أحدث الأخبار
  • 11:37 . الموارد البشرية تحديد إجازة المولد النبوي للقطاعين الحكومي والخاص... المزيد
  • 11:35 . الإمارات تدين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتؤكد رفضها لانتهاك السيادة السورية... المزيد
  • 10:36 . قطر تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 10:35 . الرحلة الأخيرة للمُعارضة البيلاروسية ميلنيكوفا.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 10:26 . 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى أمريكا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة... المزيد
  • 10:20 . غروسي يؤكد عودة أول فريق مفتشين لإيران وسط تهديد أوروبي بعقوبات... المزيد
  • 12:58 . حظر إماراتي على الشحنات القادمة من السودان يثير الجدل مع توقف ناقلة نفط خام... المزيد
  • 06:39 . أولمرت لصحيفة إماراتية: أعمل على إسقاط نتنياهو وحكومته... المزيد
  • 04:57 . أستراليا تطرد السفير الإيراني بتهمة ضلوع بلاده بهجومين معاديين للسامية... المزيد
  • 11:49 . استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة... المزيد
  • 11:43 . إيران وثلاث دول أوروبية تعقد محادثات في جنيف بشأن البرنامج النووي... المزيد
  • 11:11 . وزير خارجية الكويت يدعو من جدة إلى وقف فوري وشامل للعدوان على غزة... المزيد
  • 11:08 . المكتب الوطني للإعلام يحيل ناشطين للنيابة.. حماية المجتمع أم تكميم الآراء؟... المزيد
  • 10:54 . حاكم الشارقة يعلن السعي لتسجيل قلعة "الحصن" بدبا في قائمة اليونسكو بعد تطويرها... المزيد
  • 10:51 . أمير قطر يبحث مع الرئيس الفرنسي تطورات غزة وملفات المنطقة... المزيد
  • 10:45 . رئيس الدولة يلتقي السيسي في العلمين وسط تحولات إقليمية ودولية معقدة... المزيد

