أحدث الأخبار
  • 11:35 . الاحتلال يواصل اغتيال صحفيي غزة وسط إدانات دولية واسعة... المزيد
  • 01:37 . حصة يومية للغة العربية لرياض الأطفال في أبوظبي... المزيد
  • 01:36 . الحوثيون: 4 قتلى و67 جريحاً في غارات إسرائيلية على صنعاء... المزيد
  • 01:34 . السودان.. البرهان يتوعد بإسقاط التمرد والجيش يحبط هجمات للدعم السريع في الفاشر... المزيد
  • 01:01 . فرنسا تستدعي سفير أمريكا لانتقاده تقاعسها بمكافحة معاداة السامية... المزيد
  • 12:57 . مجلس الأمن يصوّت على تمديد مهمة اليونيفيل بجنوب لبنان... المزيد
  • 12:55 . أبو شباب.. خيوط تمتد من غزة إلى أبوظبي في مشروع يستهدف المقاومة... المزيد
  • 10:38 . حملة مقاطعة "شلة دبي" تتحول إلى صرخة ضد التفاهة وصمت المشاهير عن غزة... المزيد
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد

التضحية وحدها لا تكفي!

الكـاتب : سلمان العودة
تاريخ الخبر: 04-01-2015

إن العالم الإسلامي يتعرض لهيمنة الأقوياء واستحواذهم في غالب مواقعه، وعزة المسلم وأنفته لا تسمح له بأن يغضي على القذى، وفي الوقت ذاته فإمكانيات شاب عادي وقدراته الذهنية والعقلية والتربوية والمعلوماتية لا تمكِّنه من مضارعة هؤلاء ومنافستهم في شؤون الحياة ومنافستهم، ولا يجد البيئة الحاضنة التي تمنحه الفرص المتنوعة، فيتجه إلى خيار واحد، حيث يجد القوة والاستعداد في المقاومة.
ومع أننا لسنا في مقام منافسة ولا مقاربة مع كثير من شعوب العالم، إلا أننا في مقام التضحية نَبُزُّ هؤلاء جميعاً، وهذا جانب من جواب القوة والعظمة في الأمة، لكن ينبغي أن نضبط هذا الجانب بحيث لا يتحول إلى مسلك من العدمية، والبحث عن الموت بذاته، وأن ندرك أن التضحية وحدها لا تصنع مشروعًا، ولا تُقيم بناءً، ولا تبني حضارةً.
- مؤلم أن عطاء المسلم في مجال بناء المجتمع أو التصنيع والتقنية أو الاقتصاد أو الإعلام أو السياسة أو الأسرة أصبح ضعيفاً، وبالتالي يجد نفسه في جانب التضحية والموت أكثر مما يجدها في جانب الحياة..
إن التضحية إنما هي من أجل البناء، فإذا غلب جانب التضحية على جانب البناء، فقد تفوَّق الفرع على الأصل، والسبب على النتيجة!
- التفكير العسكري يسيطر حتى حينما نتحدث عن الصناعة والإعداد، فلا يذهب الذهن إلا إلى القوة العسكرية فحسب، وكأن الحياة كلها معركة، لا يهدأ أوارُها!
وننسى قوة المعرفة التي هي أساس التفوق، وقوة الاقتصاد، وقوة الإعلام المؤثِّر في عقول الأجيال، وقوة التربية والتعليم، وقوة الوحدة والتنسيق بين المكونات المختلفة!
- لدينا مشاريع فدائية عديدة، لكن كم لدينا من مشروع اقتصادي، أو تقني، أو إعلامي، أو دعوي، أو اجتماعي؟
وفي كل نموذج من هذه الأمثلة نجد عشرات القصص للأنبياء والصحابة والأئمة عبر التاريخ مما تزدحم به كتب السير..
- الموت حافز للفعل والمبادرة وملء الحياة بالعمل والإنجاز والبصمة المؤثِّرة، وكما قيل:
وكن رجلًا إن أتوا بعده *** يقولون: مرَّ وهذا الأثر!
أما الحديث عن الموت، كما يفعل بعض الوعاظ الذين يطيلون في وصف الفناء، وماذا يفعل الدود في الجسد، وكيف تبلى الرِّمم، فهو مما يصنع الكآبة، ولا يساعد على طاعة، ولا عبادة، ولا عمل، وليس هو من هدي الأنبياء، ولا من عمل الصالحين، ولا طريقة السلف الأولين.
إن الحياة تكليف وتشريف وتكريم لآدم، ولـمَن بعده من الذرية.
- وإذا كان الجهاد أحد شرائع الإسلام العظيمة، فهو معنى واسع، وليس بابًا واحدًا.
والمجاهد المقاتل قد يرجع بالأجر والمغنم..
وقد رأى الصحابة -رضي الله عنهم- رجلاً شديداً يمشي، فقالوا: يا رسولَ الله، لو كان هذا في سبيلِ الله! فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن كان خرجَ يَسْعَى على وَلَدِهِ صِغَارًا، فهو في سبيلِ الله، وإن كان خرجَ يَسْعَى على أبوَيْن شيخينِ كبِيرينِ، فهو في سبيلِ الله، وإن كان يسعَى على نفسه يُعِفُّهَا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً، فهو في سبيل الشيطانِ». (أخرجه الطبراني في «الكبير» من حديث كعبِ بن عُجْرَةَ رضي الله عنه، وأخرجه البيهقي، وفي «شعب الإيمان» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما).
وسأله رجلٌ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس خيرٌ؟ فقال: «مَن طالَ عمره، وحسُنَ عمله».
وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المؤمنَ لا يزيدُه طولُ العمر إلا خيراً» (أخرجه أحمد، وهو حديث حسن).

