أحدث الأخبار
  • 12:57 . اعتقال رئيس بلدية معارض آخر في تركيا... المزيد
  • 12:56 . البرلمان الأوروبي يصوّت لصالح شطب الإمارات من قائمة مخاطر غسل الأموال... المزيد
  • 12:53 . "طيران الإمارات" تعلن استمرار توقف رحلاتها إلى إيران... المزيد
  • 10:59 . دمشق تجدّد رفضها للفيدرالية وتدعو الأكراد للانضواء في الجيش... المزيد
  • 10:57 . محمد بن راشد يطلق منظومة الأداء الحكومي الاستباقي عبر الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 10:55 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترف بمقتل جندي في غزة خلال محاولة أسره... المزيد
  • 10:54 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا من اليمن بعد أيام من هجمات على الحديدة... المزيد
  • 01:12 . غرق سفينة جديدة بالبحر الأحمر نتيجة هجوم للحوثيين... المزيد
  • 12:36 . الصحة الإيرانية: مقتل 700 مدني في الحرب مع "إسرائيل"... المزيد
  • 12:33 . الإمارات ضمن أكبر عشرة شركاء تجاريين للاتحاد الأوراسي عالميا... المزيد
  • 12:32 . "بلومبيرغ": الإمارات تمد نفوذها في محيط السودان بشبكة دعم لوجستي... المزيد
  • 12:29 . دمشق تنفي لقاء الشرع مسؤولين إسرائيليين في أبوظبي... المزيد
  • 12:02 . "التربية" تحدد ضوابط استرجاع الرسوم الدراسية عند انتقال الطالب من مدرسة خاصة... المزيد
  • 12:02 . "الإمارات للدواء" تعتمد أول علاج فموي عالمي لاضطراب نقص الصفيحات المناعي... المزيد
  • 12:01 . المبعوث الأمريكي يتحدث عن بقاء نقطة خلافية واحدة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:00 . ماكرون يدعو لإنهاء الاعتماد الأوروبي على أميركا والصين... المزيد

