تحدثت السفيرة الأميركية لدى ليبيا ديبورا جونز عن طرابلس بتفاؤل حذر ينبع من ثقة كبيرة بالليبيين و"قدرتهم على التوصل إلى اتفاق وحكومة توافق". 

ويجري الليبيون مفاوضات حثيثية في الجزائر وسويسرا برعاية الأمم المتحدة للوصول اتفاق بين حكومة طبرق في الشرق المدعومة من الإمارات ومصر، وحكومة طرابلس في الغرب المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية فترة ولايته. 

 حديث "جونز" جاء لصحيفة "الحياة" في مكتبها في واشنطن، معتبرة أن "تعاضد الميليشيات" يشكل تحدياً بارزاً أمام أي حكومة مقبلة، وأبدت "أسفها لحكم الإعدام الصادر بحق سيف الاسلام القذافي".

كذلك عبّرت جونز عن قلق من النبرة الخطابية للفريق خليفة حفتر، وقالت: "كنا واضحين جداً بأن خطابه مثير للقلق، لجهة قوله إن الجيش لن يخضع للقوانين المدنية، وهذا أمر نعارضه بالكامل". ووصفت حفتر بأنه "شخص مثير للإشكال ورصيده موضع جدل".

واللوء حفتر هو قائد الثورة المضادة حسب وصف الثوار الليبيين، ويتلقى دعما مصريا وإماراتيا عسكريا وماليا علنيا وزار القاهرة وأبوظبي والعاصمة الأردنية عمان والتقى وفدا إسرائيليا وفق ما أفادت أنباء وتقارير إعلامية. 

ويعتبر وصف السفيرة الأمريكية لحفتر بهذا الوصف "موقف أمريكي" متقدم من حفتر الذي يسعى لإعادة ديكتاتورية القذافي وفق اتهامات الثوار له، ووفقا لما نقلته عنه السفيرة الأمريكية من رفضه لخضوع القوات المسلحة لسلطة حكومة مدنية ما يعني إقامة حكم عسكري لا يختلف عن نظام حكم القذافي والأسد ومبارك وعلي صالح وزين العابدين بن علي الذين قامت ضدهم ثورات بسبب الحكم العسكري الذي كانوا يطبقونه في بلادهم.

ويرى مراقبون أن نشر صحيفة "الحياة" السعودية للوصف الأمريكي لحفتر، قد يكون مؤشرا إلى نقطة خلافية جديدة بين الرياض من جهة وأبوظبي والقاهرة من جهة أخرى. وكان عبد الفتاح السيسي قد اقترح تشكيل قوة عربية مشتركة "لمكافحة الإرهاب" لمساعدة حفتر في القضاء على الثوار الليبيين، وفق اتهامات تشكيلات ثورية ليبية مختلفة.

وأشارت جونز التي عملت سفيرة لبلادها في ليبيا منذ 2013 إلى أن تشكيل مجلس الدولة وتوزيع صلاحياته ودوره "من بين النقاط العالقة في اتفاق الصخيرات. إلا أن الحوار هيأ لمجموعة مبادئ، لبناء دولة مدنية. وهذه المرة الأولى التي تتوصل ليبيا الى هكذا وثيقة" المنبثقة عن الحوار.

وأضافت أن هذه الوثيقة "ليست كتاباً أخضر ولا وثيقة دولية، بل ليبية كتبها ليبيون وتناقشوا حولها، وفيها خريطة طريق لحكومة توافق، لبناء الدولة". ورأت أن "الديموقراطية ليست هدفاً نهائياً بل مسار، ونعلم من تاريخنا أنها صعبة وعلى الليبيين أن يبنوا بيتاً لهم جميعاً".

وعن مسار المفاوضات، قالت هناك اليوم "مسودة رابعة وملحقات ونقاط صعبة ليس من المستحيل تخطيها مثل تشكيل مجلس الدولة، وكيفية اختيار أعضائه وماهية صلاحياتهم، وهل سيكون له فيتو أم لا؟". 

ورأت جونز أن "الليبيين يريدون نظاماً رئاسياً من دون سلطة مركزية قوية ويؤمنون بأن الشريعة مقبولة كأساس لدستورهم".

وحذرت جونز ممن وصفتهم بـ"الذئاب" قائلة، "الذئاب تحوم حول البيت الليبي وعلى الليبيين الاهتمام بأنفسهم، وحماية البيت". 

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما طالب دولا خليجية في مطلع العام الجاري أن تقوم بدور إيجابي في ليبيا. كما يتهم نظام السيسي على نطاق واسع بأنه له مطامع اقتصادية في النفط الليبي ولذلك يرجح مراقبون أن السفيرة الأمريكية كانت تحذر من العبث في مستقبل ليبيا وتعميق انقساماته ومن محاولات البعض السيطرة على ثوراته.

واعتبرت "جونز" أن الأزمة ليست ناجمة من مواجهة بين الشرق والغرب أو بين ليبراليين وإسلاميين، قائلة، "أنا أراها من منظار أكثر براغماتية، نتيجة لتلكؤ الحكومات في توزيع الثروات وتوفير الخدمات للمواطنين، والأمن والقانون والتجارة". ويرى مراقبون أن توصيف السفيرة الأمريكية ينطوي على جانب من الدقة حيث تتلكأ الحكومات في تطبيق العدالة الاجتماعية واتباع سياسات أمنية على حساب حقوق الإنسان وحرياته. ولكن يقول المراقبون، إن المشكلة ليست بين إسلاميين وليبراليين بقدر ما هي بين أنظمة قديمة وثورة الربيع العربي التي تسعى الأنظمة البوليسية القديمة للعودة مستغلة التيار الليبرالي العربي ضد الإسلاميين.