود المفكرين والكتّاب والإعلاميين وقادة المجتمع المدني وشباب الأمة من أجل تعريف ونشر ودعم مفهوم الهوية العربية الجامعة ومن أجل توضيح دروب إمكانية تعايش الهويات الفرعية مع بعضها بعضاً من جهة ومع الهوية الجامعة المشتركة من جهة أخرى .
لن يكون ذلك بالسهل، فالتاريخ يعلمنا أن الهويات المشتركة تنتعش في فترات الانتصارات في ملاحم الأمم الكبرى وتخفت وتضعف في فترات الهزائم التي تحيط بالأمة من كل حدب وصوب، كما هي الحال بالنسبة لأمة العرب .
لكن التاريخ يعلمنا أيضاً أنه لا يوجد قدر ثابت مكتوب على أية أمة . إنني شخصياً واثق أن تغيير قدر الأمة العربية قد بدأ منذ أربع سنوات عندما أطلت بشائر ربيع عربي مبهر .
أن يواجه الربيع عواصف مفاجئة أو أن تموت زهور من هنا أو هناك فهذا لا يعني إلا استراحة الطبيعة المؤقتة لتعاود حيويتها وألقها وسيرورة مسارها الطويل .
المطلوب ألا يبقى موضوع الهوية العربية الجامعة، هوية العروبة، موضوع سجالات عبثية لا تؤدي إلا إلى إدخال الأمة في دوامة من المشاعر والأحلام والآمال المتناقضة المتصارعة . هناك حاجة لطليعة تعمل ليل نهار لمنع وصول الأمة لتلك الحالة وإدخال السرور إلى قلب الصهيونية والاستعمار والاستبداد الأناني المتخلف .