أحدث الأخبار
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد

عوداً إلى القدس

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 26-04-2016


اهتزت أرجاء المدينة المقدسة، مساء يوم الاثنين الثامن عشر من أبريل الماضي، إثر انفجار اقتلع سقف حافلة إسرائيلية وخلف أكثر من 20 جريحا، المشاهد كانت مروعة بشكل خاص لمواطني الكيان من قاطني القدس الذين عادت بهم الذاكرة إلى الانتفاضة السابقة في بدايات هذا القرن، التي شهدت تصاعدا في وتيرة عمليات من هذا النوع، فشلت السلطات الإسرائيلية حينها في كبح جماحها على الرغم من التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، منذ ذلك الحين ومع استغلال الكيان للانقسام الفلسطيني تعزز التنسيق الأمني بشكل ضمن للكيان هدوءا نسبيا في القدس ومحيطها، وأبعد الضفة الغربية عن حالة المقاومة بشكل كبير، لكن ممارسات حكومة نتنياهو المتعجرفة في القدس تجاه المسجد الأقصى فتحت الباب أمام هبة شعبية شاملة، كان أبطالها أفرادا مسلحين بسيارات تارة وسكاكين تارة أخرى، بقيت هذه العمليات منذ أكتوبر الماضي محصورة في هذا الشكل الفردي، وهو على الرغم من خطورته بالنسبة لحكومة الكيان إلا أنها تعاملت معه بشيء من الازدراء واكتفت بتفعيل تنسيقها الأمني مع سلطة عباس وتصعيد الإجراءات الأمنية والتعسفية تجاه الفلسطينيين، لكن قواعد اللعبة تغيرت مع ارتفاع ألسنة اللهب من الباص رقم 12 في القدس الغربية.
كان يمكن بوضوح شديد مشاهدة الارتباك في ردة الفعل الصهيونية، حيث حجبت السلطات الأمنية المعلومات بادئ الأمر، واكتفت بنشر أعداد المصابين وانطلقت موجة اعتقالات هوجاء في الضفة الغربية بعد التعرف على الشهيد عبدالحميد أبو سرور، ضمت قطاعا واسعا من معارفه وأقربائه، وجاء إعلان حماس أن الشهيد من كوادرها ليضاعف حالة الارتباك هذه، خاصة أن حماس لم تصرح بمسئوليتها عن العملية مما فتح المجال لتساؤل مقلق بالنسبة للصهاينة، هل هذه العملية تأتي في إطار المنظومة العسكرية لحماس وبالتالي يسهل تتبعها في إطار التنسيق الأمني مع سلطة رام الله؟ أم أن كوادر حماس في الضفة الذين تم اعتقال معظم قيادات الصف الأول والثاني والثالث منهم بدؤوا في التصرف بشكل فردي؟ وهنا يكمن القلق الإسرائيلي.
الهبة الفلسطينية في القدس وعموم فلسطين توقع الكيان أن تكون قصيرة الأمد كما هو الحال مع أي تحرك شعبي غير منظم، بالتالي يكون على الكيان الانحناء للموجة وانتظار أن تخبو، وهو ما ظنت القيادات الأمنية في الكيان أنه حدث خلال شهري مارس وأبريل، لكن هذه العملية فتحت الباب أمام شكل جديد من العمليات، عمليات تقوم بها كوادر مدربة تدريبا عاليا وتمتلك شبكة معلومات وعلاقات تجعل قدرتها على تنفيذ عمليات نوعية عالية، لكن هذه الكوادر ليست بالضرورة مرتبطة بالشكل التقليدي لاتخاذ القرار داخل الحركات المقاومة مثل حماس والجهاد وغيرهما، هذه العملية من الممكن أن تفسر أحد تفسيرين، إما أن تكون حماس أطلقت يد المنتسبين لها للقيام بعمليات كل حسب إمكانيته ودون الحاجة للحصول على موافقات عبر القنوات الرسمية داخل الذراع العسكري للحركة المتمثل في كتائب القسام، أو أن هذه الكوادر التي أضحت بلا قيادة نتيجة التنسيق الأمني مع الكيان الذي أفرغ حماس الضفة من صفوفها القيادية قررت أنه لا مجال لانتظار تعليمات من الحركة، وأن الوقت الآن مناسب لتنفيذ عمليات فردية، وسواء كان أي التفسيرين أقرب للصواب فهذا التحول يشكل تهديدا استراتيجيا للكيان الصهيوني الذي كان يطمح لمزيد من السيطرة داخل القدس. المتابعون للإعلام الصهيوني ينقلون أمرين، الأول هو أن المحللين السياسيين والعسكريين ينذرون بالخطورة البالغة لهذه العملية، والآخر أن الإعلام الصهيوني حاول قدر الإمكان التقليل من ساعات البث المخصصة لهذه العملية تجنباً لإثارة الهلع لدى المواطنين، خاصة أن تنفيذ العملية جاء قبل أيام قليلة من عيد الفصح الذي كان سيتخلل انتهاكات مضاعفة لحركة المسجد الأقصى من قبل المجموعات الدينية الصهيونية.
ماذا يعني كل هذا للأطراف المختلفة؟ بالنسبة للسلطة الفلسطينية لا شك أن الكيان سيمارس ضغطا مضاعفا عليها في إطار التنسيق الأمني، وهو ما سيضعها بين مطرقة العدو الصهيوني وسندان الغضب الشعبي المتزايد من تعامل سلطة عباس مع الهبة الشعبية معها، حماس اليوم هي في مأزق بدأ مع حالة الانقسام ووقوع مسئولية غزة السياسية عليها، في السابق كان لدى حماس القدرة على القيام بعملياتها وترك التبعية السياسية لتقع على السلطة الفلسطينية، لكن وضعها اليوم في غزة يعني أن أي عملية تنفذها كوادر حماس داخل أراضي الكيان سيدفع ثمنها سكان غزة في عقاب جماعي، هذه العملية لم تصرح حماس بمسئوليتها عنها لكنها قلقة بلا شك من ردة فعل صهيونية انتقامية في القطاع، وبأي حال فإن عودة حماس إلى شكل المقاومة الذي اكتسبت مصداقيتها من خلاله سيكون له بلا شك أثر إيجابي على موقف الحركة شعبيا، فحكومة الكيان غير المستقرة أصلاً ستواجه بلا شك أزمة داخلية خانقة خاصة إذا تكررت مثل هذه العمليات، ليس أمامهم إلا القيام بإجراءات تعسفية إضافية تجاه الفلسطينيين مما سينتج عنه تصاعد وتيرة عمليات المقاومة، وهذه دوامة لا يمكن أن تنجو منها حكومة نتنياهو، القدس التي ظن الصهاينة أنهم اقتربوا من السيطرة عليها يكتب الله عز وجل على يد شعبها المقاوم قلب الصفحة، وتبدأ قصة انتفاضة جديدة، ليعود دور البطولة إلى القدس حيث بدأ.