أحدث الأخبار
  • 11:35 . الاحتلال يواصل اغتيال صحفيي غزة وسط إدانات دولية واسعة... المزيد
  • 01:37 . حصة يومية للغة العربية لرياض الأطفال في أبوظبي... المزيد
  • 01:36 . الحوثيون: 4 قتلى و67 جريحاً في غارات إسرائيلية على صنعاء... المزيد
  • 01:34 . السودان.. البرهان يتوعد بإسقاط التمرد والجيش يحبط هجمات للدعم السريع في الفاشر... المزيد
  • 01:01 . فرنسا تستدعي سفير أمريكا لانتقاده تقاعسها بمكافحة معاداة السامية... المزيد
  • 12:57 . مجلس الأمن يصوّت على تمديد مهمة اليونيفيل بجنوب لبنان... المزيد
  • 12:55 . أبو شباب.. خيوط تمتد من غزة إلى أبوظبي في مشروع يستهدف المقاومة... المزيد
  • 10:38 . حملة مقاطعة "شلة دبي" تتحول إلى صرخة ضد التفاهة وصمت المشاهير عن غزة... المزيد
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد

المثقف في الدولة العربية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 08-01-2015

يدخل المثقف العربي الآن في الحقبة الرابعة من تاريخ الأدوار التي لعبها في الدولة العربية الحديثة . في الحقبة الأولى، مباشرة بعد الاستقلال من الاحتلال الاستعماري، لعب دور المدافع عن مبادئ وتطبيقات السياسة الليبرالية بما تأتي به من ديمقراطية دستورية مشابهة إلى حد كبير للممارسة الليبرالية الأوروبية . لقد كانت حقبة افتتان العبد المتحرر الجديد بأطروحات سيده القديم . إبان تلك الحقبة لعب المثقف دور الموجه والمجدد، وكان دوراً مقدَّراً ومحترماً من قبل العامة .
في الحقبة الثانية، عندما صعد نجم الدولة العربية الوطنية الشعبوية بشعاراتها القومية الثورية واليسارية، انغمس المثقف بكليته في النضال السياسي وحاول أن يلعب دور المثقف العضوي الغرامشي الملتزم بقضايا أمته ووطنه . في هذه الحقبة اقترب المثقف من السلطة إلى حد خطر وتناغمت أدواره مع أهداف السلطة إلى حدود الذوبان في داخل كؤوسها . وعندما وعت العامة أخطاء وخطايا الدولة الشعبوية انعكس ذلك سلباً على نظرة العامة للمثقف العربي ومكانته .
في الحقبة الثالثة، التي أعقبت تراجعات الدولة الوطنية الشعبوية، والتي حلت محلها الدولة المرتبطة بمشيئة الخارج سياسياً، والمتبنية لليبرالية الاقتصاد الرأسمالي العولمي المتوحش المنفلت من الالتزامات الاجتماعية، ضعف دور المثقف العربي الذي رأت فيه تلك الدولة المنخورة بالفساد مصدر إزعاج ونقد لتوجهاتها في السياسة والاقتصاد . إبان تلك الحقبة تهمش دور المثقف العربي العضوي، خصوصاً بعد أن نجحت بعض قوى الحكم في تبني إيديولوجيات مغوية تستهوي الطبقة المتوسطة الميسورة، الأمر الذي جعل المثقفين من تلك الطبقة ينبرون لترويج تلك الإيديولوجيات التي في محصلتها تسوغ تحكّم القلة في كل أنواع الثروة والوجاهة والامتيازات وتسوغ ارتباطاتها النفعية بالخارج على حساب الاستقلال الوطني والقومي . إبان تلك الفترة كانت الاحتجاجات مسموح لها، مهما كان صوتها عالياً، طالما أنها كانت لا تؤدي إلى إزاحة أحد أو تغيير وضع .
اليوم، بعد ثورات وحراكات الربيع العربي، بانتصاراته وهزائمه، تدخل الدولة العربية، ومعها المثقف العربي، حقبة رابعة، بالغة التعقيد والمخاطر . بعد الحقبة الثالثة التي همش فيها المثقف العربي واستسلم للعب دور المتفرج، وأحياناً الانتهازي الزبون، تطرح الحقبة الرابعة على المثقف العربي سؤالاً لا مفر منه: أي دور يجب أن يلعبه المثقف العربي إبان هذه الحقبة المملوءة بالغموض والمفاجآت والآمال واليأس؟
يحتاج هذا السؤال إلى أن يجاب عنه من قبل المثقفين العرب، وفي اعتقادي أن الإجابة يجب أن تأخذ الآتي في الاعتبار:
أولاً: هناك توجُه جديد لدى الكثير من الدول العربية للاعتماد في الخارج على شركات ومراكز العلاقات العامة، خصوصاً الغربية منها، وفي الداخل على شبكات إعلامية رسمية أو خاصة مشتراة، من أجل تسويق شرعية وصحة إيديولوجياتها في السياسة والاقتصاد . وهي في هذه الحالة تشعر بأنها ليست في حاجة للمثقف كما كان الحال في الماضي .
هذه التوجهات الجديدة، مع التهميش الذي تميزت به الحقبة الثالثة، يجعل المثقف العربي خارج السلطة وخارج الشعب، وهو وضع بالغ السوء بالنسبة إلى لعب دوره التاريخي في نهضة مجتمعه .
ثانياً: في ضوء ذلك، فإن هناك حاجة ملحة لتأسيس علاقة جديدة متينة بالشعب، خصوصاً بشبابه وشاباته . وهي علاقات تحتاج إلى أن تبنى على أسس إبداعية جديدة تأخذ في الاعتبار الإفرازات الشعورية والتغيرات النفسية عند الجماهير التي حملتها نسائم الربيع العربي منذ أربع سنوات .
في الماضي كثر الحديث عن تجسير الفجوة بين المثقف العربي والسلطة، أما الآن، فبعد ما طرحته جموع غفيرة من الشعب العربي في ميادين أكبر العواصم العربية من شعارات وأحلام وتطلعات، فإن تجسير الفجوة بين المثقف العربي والشعب يجب أن تكون له الأولوية .
ثالثاً: في ضوء تجارب الماضي يحتاج المثقف العربي إلى أن يحتفظ بمسافة معقولة بينه وبين السلطة تسمح له بقدر ضروري من الاستقلالية في التحليل والنقد والمساهمة في إنتاج فكر يتطور باستمرار . هذه المسافة لن تعني العيش في صراعات ومماحكات مع سلطة الدولة وإنما لممارسة الحرية التي من دونها لن يوجد فكر إبداعي مفيد .
رابعاً: إن كل ذلك يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع وجود فئة خاصة من المثقفين التي تركز على توليد وحمل المعرفة اللازمة لصياغة رؤية عربية جديدة للعالم وللمجتمع العربي وللإنسان العربي تقترح بديلاً عن الوضع القائم المتردي الذي تعيشه الأمة حالياً بسبب تكالب المحن والإحن على مسيرة الربيع الذي أرادته لنفسها منذ أربع سنوات . إنها انحياز للحقيقة بدلاً من الانحياز لمطالب القوة والعبث السياسي . إنها حمل لمهمة خلق المستقبل وليس فقط الاكتفاء بتحليل ونقد ما يجري في الحاضر .
لن تكون مهام المثقف العربي في الحقبة الرابعة سهلة، ولكنه قدر يجب أن يقبله ويحمل مسؤولياته .