أحدث الأخبار
  • 01:58 . وزير الخارجية الإيراني يلتقي حاخاماً يهودياً خلال قمة "بريكس"... المزيد
  • 12:37 . ترامب يتنصل من مسؤوليته عقب سقوط أكثر من 80 قتيلا بفيضانات تكساس... المزيد
  • 12:02 . الإمارات توضح الجدل الدائر بشأن منح "الإقامة الذهبية" لمستثمري العملات الرقمية... المزيد
  • 11:47 . تقرير: تمرد عسكري داخل قوات تدعمها السعودية في منطقة حدودية مع اليمن... المزيد
  • 02:29 . اليمن.. الاحتلال الإسرائيلي يشن هجوماً على الحديدة... المزيد
  • 07:48 . كيف جاءت سياسة أبوظبي الخارجية بنتائج عكسية في سوريا والسودان؟... المزيد
  • 06:38 . نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”... المزيد
  • 05:37 . مباحثات سعودية مصرية حول جهود وقف إطلاق النار في غزة ومنع التصعيد بين إيران و"إسرائيل"... المزيد
  • 02:02 . تصعيد دبلوماسي جديد.. الخرطوم تتهم أبوظبي بتوفير غطاء دولي لجرائم الدعم السريع... المزيد
  • 12:01 . جبل الحبن بالفجيرة يسجل أدنى درجة حرارة في الدولة... المزيد
  • 11:50 . "التربية" تضع آليات مرنة لتصديق الشهادات الدراسية لطلبة الثاني عشر... المزيد
  • 11:47 . بريطانيا تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 14 عاماً... المزيد
  • 11:39 . الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ويفعّل صفارات الإنذار... المزيد
  • 11:22 . إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا" ويعد بكسر احتكار الحزبين... المزيد
  • 06:37 . دبي تعتمد بطاقة الرسوم المدرسية للعام الأكاديمي 2025–2026... المزيد
  • 05:48 . 24 قتيلا على الأقل وأكثر من 20 مفقودة بسبب فيضانات في تكساس... المزيد

