ونتنياهو لم يخف مثل هذه التوجه، بل قالها بوضوح: ليس هناك دولة لفلسطين، والقدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية، والتوسع الاستيطاني سوف يستمر. وهو كما وصفته «هآرتس» (19 - 03 - 2015)، «رجل كذاب لأنه لا يحترم الكلمة المكتوبة بما في ذلك الاتفاقات الدولية، وطوال سنوات قام بتضليل العالم عن طريق عروض فارغة من الخطابات حول الدولتين، بينما كان يقوم بتشجيع البناء في المستوطنات»، ولعل الكاتب الإسرائيلي «الوف بن» (هآرتس 19 - 03 - 2015) كان أكثر توصيفاً ودقة عندما قال: «لأن نتنياهو عرض على ناخبيه كراهية العرب ومعارضة الانسحاب من المناطق المحتلة عام 1967 وأقنعهم بأنه قومي متطرف وعنصري أكثر من منافسيه فصدقوه وأثابوه بسخاء في صناديق الاقتراع». هناك إذن سياسة إسرائيلية شديدة التطرف قد تدخل المنطقة في حروب وحالة فوضى، لأنها استبدلت السلام بالمزيد من التطرف والاحتلال، ونحن بالفعل أمام تهديد صهيوني سيكون أشد خطراً، لاسيما اتجاه مفاوضات السلام بعد أن استفادت إسرائيل من موجة الاضطرابات التي أصابت الدول العربية ومحيطها المجاور، حيث إن كل ما كان يجري في المنطقة من أحداث كان يصب في مصلحة تقوية هذا الكيان وتطرفه.. فظهور «داعش» وصوت إيران العالي اتجاه إسرائيل، كانا من العوامل المهمة لتغذية التطرف الإسرائيلي وزيادته. وكذلك صوت إسرائيل العالي اتجاه إيران كان هو أيضاً في مصلحة التطرف والتمدد الإيراني في المنطقة، لاسيما بعد أن التقت الأصولية الصهيونية مع الأصولية الصفوية على «كره العرب»، كنوع من توازن الرعب في المنطقة. أعني بذلك أن النظامين يشكلان وجهين لعملة واحدة، وهي نشر الرعب والإرهاب في المنطقة.
ويبدو أن امتلاك الكيان الصهيوني للسلاح النووي، وسعي النظام الإيراني لامتلاك السلاح نفسه، فتح الطريق للمنطقة نحو كل الاحتمالات المدمرة، وسيكون هذا السلاح فزاعة لبث الرعب والخوف والإرهاب وخلق حالة من الفوضى والاضطراب تهدد السلم الإقليمي والعالمي بالخطر.
وكما يكره الصهاينةُ العربَ، تكرههم الصفوية أيضاً؛ فالمعادلة واحدة. وبعد تصريحات علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، الذي اعتبر العراق عاصمة لإمبراطورية إيران، خرج علينا «حسن زاده»، رئيس تحرير «وكالة مهر للأبناء» الإيرانية، بتصريحات متطرفة حيث قال: «آن الأوان كي يقول الشعب العراقي كلمته الأخيرة وكي يختار بين العروبة المزيفة الجاهلية وبين الإسلام وينفض تراب الذل العربي»! ثم أضاف: «العراق بحاجة إلى حلة جديدة بعيداً عن الكوفية والعقال والدشداشة»!
إن مفهوم الأمن الإقليمي وفق هذه الرؤية العنصرية المتطرفة سيعرض المنطقة للانفجار في أي لحظة، خاصة بعد أن رفع الحجاب عن الرؤية الجديدة للكيان الإسرائيلي والنظام الإيراني، وتبين أنهما من ينشر الإرهاب في المنطقة ويعمل على صناعة التخريب السياسي وافتعال الصدام الديني والطائفي والأمني والاقتصادي في المنطقة العربية بأكملها.