كانت بعض إمارات الدولة على موعد مع منخفضات جوية وتقلبات مناخية حادة، جلبت أمطاراً غزيرة فرح بها الناس، لكنها وصلت حدَّ الخطر، ما استدعى تعليق الدراسة في مدارس أبوظبي بشكل رسمي حفاظاً على سلامة الطلاب، وسط توقعات باحتمال تفاقم الحالة الجوية. وقد تداول الناس مقاطع مصورة لحالات تطاير نوافذ واقتلاع أشجار وسقوط زجاج بشكل خطير نادراً ما يحدث في الإمارات.
وهنا فإن قرار تعليق الدراسة وتحذير الناس من مغادرة منازلهم قد اتخذ في وقت مناسب، وأعلن عبر وسائل الإعلام تداركاً للموقف وحفاظاً على حياة الناس والطلاب، وهو ما يدخل في باب القرارات الاحترازية.
في بعض الإمارات التي لم تكن الحالة الجوية فيها بالسوء نفسه، ذهب الطلاب صباح أمس إلى مدارسهم كالمعتاد، لكنهم أعيدوا من قبل إدارات المدارس التي فوجئت بحالة مدارسها؛ فقد تسربت مياه الأمطار من أسقف المدارس، بينما في بعضها انعدم وجود الكهرباء تماماً، وتحولت بعض المدارس إلى برك مياه، سواء في أفنيتها الداخلية أو في مداخلها؛ باختصار فإن هذا ما تكشفه الأمطار دائماً: الكثير من تجاوزات شركات المقاولات، وإهمال خطط الصيانة، وتراخي أقسام مراقبة الأبنية!
واحد من أسس علم إدارة الأزمات، أن هناك أموراً استباقية يجب ألا تهمل أبداً في كل المؤسسات ومكاتب العمل والمستشفيات والمدارس والفنادق، حيث يتكدس الناس بأعداد هائلة؛ أولُ هذه الأمور صيانة المباني بشكل دوري، سواء احتاج المبنى أم لم يحتج، لكن للأسف فإن (الصيانة) ثقافة مفتقدة عندنا ومؤجلة حتى لحظة حدوث الأزمة، بمعنى أنه لا بد من أن تتسرب مياه الأمطار على رؤوس الطلاب في مدرسة حكومية أو خاصة يدفع أولياء الأمور آلافاً مؤلفة نظير التحاق أبنائهم بها، حتى تتنبه الإدارة إلى ضرورة الصيانة، وتتنبه الوزارة إلى ذلك أيضاً؛ لأن مدارس الوزارة ليست أفضل حالاً!
كذلك فإن طفايات الحريق، موصلات وأسلاك الكهرباء الرئيسية، شبكة أنابيب وخزانات وبرادات المياه في المدارس -المعضلة القديمة الدائمة-، نظام التكييف، حافلات المدرسة، مقاعد وطاولات الطلاب في الفصول، النوافذ والأبواب، ودرجة تلوث الفصول بالغبار وغيره؛ هذه احتياجات ضرورية تحتاج إلى متابعة وصيانة وعدم إهمال طالما نحن نتحدث عن مدارس الغد ومستويات الخدمة القصوى التي تحقق الرضا والسعادة.
ولذلك فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وجّه المسؤولين في الحكومة بالنزول إلى مواقع العمل ومباشرة كل شيء، والوجود مع الناس في الميدان؛ ليكونوا على اطلاع ميداني وواقعي وليس من خلال التقارير والأوراق واجتماعات المكاتب!
الأزمات تمر على جميع الناس، وتحدث في كل الدنيا، هناك من يتعلم منها ولا يكررها، وهناك من تمر عليه مرور الكرام!