أحدث الأخبار
  • 08:07 . كاتب إسرائيلي يكشف عن خلافات بين ترامب ونتنياهو قبيل لقائهما القادم... المزيد
  • 06:27 . الأرصاد يتوقع طقساً صحواً إلى غائم جزئياً خلال الغد... المزيد
  • 06:24 . سيناتور أمريكي: صواريخ إيران قادرة على اختراق "القبة الحديدية" الإسرائيلية... المزيد
  • 12:43 . مقتل جنرال في الجيش الروسي بانفجار في موسكو... المزيد
  • 12:24 . هيئة فلسطينية: مستوطنات الاحتلال الجديدة حرب إبادة على الجغرافيا... المزيد
  • 11:55 . تحقيق استقصائي: الإمارات محطة محورية في شبكة تجنيد مرتزقة كولومبيين للقتال في السودان... المزيد
  • 11:51 . السعودية تمنح قائد جيش باكستان وسام الملك عبدالعزيز... المزيد
  • 11:23 . خلال زيارته لقاعدة عسكرية فرنسية بأبوظبي.. ماكرون يعلن عن بناء حاملة طائرات جديدة... المزيد
  • 11:09 . "الإمارات للخدمات الصحية": 3699 زوجاً خضعوا للفحص الجيني قبل الزواج خلال 2025... المزيد
  • 01:21 . محمد بن زايد وماكرون يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية... المزيد
  • 08:02 . سوريا تعلن تفكيك خلية لتنظيم الدولة في عملية أمنية بريف دمشق... المزيد
  • 07:09 . الاحتلال الإسرائيلي يصادق على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة... المزيد
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للمسلمين ومطالبات باعتقاله في دبي... المزيد

ذاكرة

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 04-05-2016

أتذكر تماماً تلك الحكاية القديمة عن تعلق أخي الأصغر بجدتي -رحمها الله- حين كان صغيراً، تبدو التفاصيل حين أستعيدها كأنني أفتح نافذة تواجه الشمس، حين أحكيها لا تتسلل الكلمات من نافذة الذاكرة تلك، بل يتدفق الضوء كما يتدفق شلال هادر، الذاكرة تعبث بنا أحياناً، تصير كريح قوية تنقلنا إلى أراضٍ أخرى، وتعيد تخليق الأصوات والوجوه والروائح؛ نصير كالمتنبي إذ يصف قلقه الأبدي:
على قلق كأن الريح تحتي .... أوجهها جنوباً أو شمالا

في الذاكرة حكاية ذلك الطفل الذي تعلق بجدته حتى ما عاد يفارقها ليلاً ولا نهاراً؛ صار ظلها الثاني، وصارت أمه، وحين سافرت لضرورة ملحة ذات يوم وتركته بكى فراقها حتى نام، وحين استيقظ صار يبحث عنها ويناديها في أرجاء البيت، حين تأكد أنها ليست هنا وأنه لن يراها، تضافر جسده مع قلبه رافضاً غيابها، ليدخل في حالة وهن جسدي بسبب امتناعه عن الطعام!

أمام هذه الحالة الغريبة، لم تجد الأم سوى ذلك الحل الذي لمع كبرق في ذهنها، الرائحة مفتتح الذاكرة وكيمياء القلب؛ أحضرت ثوب الجدة وألقته على وجه الصغير؛ استعاد روحه وهو يتشمم رائحة جدته، عادت له الروح، شعر كأنها هنا قريبة منه وأنه سيراها ثانية بلا أدنى ريب، لذلك قبل بالثوب والرائحة انتظاراً للآتي الأجمل.

تحيلني هذه الحكاية إلى واقعنا الراهن دائماً، إلى سطوة الذاكرة، فأومن أكثر أن علينا أن نقبض على ذاكرتنا وهي مليئة وجميلة بما فيه الكفاية، كما نقبض على تفاصيل وجودنا تماماً، الذاكرة هوية وشكل آخر للإيمان في نهاية الأمر.

هكذا تجعلنا الذاكرة، ونحن جيل نصفنا في الحاضر، وكلنا ذاكرة؛ جيل نخبئ وجوهاً ومدناً في دواخلنا، ونخبئ قصائد وقصوراً ومآذن ومساجد، نخبئ معارك وممالك ومدناً وخلفاء وقُوَّاداً ورواداً، وصعاليك ومجانين ومتصوفين ومغنين؛ نحن أبناء أمة مرت بها وعليها قوافل من اللصوص والغزاة والقتلة والطامحين بالمجد والمال والذهب، فأشهرنا في وجوههم جيوشاً من الأبطال والشعراء والعشاق والقضاة والفلاسفة والبطولات؛ نحن أمة لا تعاني من نقص في منسوب الحضارة، ولا في منسوب الانتماء، لكننا نعاني جيلاً بعد جيل من تردٍّ في منسوب الذاكرة للأسف الشديد؛ ولذلك فحين تسرق ذاكرتنا في وضح النهار نبكي وبحرقة حتى منتصف الليل ثم ننام على قهر، فإذا صحونا.. صحونا على غفران بليد!