هل يجب أن تكون الثورات واقعية؟

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 02-08-2016


عندما نسرد تاريخ البشرية يحلو لنا أن نسرده على شكل قصة صراع ممتد بين الخير والشر، نحب دوماً أن نرسم حالة هزيمة مطلقة للشر أو انتصار له مغلف بالخبث والمكر والخداع، وكذلك هي نظرتنا للتغير السياسي حول العالم، فهو إما انتصار للشعوب على الطغاة، أو انتصار للطغاة على الشعوب، وفي الغالب تكون هذه الثنائية غير دقيقة، ففي كثير من الأحيان حين ينتصر «الشعب» يكون الضحية هو الشعب نفسه، خذ على سبيل ذلك تصويرنا الرومانسي للثورة الفرنسية التي انتهت بمقاصل يشنق عليها المواطنون الفرنسيون وعساكر الثورة تحرق المحاصيل في الريف، لا يعني ذلك أن حكم الملكية كان برداً وسلاماً على الفرنسيين ولكن الرواية المثالية لانتصار قيم الحرية والمساواة على الظلم والاستعباد غير حقيقية، احتاجت فرنسا بعد ذلك إلى حقبتين إمبراطورية وملكية ثانية حتى تصل إلى شكلها الجمهوري الحالي.
هذه الصورة المثالية حكمت قراءتنا لفترة الربيع العربي، تصوراتنا رسمت لنا عالماً عربياً جديداً مزدهراً وعادلاً، الواقع كان مغايراً، العالم العربي اليوم أقل ازدهاراً وأكثر ظلماً إذا أخذنا نظرة عامة، إذن هل نكفر بالإصلاح؟
 بعض المفكرين العرب أصيبوا بحالة إحباط عامة دعتهم إلى ذلك، حتى أن أحدهم كتب ما معناه أنه يجب على الأجيال القادمة الابتعاد عن مطالب الإصلاح ومقاومة الغرب بدعوى أن الخصم أكبر من أن تواجهه الشعوب، وتلك طبعاً نظرة سطحية قاصرة لما نتج عن الربيع العربي، هذه النظرة تصح عند المثاليين الذين كانت المسألة بالنسبة لهم انتقال كامل لحظي إلى أنظمة عادلة تشاركية، أما إذا نظرنا بشكل أعمق لوجدنا أن هناك بعض النماذج لمكتسبات حقيقية سيكون لها أثرها البالغ في تحديد مستقبل المنطقة.
هناك بلا شك نماذج محبطة ومؤلمة مثل سوريا واليمن وليبيا سقط فيها مئات الآلاف منذ قيام الثورة ولظروف مختلفة ودون نتائج ملموسة تذكر حتى اليوم، ولكن هناك نموذجان يستحقان التوقف عندهما على الأقل، المغرب وتونس، هذان النموذجان ينظر لهما الكثير على أنهما حالات «فشل» في تحقيق مطالب الربيع العربي، والسبب خلف هذه النظرة هو أنه في الحالتين يبدو أن الوضع بقي على حاله، في الحالة التونسية عادت القوى التي تمثل الحزب الحاكم السابق إلى السلطة وفي تونس ما زال القصر يمارس هيمنة عالية على الحكومة، ولكن إذا أبعدنا تصوراتنا لما ينبغي أن يكون عليه الوضع في الحالة المثالية لوجدنا أن الصورة أقل قتامة.
في الحالة التونسية تحقق أهم ما يمكن أن يتحقق من خلال ثورة على نظام شمولي، تداول سلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، صحيح أن أنصار نظام بن علي ورجاله عادوا للسلطة ولكنهم هذه المرة مكبلون بحالة سياسية تلزمهم بالرضوخ لصناديق الاقتراع بعد نهاية فترتهم، انتصارهم في الانتخابات أدى إلى هجر المشاريع الانقلابية الممولة خارجياً ولكنهم سيجدون أنفسهم في حالة واقع جديدة حينما تحين الانتخابات القادمة ويكون صفهم الذي توحد على أساس العداء للنهضة أقل توحداً ويكون خصمهم أكثر تنظيماً، لو أن النهضة والقوى الثورية نجحت في الانتخابات الأخيرة لكان الانقلاب عليهم سهلاً ومبرراً بالفلتان الأمني ولكن تونس اليوم تنعم بحالة استقرار وانفراج نسبي في الحريات العامة لم تشهده منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وحسب المعطيات الحالية لا يستشرف انقلاب على الديمقراطية أو الحياة البرلمانية بل يتوقع أن تفرز الانتخابات القادمة تقسيمة سياسية جديدة أكثر تعبيراً عن الواقع السياسي، حركة النهضة التي من ناحيتها تبدو اليوم أكثر استيعاباً لطبيعة الشارع التونسي فتحولها إلى حركة سياسية صرفة تمثل المحافظين في تونس بعيداً عن تصنيفات الإسلام السياسي الضيقة كان حسب مصادر الحزب استجابة لما أفرزته الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة وقراءة الواقع السياسي هناك.
في الحالة المغربية بدأ الحراك الثوري في الشارع ولكن القوى السياسية والنقابية وبعض جمعيات المجتمع المدني توافقت مع القصر على إصلاحات دستورية، منها منح سلطات واسعة لرئيس الحكومة (الوزير الأول سابقا) وانتخاب رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية والبرلمانية و..، ما جعل الحراك الشعبي يخفت في الشارع ، وبدوره تعامل القصر بشكل إيجابي القصر مع هذه المطالب ليتولى بن كيران رئاسة حكومة أغلبية برلمانية، هذا التعامل السياسي من طرف العدالة والتنمية نظر له الكثيرون داخل المغرب وخارجه على أنه خيانة للمطالب الشعبية.
واليوم تجد هذه الحكومة نفسها مكبلة خاصة في الملفات السيادية مثل الخارجية والأمن، ولكنها في المقابل تمكنت من تحقيق مجموعة كبيرة من الإصلاحات التشريعية والتنفيذية المرحلية، ربما يستمر هذا الوضع المختلط لفترة قادمة، ولكن ما لا يتصور هو العودة إلى حالة ما قبل حكومة الأغلبية البرلمانية، حزب العدالة والتنمية المغربي في آخر الاستطلاعات عزز مكانته شعبياً عكس ما توقعه مناوئوه وناقدوه الذين افترضوا أن توليه حكومة يلمز لها البعض بأنها «صورية» سيسقطها شعبياً، ولكن يبدو أن الشارع المغربي لمس إنجازات اقتصادية واجتماعية جعلته أكثر دعماً للحزب.
التحليل أعلاه قد يصطدم بتغير للوقائع على الأرض مستقبلاً، ولا شك أنه لن يلاقي قبولاً لدى الكثير من الذين يرون الحالة الثورية والإصلاحية على أنها حالة مثالية لا تقبل المساومة، ولكن الواقع السياسي في العالم العربي وخارجه يدعم الإصلاح المرحلي التدريجي كنموذج في مواجهة التغيير الشامل مع كل تجربة مطلبية أو ثورية.;