أحدث الأخبار
  • 11:37 . الموارد البشرية تحديد إجازة المولد النبوي للقطاعين الحكومي والخاص... المزيد
  • 11:35 . الإمارات تدين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتؤكد رفضها لانتهاك السيادة السورية... المزيد
  • 10:36 . قطر تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 10:35 . الرحلة الأخيرة للمُعارضة البيلاروسية ميلنيكوفا.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 10:26 . 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى أمريكا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة... المزيد
  • 10:20 . غروسي يؤكد عودة أول فريق مفتشين لإيران وسط تهديد أوروبي بعقوبات... المزيد
  • 12:58 . حظر إماراتي على الشحنات القادمة من السودان يثير الجدل مع توقف ناقلة نفط خام... المزيد
  • 06:39 . أولمرت لصحيفة إماراتية: أعمل على إسقاط نتنياهو وحكومته... المزيد
  • 04:57 . أستراليا تطرد السفير الإيراني بتهمة ضلوع بلاده بهجومين معاديين للسامية... المزيد
  • 11:49 . استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة... المزيد
  • 11:43 . إيران وثلاث دول أوروبية تعقد محادثات في جنيف بشأن البرنامج النووي... المزيد
  • 11:11 . وزير خارجية الكويت يدعو من جدة إلى وقف فوري وشامل للعدوان على غزة... المزيد
  • 11:08 . المكتب الوطني للإعلام يحيل ناشطين للنيابة.. حماية المجتمع أم تكميم الآراء؟... المزيد
  • 10:54 . حاكم الشارقة يعلن السعي لتسجيل قلعة "الحصن" بدبا في قائمة اليونسكو بعد تطويرها... المزيد
  • 10:51 . أمير قطر يبحث مع الرئيس الفرنسي تطورات غزة وملفات المنطقة... المزيد
  • 10:45 . رئيس الدولة يلتقي السيسي في العلمين وسط تحولات إقليمية ودولية معقدة... المزيد

لا حل مع بوتين

الكـاتب : جمال خاشقجي
تاريخ الخبر: 31-10-2015


يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «يتشطر» على السعوديين والأتراك، بتقديم أفكار لحل مستحيل، ظاهره سلمي وباطنه استنساخ النظام نفسه الذي ثار عليه الشعب السوري، ولكن من دون بشار الأسد، وكأن المشكلة هي الأسد!



لا أعتقد بأن بوتين جاهل بالمنطقة وواقع الحال في سورية، إنه يعرف قواعدها جيداً ولكنه يعتمد في مناوراته على حقيقة أنه «قوة عظمى» لا يريد أحد مواجهتها في شكل مباشر، ومستفيد أيضاً من قوى إقليمية كارهة أو خائفة من «قوة التغيير المستمرة» التي أحدثها زلزال الربيع العربي، ومستعدة للقبول بنظام قبيح، بل حتى إيراني الهوى يهدّد الأمن القومي العربي، ولا تقبل بقوة ديموقراطية إسلامية يبدو مجيئها إلى الحكم في دمشق حتمياً حال سقوط النظام.



إنه يستخدم تكتيكاً ميكافيلياً قديماً، تضييع الوقت، باتصالات ومبادرات خاوية، نقاط تسع، بعد جولة مفاوضات تختصر إلى سبع، ثم تزداد واحدة بعد جولة ثالثة وهكذا، بينما تستمر آلة قتله في حربها على الثورة السورية بالتعاون مع شركائه الطائفيين، النظام وإيران والعراق و»حزب الله» في ما اتفق على تسميته «غرفة 4+1» الموجودة في بغداد.



فهو يعلم أن السعوديين والأتراك لن يقبلوا باستمرار بشار، فبقاؤه يعني استمرار الحرب، وانتصاره يعني انتصار إيران، وهم ومعهم قطر لا يريدون الحرب التي تعطّل مصالحهم، تجارة ونفطاً وغازاً، ولا يريدون أيضاً إيران في سورية، وليس هذا بالموقف السياسي التفاوضي، إنه موقف إستراتيجي ثابت لن يتغير.



هو لديه موقف إستراتيجي ثابت، فهو وإيران يعلمان أن لا مستقبل لهما في شرق المتوسط لو انتصرت الثورة السورية، فالشعب السوري وقتها سينظر إليهما مثلما نظرت إيران الخميني إلى الولايات المتحدة، التي حمّلتها كل كوارث إيران منذ ثورة مصدق، والتي لا تقارن بكارثة الشعب السوري نتيجة نصرتهما نظام بشار، وجعلت منها (حتى توقيع اتفاق برنامجها النووي في حزيران - يونيو الماضي) عقيدة سياسية عاشت بها 35 عاماً. الشعب السوري لن يسامح الروس وسيكره الإيرانيين. ربما يحتاجون إلى جيل أو جيلين لتجاوز ذلك.