لا مكان للاختباء

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 19-10-2015


كتب أحد الصحافيين مرة «الشفافية الكاملة كابوس، فالجميع يملكون شيئاً يخفونه». هنالك جدل قديم حول المراقبة. الكثير يرونها جيدة، فالدولة تحمي الناس من الأشرار فقط. آخرون، رأوا أنها تمثل إشكالاً كبيراً، فالمراقبة الجماعية على الناس، لا تستهدف المشتبهين فقط وبشكل قانوني، بل تتجاوز إلى غيرهم، وهنا نجدها تستهدف قيمة عليا لدى الإنسان، وهي الخصوصية.
الكتاب الذي نستعرض أفكاره هنا، هو «لا مكان للاختباء»، للصحافي الأميركي الاستقصائي جلين جرينولد. يؤكد جرينولد أن الاعتراض على اختراق الخصوصية كان هو الدافع وراء تأسيس الولايات المتحدة نفسها. وذلك عندما احتج المستوطنون الأميركيون على قوانين تسمح للمسؤولين البريطانيين بتفتيش أي منزل يرغبون تفتيشه متى شاءوا. على الدوام، كان التجسس الروتيني على الجماهير مغريا لكل سلطة، حتى في البلدان الديمقراطية. كشف تحقيق أُجري في منتصف السبعينيات، أن «الأف بي آي» صنفت نصف مليون أميركي بأنهم «انقلابيون» محتملون.
الفكرة الرئيسية هنا هي أن المراقبة والتنصت تتيح سلطة كبيرة لمن يمتلكها، لذا لا بد من رقابة صارمة كي لا يُساء استخدامها مثلما ثبت تاريخيا في كل الحالات. أثبت الكتاب، وبناء على سرده لتفاصيل الكشف عن وثائق سنودن، أن الموجودين في السلطة في الولايات المتحدة، استخدموا البرامج التجسسية الضخمة، على شركات ودول منافسة اقتصاديا وسياسيا، ووضعوا في خانة «مهددي الأمن القومي»، صفا طويلا من الفئات التي لم ترتكب جرماً قانونياً، كناشطي البيئة وحقوق الإنسان، ومعارضي الحرب، وأصحاب برامج تتبنى القضية الفلسطينية وغيرهم. إنها المعضلة الكبرى للعصر الرقمي، كما تساءل المؤلف، هل سيدفع عصر الإنترنت الرقمي في النهاية إلى حماية الفرد وتعزيز الحريات الأساسية؟ أم سيقود إلى نظام مراقبة وسيطرة شامل يفوق كل ما شهدناه في التاريخ؟
بطريقة شيقة، يسرد الكتاب، الذي صدرت ترجمته العربية في العام الماضي، المغامرة الشيقة التي جمعت بين جلين جرينولد وإدوار سنودن، الذي سرب وثائق كشفت تفاصيل البرامج التجسسية الضخمة لوكالة الأمن القومي الأميركية NSA على مواطنيها وعلى دول العالم شعوبا وسياسيين ومؤسسات. كانت مغامرة لأن المؤلف سافر من مقر إقامته في البرازيل إلى هونج كونج ليقابل في الجانب الآخر من العالم شخصا لا يعرف عنه أي شيء، ولا حتى اسمه، لكنه وجد عبر بعض مستنداته أنه يملك شيئا هاما ليقوله.
بعد سرد المغامرة في فصلين، تحدث جرينولد في الثالث عن التنوع والحجم الضخم لهذه البرامج، والعمليات التي تمت لاختراق شركات الإنترنت، ومستوى الطموح الشديد لوكالة الأمن القومي الأميركية، التي تعتبر أكبر وكالة استخباراتية في العالم، وهي فرع عسكري للبنتاجون. منذ العام 2005، تضخمت قدرتها وأهدافها في جمع المعلومات بشكل غير مسبوق تاريخياً. كان شعار رئيسها ألكسندر كيث «اجمعوا كل شيء». أمرهم بداية أن يجمعوا كل شيء عن الشعب العراقي، ثم نقلوا ذلك ووسعوه حتى إلى مواطني الولايات المتحدة. تكشف الوثائق أيضاً، أن وكالة الأمن القومي عندها مذكرة تفاهم تسلم بموجبها للإسرائيليين كافة المعلومات التي تصلها، وبلا أي حذف أو اختصار، حتى لو كانت اتصالات لمواطنين أميركيين.
أثار الكشف عن تجسس الوكالة على الجميع، نقاشا واسعا في أميركا والعالم، حول خطر المراقبة على النظام الديمقراطي الحر. ذكر قاض فيدرالي أن وزارة العدل لم تذكر حالة واحدة منع فيها تحليل البيانات التفصيلية التي جمعتها وكالة الأمن القومي هجوما إرهابيا وشيكا. إن الأرشيف الضخم لتجسس الوكالة الذي كشفه سنودن، يكشف باختصار أن الحكومة الأميركية لديها هدف واحد وهو الإزالة الكاملة للخصوصية الإلكترونية في العالم بأكمله. عوّل البعض على تحسن جيد في إدارة أوباما، الذي وعد في الانتخابات بأن الشعب الأميركي سيحصل على «الإدارة الأكثر شفافية في التاريخ». لكن ما ثبت كان العكس تماما. فإدارة أوباما سجنت من المسربين الحكوميين أكثر ممن تم سجنه في تاريخ الإدارات الحكومية السابقة مجتمعة! وفي عهده وصلت برامج التجسس لمستوى غير مسبوق.
في الفصل الرابع تحدث الكاتب عن «ضرر المراقبة»، حيث يؤكد أن أي دولة قمعية تنظر إلى المراقبة الجماعية على أنها إحدى أهم أدوات سيطرتها، ويستشهد بكلام فوكو في كتابه «الانضباط والعقاب»، حيث قال «إن المراقبة الشاملة لا تقوّي السلطات وتفرض الإذعان فحسب، بل تقنع الأفراد بتبني آراء مراقبيهم أيضاً، فأولئك الذين يعتقدون أنهم مراقبون سيختارون بشكل فطري فعل ما يراد منهم فعله». إن من يشعر أنه مراقب سيصبح أكثر تحفظاً. وفي أميركا، في تقرير أصدرته منظمة Pen America في العام 2013، بعنوان «نتائج مخيفة: المراقبة الأميركية تدفع كتابا أميركيين لاتباع الرقابة الذاتية»، حيث أجرت المنظمة استطلاعا، أوضح أنه بعد الكشف عن تجسس وكالة الأمن القومي، الكثير من الكتاب يفترضون أن حرياتهم مراقبة مما أثر على حرية التعبير، وقيّد التبادل الحر للمعلومات. وفي الفصل الأخير، عمد الكاتب للتركيز على نقد دور الصحافة، وعدم استقلاليتها، وطبيعة تعاملها السائد حاليا مع السلطة والمسؤولين، مما ينافى دورها الرئيسي الذي وجدت لأجله.