أحدث الأخبار
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد

العنصرية الشعبوية ومستقبل الغرب

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 12-07-2016


خلال هذا العام المنصرم تصاعدت وتيرة الخطاب الشعبوي في العالم الغربي بشكل لافت بداية من الانتخابات التمهيدية للرئاسة في الولايات المتحدة وانتهاءً بحملة الانفصال عن أوروبا في المملكة المتحدة، هذا الخطاب الشعبوي الذي امتهنته أحزاب اليمين واليسار المتطرف في الأصل واضطرت أحزاب الوسط إلى استخدامه مؤخراً قائم على ركنين هما الجهل والخوف، ونعني بذلك استغلال جهل الناخبين بحقيقة الأمور وواقع الحال وتخويفهم واستغلال تحيزهم في إطار تمرير قرارات سياسية ذات طابع عنصري أو انكفائي، ونتوقف هنا مع مصطلح الشعبوية لنتعرف عليه في السياق السياسي.
الشعبوية مصطلح غربي يشير كما عرفه البرتازي ومكدونل وآخرون إلى أيديولوجية قائمة على دفع الأغلبية إلى مقاومة السلطة السياسية التقليدية ومواجهة «الآخرين» سواء كانوا الأقليات أو المهاجرين أو القوى الخارجية بدعوى الحفاظ على الهوية الوطنية والدفاع عن حقوق الأغلبية الشعبية، بشكل أبسط الشعبوية تشير إلى منهج سياسي يوظف العنصرية والاهتمامات المصلحية الشعبية الضيقة في تحقيق مبتغاه السياسي، مثال ذلك ترمب على اليمين وشافيز على اليسار، كلا الرجلين وظف حنق الشارع على الطبقة السياسية وطرح برامج انتخابية غوغائية غير قابلة للتطبيق بهدف كسب المؤيدين والقضاء على الخصوم، ترمب يعد الأميركيين اليوم بمقاومة الهجرة بكل أشكالها عبر بناء جدار يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك، كما يعد بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة وكل ذلك من الناحية العملية غير قابل للتطبيق، شافيز وعد الفنزويليين أنه سيقضي على مصالح الرأسماليين في الحكومة وسيمحو الفقر عبر تأميم الشركات الكبرى، اليوم فنزويلا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة سياسات شافيز وما زال خلفه يرفع ذات الشعارات البراقة.
في المملكة المتحدة قام بوريس جونسون عمدة لندن السابق من المحافظين ونايجل فاراج رئيس حزب الاستقلال السابق بقيادة حملة الانفصال عن أوروبا بدعوى مقاومة الهجرة واسترجاع السلطة من أوروبا ومعها الأموال التي تدفع للاتحاد الأوروبي، كما قدموا خطاباً عنصرياً من نوع «إنجلترا للإنجليز» و»اللاجئون يغزون بلادنا» ليحشدوا أصوات اليمين الإنجليزي المتعصب، نجحت حملتهم وخلال ساعات تعرض الاقتصاد البريطاني لأكبر هزة منذ عام 2008 ويتحدث المختصون اليوم عن انكماش اقتصادي خطير، كل ذلك لأن الساسة الشعبويين استغلوا جهل الشارع بالواقع الاقتصادي والتأثيرات الاستراتيجية للانسحاب من منظومة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية والسياسية، أما جونسون وفاراج فالأول خانه وزير العدل مايكل جوف الذي وعده بأن يكون شريكه في استبدال كاميرون كرئيس للوزراء ورشح نفسه قبله وخرج الاثنان من السباق مهزومين لتفوز تيريزا ماي وزيرة الداخلية المشهورة بمواقفها المعادية للهجرة والمهاجرين، الثاني استقال من رئاسة حزبه أمام النتائج الكارثية للاستفتاء، باختصار كل من وظف موضوع الانفصال شعبوياً بات اليوم خارج الحياة السياسة تاركين الساسة التقليديين ليواجهوا النتائج.
الشعبوية السياسية اليوم تجتاح أوروبا وتقض مضاجع ساسة الوسط السياسي الذين ظلوا منذ الحرب العالمية الثانية يتربعون على عروش العواصم الأوروبية، اليوم يضطرون إلى تبني مواقف متطرفة لسحب البساط من تحت اليمين واليسار المتطرفين وتحقيق مكاسب انتخابية في الانتخابات المقبلة، هذه الشعبوية بآثارها الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة ستغير من وجه العالم الغربي وسيسقط معها الاستعلاء الأخلاقي الذي يمارسه علينا الغرب، العنصرية تدريجياً تعود لتكون مقبولة في الخطاب السياسي الغربي بعد أن باتت من المحرمات، والفواصل السياسية القائمة على أساس عرقي وعنصري تعود لتفصل بين أحزاب اليمين واليسار.
ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية هو نتاج هذا الخطاب العنصري، حملة ترمب واليمين الأميركي عموماً القائمة على العنصرية تجاه المهاجرين والأقليات وعلى تشجيع العنف أسهمت بلا شك في تشجيع عمليات قتل الأبرياء من السود على يد رجال الشرطة وعلى الممارسات العنصرية خاصة في معاقل الجمهوريين والمحافظين في الجنوب الأميركي، وذلك بدوره أدى إلى ردة فعل عنيفة في المجتمع الأميركي الأسود وخلال الأيام الماضية اعتقلت الشرطة الأميركية المئات من المتظاهرين وفي كل يوم نسمع عن حادث جديد يقتل فيه أو يصاب إما أميركي أسود أو شرطي، أما في بريطانيا فمراصد حقوق الإنسان تنذر من ازدياد ملحوظ في نسبة الاعتداءات على المهاجرين منذ التصويت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، هذه الممارسات لن ينتج عنها انهيار شامل ولكنها ستتسبب في شرخ اجتماعي واقتصادي في المجتمعات الغربية لن يسهل تجاوزه.
الخطاب الشعبوي السياسي يمثل خطراً ليس على الغرب فحسب بل على كل العالم الذي يتأثر بما يحدث في العواصم الغربية التي تتحكم بالعالم من حولها، أما أولئك الذين يقولون إن هذه مظاهر ديمقراطية طبيعية فنذكرهم بأن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية فحسب، الديمقراطية هي نظام حكم دستوري يكفل الحقوق الشخصية والسياسية لكافة المواطنين يختارون فيه مسؤوليهم عبر صناديق الانتخاب، الديمقراطية ليست حكماً غوغائياً تمارس فيه الأغلبية هيمنة على الأقلية وتلغيها بل هي تعايش وتدافع يحافظ على حقوق الأقليات وعلى رأي الأغلبية على حد سواء، ما يحدث اليوم وهذه الممارسات لا تمت للديمقراطية بصلة، هي غوغائية يقوم عليها أصحاب المصالح السياسية الضيقة باستغلال الجهل والخوف.;