أحدث الأخبار
  • 08:07 . كاتب إسرائيلي يكشف عن خلافات بين ترامب ونتنياهو قبيل لقائهما القادم... المزيد
  • 06:27 . الأرصاد يتوقع طقساً صحواً إلى غائم جزئياً خلال الغد... المزيد
  • 06:24 . سيناتور أمريكي: صواريخ إيران قادرة على اختراق "القبة الحديدية" الإسرائيلية... المزيد
  • 12:43 . مقتل جنرال في الجيش الروسي بانفجار في موسكو... المزيد
  • 12:24 . هيئة فلسطينية: مستوطنات الاحتلال الجديدة حرب إبادة على الجغرافيا... المزيد
  • 11:55 . تحقيق استقصائي: الإمارات محطة محورية في شبكة تجنيد مرتزقة كولومبيين للقتال في السودان... المزيد
  • 11:51 . السعودية تمنح قائد جيش باكستان وسام الملك عبدالعزيز... المزيد
  • 11:23 . خلال زيارته لقاعدة عسكرية فرنسية بأبوظبي.. ماكرون يعلن عن بناء حاملة طائرات جديدة... المزيد
  • 11:09 . "الإمارات للخدمات الصحية": 3699 زوجاً خضعوا للفحص الجيني قبل الزواج خلال 2025... المزيد
  • 01:21 . محمد بن زايد وماكرون يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية... المزيد
  • 08:02 . سوريا تعلن تفكيك خلية لتنظيم الدولة في عملية أمنية بريف دمشق... المزيد
  • 07:09 . الاحتلال الإسرائيلي يصادق على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة... المزيد
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للمسلمين ومطالبات باعتقاله في دبي... المزيد

الذين يسجنون أنفسهم

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 23-05-2016


في معظم الأوقات نحن ندفع أيامنا وأوقاتنا، كما ندفع غيمة ثقيلة تطبق على أنفاسنا، وفي معظم الأوقات أيضاً نحن نعتاد على وجود تلك الغيمة، فنمرر الوقت -كيفما اتفق- وبكل تفاصيله، بهجته وكآبته، ضجيجه وفراغه، ومثلما نعتاد على أشكالنا وصورنا وأشكال أصحابنا وأسمائهم وتصرفاتهم، فإننا نعتاد على عيوبهم وحسناتهم، سيئاتنا ومزايانا.

عندها تصبح الأشياء كلها كنسيج سجادة ثمينة، لا ندقق في كل خيط وكل خط فيها، ولكننا نعتاد صورتها الجميلة بكامل رونقها وتناسقها، ثم نحبها ونعتدُّ بها ونتباهى بها، لأنها ثمينة كحياتنا ومختلفة كشخصياتنا، دون أن نسأل: ألا يمكن أن يكون هناك ما هو أجمل؟

ذات يوم التقيتها في أحد ممرات متجر ضخم لبيع الكتب، كانت مختلفة تماماً عما اعتدته، كانت أكثر رشاقة وأكثر شباباً، لم أُبْدِ أي استغراب أو دهشة، لكنها بادرت سريعاً إلى سؤالي عن رأيي في رشاقتها، أبديت إعجابي، وأسهبتْ هي في شرح الظروف الصحية التي جعلتها تفقد الكثير من وزنها.

لكنها لم تنسَ في نهاية حديثها معي أن تؤكد أمراً لم يغادر ذاكرتي قط، قالت: «حتى لو لم تكن هناك ظروف صحية، فأنا سعيدة بهذه النتيجة، لقد تحررت»، قالت في نهاية كلمتها وغادرت!

فهمت أنها كانت مسجونة في ذلك الجسد الضخم الذي كانت ترزح تحت ثقله، صحيح أنها اعتادت عليه كما نعتاد جميعنا على كل شيء دون أن نعيد التفكير فيه مرتين، وكالجسد نحن نسجن أنفسنا في الكثير من القوالب، في الأفكار، في العاطفة، في الانتماء، في المكان والجغرافيا.

وفي الكثير من القوالب الأخرى، الفرق أن السجن يصادرك ويسحب منك امتياز الحرية دون أن يكون لك خيار الاختيار، أما هذه القوالب التي نسجن أنفسنا فيها فإننا نصادر حرياتنا باختيارنا، ثم نعتاد على ذلك، ولا نفكر في الأمر مطلقاً، وهذه هي الخطورة!

حين تحررت هذه الفتاة من سجن جسدها المادي تغيرت نظرتها إلى الحياة، للاستمتاع بها، لنظرتها وتقييمها للأشياء، اختلف رأيها كثيراً في السفر والبحر والثياب والأناقة ومعاني البهجة والأصدقاء ومتع الحياة، صار هناك انفراج كبير في زاوية الرؤية، وهذا هو تحديداً ما تمنحنا إياه الحرية، حريتنا في الانتقال والتغيير والحب.

ألا يختلف الأمر بين حالة الركود في مكان واحد (بيت، وظيفة، مدينة) طيلة العمر، بحيث لا نرى إلا المشهد نفسه والجارة نفسها ورب العمل وزملاء العمل أنفسهم، وبين الانطلاق والتجربة والسفر والحرية؟

كل ما يتطلبه الأمر هو أن نفيق من غيبوبة الاعتياد التي نسجن أنفسنا فيها، لأن الإنسان صديق عاداته، فهو يأنس ويرتاح لكل ما يتعود عليه، الاعتياد شكل آخر للأمان، وللكسل أيضاً، وكذلك للجهل، مع ذلك فنحن ننحاز لما نعرف ونخاف مما نجهل، وهنا تحديداً يحدث الخلل وتتراكم جدران السجن دون أن ننتبه إلا بعد مضي الوقت، وأحياناً بعد فوات الوقت!