لذلك هم في حاجة إلى إعادة إنتاج نظام «آل الأسد» ليحكم سورية مستقبلاً، نظام طائفي غير ديموقراطي وقمعي، ولكن من دون «آل الأسد»، إلا أن إعادة ترتيب النظام من جديد غير ممكنة في ستة أشهر مثلاً أو حتى عام، مثلما يصرّ السعوديون عندما يقولون للروس إن أقصى تعريف ممكن لمفهوم «مرحلة انتقالية» هو ستة أشهر، فترة «استلام وتسليم». الروس يريدون لبشار أن يكمل مدته الرئاسية المفترضة، أي إلى عام 2021، ثم تظاهروا بإبداء بعض اللين وتحدثوا عن سنوات أقل يتفق عليها الشعب السوري بعد المصالحة التي يقترحونها بين النظام والمعارضة!



يعلم بوتين أن من المستحيل الجمع بين مقاتلي المعارضة، الذين يفضّلون تسمية «المجاهدين» على الثوار، مع جيش النظام، كما اقترح وزير خارجيته لافروف في مشروعه للمرحلة الانتقالية، ولكي يزيد من رونق اقتراحه الغريب يقول: إن ذلك نواة لجيش وطني يحارب الإرهاب! لقد توقف الروس عن استخدام مسمى «داعش» إذ إن استهدافهم كل فصائل الثورة كذّب مقولتهم الأولى إنهم أتوا للقضاء على «داعش»، الذي توسّع في مناطق المعارضة بفضل قصفهم.



فكيف يمكن أن يجلس زعيم حركة «أحرار الشام» المهندس الشاب مهند المصري بخلفيته الإسلامية السلفية وتطلعه إلى بناء سورية تشاركية، ولكن تحكم بالشريعة، مع بعثي عتيق كرئيس الاستخبارات وسجّانه السابق اللواء علي مملوك، مسافة زمنية هائلة بين الإثنين لن يردمها غير الدم، لذلك استحدث الروس فكرة جديدة وحاولوا تسويقها على السعوديين والأتراك في فيينا، تقول بـ «محاربة من يرفض اتفاق السلام بعد التوصل إليه». الغريب أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري وقع في فخ هذا العرض وكرّره في مؤتمر صحافي، إنه الوزير نفسه الذي وقع في فخّ الروس بتجريد بشار من الأسلحة الكيماوية في أيلول (سبتمبر) 2013 في مقابل عدم شنّ هجوم صاروخي أميركي وافق عليه الرئيس أوباما بتردد شديد، فما أن سمع من كيري بالعرض الروسي حتى تراجع عن التزامه وخطّه الأحمر ليُمد في عمر بشار إلى يومنا هذا.



لذلك أستبعد أن تسفر كل هذه الاتصالات والاجتماعات عن حل. يجب أن يشعر الروس بمرارة وألم دخولهم سورية أولاً، لكي يتعاملوا مع الوضع بجدية أكثر، فلن يخرج أي مسؤول سعودي ويصرّح في مؤتمر صحافي عن أعداد الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت إلى الثوار بتمويل سعودي أو قطري، أو يتحدث عن نياتها في تسليح المعارضة بصواريخ أرض جو، ولكنها في الغالب تفعل كل ذلك مع حليفتيها قطر وتركيا.



الموقف السعودي يختصر في الجملة التالية: لا مكان لإيران في سورية، أعطوني حلاً يخرج إيران وميليشياتها ثم نتحدث، ولن تصدق الروس ومن يروّج لهم أنهم جاؤوا لكي يخرجوا إيران من سورية، فالحشد الإيراني يزداد، وما ارتفاع عدد قتلاهم هناك إلا نتيجة ارتفاع تعداد قواتهم ومشاركتهم المباشرة في الحرب، إذ لا يعقل أن يترك الإيرانيون سورية «جوهرة تاجهم» ودليل انتصارهم على التاريخ، بعدما ينتصرون للسيد بوتين وقواعده شرق المتوسط.



إنهم جميعاً شركاء ضد الشعب السوري، ونحن شركاء مع الشعب السوري.