قبل سنوات عدة أعلنت شرطة دبي استراتيجيتها للعام 2020 وهي خفض نسبة وفيات حوادث الطرق إلى صفر بالمائة. كانت شرطة دبي تأمل من انتهاج سياسة الإجراءات المتشددة ورفع قيمة المخالفات المرورية إلى وضع حدٍ للانتهاكات التي يمارسها البعض بحق القواعد المرورية.
وأخيراً أعلنت إدارة المرور بشرطة دبي عن تخفيض السرعة على عدد من الشوارع الداخلية والخارجية في الإمارة، وهذه الخطوة سبقتها خطوة أخرى قبل أشهر وهي مخالفة ومصادرة المركبات ذات الإضافات غير القانونية والتي تقوم بإصدار ضجيج وأصوات عالية في خطوة لجعل شوارعنا، خاصة الداخلية، صديقة للمارة وخالية من الحوادث. فنسبة الحوادث التي تزهق فيها الأرواح وتهدر الموارد كبيرة على شوارعنا، كما أن بعضاً من طرقاتنا الخارجية جاءت الأكبر في نسبة وفيات الطرقات.
وعلى الرغم من أن خطوة شرطة دبي والتي جاءت بالاتفاق مع هيئة الطرق والمواصلات، جاءت متوقعة ومواكبة للنظم العالمية الجديدة في المدن إلا أن البعض لم يرحب بهذه الخطوة. فبعض من شبابنا أدمنوا السرعة حتى على الشوارع الداخلية حتى باتت بعض الشوارع مضامير لسباق السيارات واستعراض للمهارات.
فكثيرة هي الممارسات التي يمارسها الشباب على الطرقات بدءاً من السرعة الجنونية والقيادة بطيش وتهور والوقوف المزدوج على الطرقات واللذة في كسر إشارات المرور وتجاوز السرعات القانونية إلى التعدي على أجهزة الرادار نفسها وتعطيلها. هذا الأمر يؤدي في النهاية إلى ازدياد الحوادث المرورية التي تكون فيها نسبة وفيات الشباب، خاصة الذكور، على طرقاتنا كبيرة.
وبما أن الشباب هم رصيد المستقبل إذاً فالخطوات التي تتخذ لحمايتهم يجب أن تكون حاسمة وضرورية. في الوقت نفسه غياب الوعي بين بعض مستخدمي الطرقات هو السبب في ارتفاع نسبة الحوادث. فيوجد على طرقاتنا من هم يتقيدون بكل قواعد المرور كما يوجد من يستهتر بأبسط القواعد المرورية، الأمر الذي يؤدي إلى حوادث الطرق.
كنت استخدم أحد الشوارع الرئيسة في إمارة دبي وكان أمامي أحد السائقين الذي غيّر مساره أكثر من عشر مرات دون إعطاء إشارة واحدة. مثل هذا السائق هو حادثة بانتظار أن تحدث كما يقول المثل الإنجليزي. فهذا السائق ليس فقط خطراً على نفسه بل على الآخرين، فهو غير مبالٍ بمن يستخدم معه الطريق وغير مبالٍ بالتقيد بأبسط قواعد المرور.
وعلى الرغم من أننا نملك أحدث شبكة طرق في العالم وتبنينا أحدث النظم المرورية إلا أن ذلك لم يشفع لنا. فلا زالت حوادث الطرقات عالية ولا زالت الوفيات والإعاقات الناتجة عنها كثيرة. ونظرة واحدة على طرقاتنا في الأجواء الاستثنائية كالمطر أو الضباب أو العواصف الرملية تثبت كل ما ذكر.
نحن بحاجة إلى حملات توعية مرورية أكثر قوة وإلى وعي بضرورة تخفيض السرعات، حتى أدنى من السرعات المسموح بها، خلال الأجواء الاستثنائية كالمطر والضباب والعواصف الرملية. فالبعض لا زال متمسكاً بالسرعات القانونية حتى في الأجواء الاستثنائية التي تتطلب الحيطة والحذر.
لا زالت بعض من طرقاتنا مصيدة للعابرين ولا زال بعض السائقين يمثلون خطراً على أنفسهم وعلى الآخرين ولا زالت نسبة الوفيات خاصة بين الشباب كبيرة. هذا الأمر هو الذي دعا شرطة دبي إلى تشديد الإجراءات المرورية وتخفيض السرعة في عدد من الشوارع والطرقات أملاً في إيجاد حلول لارتفاع نسبة الحوادث.
إن سياسات الدولة عامة ليست فقط استحداث النظم الحديثة التي تحافظ على الأمن والسلامة في طرقاتنا بل المحافظة على الموارد البشرية من الهدر وخفض نسبة الوفيات. كما أن تبني النظم الحديثة على طرقاتنا يتواءم مع النظم الأخرى التي تطبق في دوائرنا الحكومية الأخرى والتي تظهر وجه الدولة الحضاري.
ولهذا فإننا بحاجة إلى حملات توعية أكثر قوة تصل إلى المدارس والجامعات والنوادي الرياضية وأماكن تواجد الشباب. كما أننا بحاجة إلى حملات تثقيفية بكل اللغات، فنسبة الأجانب مستخدمي الطرق، كبيرة والبعض يطبق على طرقاتنا ما يطبقه في طرقات بلده.
إن وجه الإمارات الحضاري مرتبط بقوة مع ما يحدث على طرقاتنا، كما أن ما يحدث على طرقاتنا ينعكس بشكل كبير على وجه بلدنا الحضاري. فلنعمل يداً بيد لجعل طرقات الإمارات صديقة لمستخدميها.