وعن طلحة بن عُبيد الله رضي الله عنه، أن رجلين قدما على رسول الله، فأسلما معًا، وكان أحدهما أشد اجتهادًا، فغزا فاستشهد، ثم توفي الآخر بعده بسنة، قال طلحةُ: فرأيتُ في المنام بينا أنا عند باب الجنة، فخرج خارج فأذن للآخر، ثم خرج فأذن للشهيد، ثم قال لي: ارجع، فإنه لم يأنِ لك. فتعجبنا وسألنا رسولَ الله، فقال: «من أي ذلك تعجبون؟ أليس مكث بعده سنة؟ وأدرك رمضانَ، وصلَّى كذا؟ فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض» (أخرجه أحمد، وابن ماجه، وأبو يعلى، وابن حبان، والبيهقي، والضياء، وهو حديث صحيح).
فما بالك لو عاش بعده عشر سنين، أو عشرين سنة؟
في الجانب التعبدي المحض جانب القرب، التي هي علاقة العبد بربه من المحافظة على الصلوات والأذكار والسجود، يقول النبي -صلى عليه وسلم-: «إذا قرأ ابنُ آدمَ السجدةَ، فسجدَ، اعتزلَ الشيطانُ يبكي، يقولُ: يا وَيْلَه-وفي رواية: يا وَيْلي- أُمرَ ابنُ آدمَ بالسجود فسجدَ، فله الجنةُ، وأمرتُ بالسجود فأبيتُ، فلي النارُ» (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
احسب كم سجد أخوه المتأخِّر في اليوم من مرة؟
كم سجد في الأسبوع؟
في الشهر؟
في السنة؟
في عشر سنوات؟
هذا كله فات على الذي رحل عن الحياة.
الكلمة التي لو وُضعت في كِفَّة، والسماوات والأرض في كِفَّة، لرجحت بهن: «لا إله إلا الله»، كم يستطيع الإنسان أن يقولها في اللحظة الواحدة والدقيقة الواحدة؟ فضلًا عن اليوم؟ وهو مضطر أن يقولها في الصلاة، وفي مناسبات كثيرة.
الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، التسبيح، التحميد، الاستغفار، التهليل، الشكر، حتى الكلمات التي يقولها الإنسان بعفوية، أن يقابل أخاه ويسلِّم عليه، فهذا فيه ثلاثون حسنة، و«السلام اسمٌ من أسماء الله تعالى»، ودعاء لأخيك المسلم، فإذا قال: ورحمة الله وبركاته، يكون ذكر الله ست مرات بهذا الكلام العفوي.
- الذي يحدث في حياتنا وسلوكنا من الخطأ والتصحيح والذنب والتوبة جزء من الحكمة والرحمة، والله قد يخلي بينك وبين الذنب لحكمة..
والموت انقطاع: «فإذا مات ابنُ آدمَ انقطع عمله»، وفات عليه أوان التوبة، فالله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.