مأساة اللجوء بين السياسي والإنساني

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 08-09-2015

بثت وسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام القليلة الماضية صوراً مؤثرة لاستقبال اللاجئين في محطات القطار في مختلف المدن الأوروبية، يأتي ذلك بعد حادثتين مأساويتين راح ضحيتهما عشرات اللاجئين الفارين من جحيم الحرب في سوريا، تمثلت الأولى في العثور على شاحنة وقد قضى فيها 71 لاجئاً سورياً اختناقاً متروكة على قارعة الطريق وكان بينهم 4 أطفال أحدهم رضيع، والثانية كانت العثور على جثث الذين قضوا في البحر هرباً على شواطئ تركيا وبينهم الطفل إيلان الكردي الذي أشعلت صوره موجة التعاطف في أوروبا وحول العالم، اللاجئون بدؤوا التوافد إلى المدن الأوروبية المختلفة؛ حيث التزم الاتحاد الأوروبي باستقبال 120 ألف لاجئ جديد خلال العامين القادمين ليتوزعوا على دول الاتحاد، ولكن ما الذي دفع الحكومات الأوروبية إلى هذا التفاعل في ظل ارتفاع أصوات اليمين في أوروبا المعارض للهجرة واللجوء؟
دعونا نبدأ بخلفية سياسية لموضوع اللجوء في الاتحاد الأوروبي، اللجوء السياسي هو حق إنساني يكفله إعلان حقوق الإنسان الأوروبي ويقننه ملزماً كافة الدول الأعضاء بقبول اللاجئين حسب الأنظمة المنظمة لذلك والصادرة عن الاتحاد، وحسب هذه الأنظمة لا يحق لدول الاتحاد إلحاق الضرر بهؤلاء اللاجئين ويجب تقديم العون لهم ودراسة حالاتهم باعتبارهم طالبين للجوء، وقد شكل ذلك تحدياً اقتصادياً لهذه الدول؛ حيث يكلف اللاجئون الخزائن الأوروبية المختلفة المليارات سنوياً من خلال برامج الدعم والاحتواء، ولذلك بنت قوى اليمين الأوروبية برامجها على فكرة التخفيف من الهجرة واللجوء والحد من ارتفاع نسب المهاجرين السنوية، الكثير من الباحثين يشيرون إلى أن الأثر الاقتصادي لهؤلاء المهاجرين واللاجئين ليس سلبياً بالضرورة، بل على العكس أسهم اللجوء بالذات في توفير طاقات مدربة وذات كفاءة عالية في المجتمعات المتقبلة للاجئين، ولكن ذلك لم يقنع قوى اليمين التي وصل بعضها إلى سدة الحكم في الدول الأوروبية وبدأت حكومات هذه الدول في اتخاذ خطوات لتعقيد إجراءات الهجرة واللجوء بهدف الحد منها، واليوم يعكف الاتحاد الأوروبي على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية جديدة لاستحداث نظام مركزي للجوء السياسي في الاتحاد يضع حداً لتمايز الإجراءات، وتعدد طلبات اللجوء للشخص الواحد، ويبقى السؤال، لماذا في ظل هذه الحالة تتعهد أوروبا باستقبال هذه الأعداد؟
إذا تتبعنا بداية هذه القصة نجدها كانت مع العثور على الشاحنة في الحدود النمساوية ثم الكشف عن شبكة تهريب اللاجئين بين المجر والنمسا واكتشاف حالات متكررة للتعذيب والقتل والاستغلال البشع لحالة اليأس التي يعيشها اللاجئون على التراب الأوروبي، وفوراً تحركت قوى المجتمع المدني الأوروبية وتم توقيع العديد من العرائض لمطالبة الحكومات بالسماح لأعداد أكبر من هؤلاء اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم يومياً بدخول أوروبا حتى أن بعض الساسة الأوروبيين ومنهم رئيس الوزراء الفنلندي أعلن عن استعداده لاستضافة اللاجئين في مقر سكنه، كل ذلك كان نتيجة حراك اجتماعي منظم بدأ بقوى المجتمع المدني الفاعلة من جمعيات خيرية وحقوقية ومبادرات إنسانية، الأحزاب السياسية اليمينية وجدت نفسها في حالة اضطرار إلى الرضوخ لهذا الضغط الشعبي وقدمت التنازلات تلو التنازلات لتهدئة الشارع، فحتى حزب المحافظين البريطاني الذي دأب منذ تشكيل حكومة التحالف السابقة على التضييق على المهاجرين واللاجئين وجد نفسه مضطراً إلى الإعلان عن قبول بريطانيا أعداداً من هؤلاء اللاجئين ضمن الخطة الأوروبية، واليوم تقوم مؤسسات المجتمع المدني في أوروبا بتنظيم عملية استقبال وتسكين اللاجئين والمساهمة في توفير الدعم اللازم لتدعيم الجهود الحكومية الأوروبية.
لو تركت المسألة للحكومات الأوروبية لغضت الطرف عن اللاجئين لما يشكلونه من ضغط سياسي واقتصادي هم في غنى عنه في ظل الأزمة المالية المتجددة، ولكن الطبيعة الإنسانية للمجتمع المدني تجعله غير متأثر بالحجج السياسية أو البرامج الانتخابية، المجمتع المدني لذلك يكون الأقدر في حالته الطبيعية على مواجهة مثل هذه الحالات الإنسانية وإحداث التغيير رغماً عن الأجندات السياسية والمصالح المادية، وحيث إن العالم العربي فقير نسبياً في مؤسسات المجتمع المدني لأسباب أهمها: التضييق الرسمي ما زالت معظم الدول العربية غير مكترثة باللاجئين على حدودها مع غياب جهد منظم للضغط عليها لقبولهم ومن ثَمَّ المساهمة في التعامل مع احتياجاتهم.
وهنا يذكر كذلك الجهد الجبار الذي قامت به مؤسسات المجتمع المدني في تركيا في تدعيم القرار السياسي التركي بشأن استضافة مليوني لاجئ سوري، قوى المجتمع المدني هناك تقوم بما تعجز عنه بعض الدول في رعاية مواطنيها من خلال توفير احتياجات اللاجئين الغذائية والصحية والتعليمية، ومن خلال التواصل مع الساسة ورجال الأعمال لخلق حالة مناسبة لاستقبال عدد من اللاجئين يزيد على مواطني دولة صغيرة، والجمعيات الخيرية العربية والخليجية على وجه الخصوص قامت كذلك بدور غير يسير في تأمين الموارد المالية اللازمة لرعاية اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان وغيرها، كل ذلك يأتي في ظل عجز سياسي عالمي عن التعامل مع الأزمة السورية، ما يعجز عنه السياسي ويتخوف منه الاقتصادي ويتسبب به العسكري لا حل له إلا الإنساني، والإنساني سلاحه الأقوى هو المجتمع المدني
.