أحدث الأخبار
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد

الأهمية التركية

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 26-07-2016


بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ظهرت الكثير من الأسئلة حول أهمية ما يحدث هناك، الكثير من غير المهتمين سياسياً كان يستفسر عن سبب هذا الاهتمام بما يحدث في تركيا والداعي لردة الفعل العربية والإسلامية الكبيرة التي تجاوزت حدود تركيا، بالنسبة لمتابعي الشأن السياسي في المنطقة كان هذا الحدث مفصلياً وحاسماً لأسباب عدة نفصل بعضها هنا.
بداية كان للحدث في تركيا أهمية «نفسية» لمستقبل المنطقة، لو افترضنا أن الانقلاب نجح لماتت معه التجربة اليتيمة لتحول ديمقراطي أفرز حالة تنمية اقتصادية شاملة في المنطقة، وسيتبع ذلك كفراً بمحاولات الإصلاح السياسي السلمي وطموحات الحكم الرشيد عبر صناديق الاقتراع ليحل محلها العنف على نطاق أوسع مما نشهده الآن، على الرغم من الإحباطات المتكررة للشعوب العربية إلا أن الأمل ما زال باقياً لدى القطاع الأكبر في إصلاح سياسي سلمي ولو كان جزئياً، ما زالت تركيا تمثل الحلم لهذه الشعوب بأنها إذا ما رزقت بأقلية صادقة مدعومة شعبياً ستتمكن من تجاوز الفساد المالي والسياسي ومن تحقيق دولة العدالة والرفاهية دون الحاجة لإراقة الدماء، نجاح الحكومة التركية في تجاوز هذه المحاولة وتحقيق هذا الانتصار سيعزز الثقة في نموذج الدولة المدنية والتغيير السلمي وربما يساهم في تجديد دعوات الإصلاح المتزنة في العالم العربي.
على المستوى السياسي كان نجاح هذا الانقلاب لينهي حالة التوازن بين الدول المناصرة للشعوب من جهة والمعادية للربيع العربي من جهة أخرى، حتى الآن ما زال التدافع بين الطرفين يوفر مساحة أمان للمطالبين بالإصلاح والأنظمة التي تحققت فيها إنجازات إصلاحية، ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في الملف السوري حيث توفر تركيا ملجأ لأكثر من مليوني سوري هربوا من نظام بشار وتوفر رادعاً مع حلفائها للتمدد الإيراني وتمدد داعش عبر موازنات سياسية اقتصادية دقيقة، غياب النموذج التركي وتحول تركيا لدولة عسكرية مماثلة للأنظمة السورية والمصرية كان سيكون نهاية لهذه الحالة ومقصلة تنزل على رقبة الشعب العربي.
اقتصادياً فإن نجاح الانقلاب كان سينتج عنه انهيار سريع في الاقتصاد التركي، وما حصل لليرة التركية وأسعار الأسهم صبيحة المحاولة الانقلابية خير مؤشر على ذلك، واقتصاد بهذا الحجم خاصة أنه اقتصاد مصنع لن يكون انهياره محصوراً في حدود تركيا، الميزان التجاري بين تركيا والاتحاد الأوروبي لصالحها حيث إنها تصدر له أكثر مما تستورد منه وقس على ذلك الدور الاقتصادي لتركيا في منطقتنا العربية، يضاف أنه خلال السنوات الأخيرة تدفقت أموال الاستثمارات الخليجية تحديداً على تركيا، كل ذلك كان سينتج عنه آثار اقتصادية مزمنة حال نجح الانقلاب، ولو قال أحدهم إن نجاح الانقلاب لا يستلزم انهياراً اقتصادياً نحيله لحالة تركيا قبل التصحيح السياسي أو حالة مصر بعد الانقلاب.
إنسانياً وثقافياً لتركيا دور مهم جداً في المنطقة التي يسميها الأتراك «العالم التركي» والتي تشمل جزءاً كبيراً من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة والبلقان، في هذه الدول استطاعت تركيا خلال العقدين الأخيرين إحياء القطاع الخيري والمؤسسات التعليمية والدينية بشكل ساعد كثيراً من هذه المجتمعات في العودة لهويتها الإسلامية متجاوزة بذلك عقوداً من الإهمال الإسلامي لها، لو زرت بعض هذه الدول فستجد المساجد الحديثة المبنية على الطراز التركي والمؤسسات التركية الإغاثية والثقافية تنشط في مختلف المجالات ولكل ذلك أثر مهم في مقاومة التأثير السياسي الروسي والثقافي الإيراني في هذه الدول، وهذا غير الدور الذي تلعبه تركيا في دول مهملة عربياً وإسلامياً مثل الصومال وجيبوتي حيث تساهم بشكل واضح من خلال مؤسساتها التعليمية والدينية في انتشال هذه المجتمعات من حالة الفشل السياسي والاقتصادي، هذه القوة الناعمة التركية أساسية في إحياء مفهوم الأمة الإسلامية في إطاره العلمي وكان سيتبخر في ظل حكومة عسكرية تركية مكونة من أولئك القوميين العلمانيين المتطرفين الذين يرون أن تركيا أقرب لأوروبا منها للعالم الإسلامي.
تركيا ليست دولة كبقية الدول، تركيا حاضرة الخلافة الأخيرة، الاقتصاد الصناعي الأكبر في المنطقة، نموذج الإصلاح السياسي السلمي والثقل الموازن مع المشاريع الإقليمية والعالمية التي تسعى لتقاسم المنطقة، سيبقى بعضهم يقول مالنا وما لتركيا، ويكررون أسطوانات مشروخة حول تركيا المستعمر السابق وتركيا ذات الأجندة المشبوهة في المنطقة وتركيا الشخص الواحد، كل ذلك لا يعني شيئاً أمام حقيقة لا يمكن إغفالها، تركيا على ما فيها وما ينقصها تتقدم بمراحل على كل دول المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وتمثل اليوم رأس حربة في نهضة إسلامية شاملة، نهضة مبنية على الاقتصاد والعلم والحكم الرشيد، ما زال أمام تركيا الكثير من التحديات، وما زال الكثير من القصور يعتري نموذجها، ولكن خسارة هذا النموذج كانت ستكون كارثة تعيد المنطقة إلى المربع الأول وفرصة لمن يريد أن يقتل روح المواطن العربي سواء للحفاظ على كرسيه كما هو حال الأنظمة العسكرية وقمعية العربية أو استجابة لحالة الإحباط الفكري التي تعتريه كما ظهر من بعض المفكرين المحبطين خلال الأيام الأخيرة، وما زلنا في حالة ترقب لما تفرزه الأيام القادمة.;