علّقت الروائية الكويتية فوزية شويش السالم على مقال أمس عن كتابة الرواية بما يلي: «أن تكتب رواية يعني أن تفكر مئة مرة ماذا ستضيف إلى ما سبق كتابته؟ أن تكتب رواية يعني الخوف مما ستكتبه وكيف سينعكس ضرره عليك، من ناحية الرقابة ومن قِبل المجتمع! وما يمكن أن تثيره في وجهك النعرات القبلية والمخاوف الأسرية، إضافة إلى محاذير مجتمعاتنا التي لا تقبل النقد ولا المواجهة ولا الكشف ولا المصارحة، ولا تحب أن ترى ذاتها في مرآة الرواية.
الكتابة في مجتمعاتنا الخليجية إذا أردت أن تنجح فيها عليك أن تتقن كيف تمشي على الزجاج دون أن يجرحك».
والأستاذة فوزية بالمناسبة أديبة ذات تجربة عميقة وممتدة في عالم الكتابة الإبداعية والصحافية والنقد الأدبي، كما أنها ترتكز على مخزون حقيقي من الوعي والثقافة.
إن هذا الرأي في الحقيقة يحيلنا إلى رأي مشابه تحدثت به كاتبة كبيرة بوزن إيزابيل الليندي لا علاقة لها بالعرب ولا بمجتمعات الخليج، حين ذكرت في كتابها «بلدي المُخْتَرع» علاقتها بوطنها الأصلي التشيلي الذي هاجرت منه، بعد إجهاض تجربة الرئيس سلفادور اللينيدي الديمقراطية على يد وكالة الاستخبارات الأميركية!
في «بلدي المُخْتَرع» تتحدث إيزابيل عن عائلتها الممتدة التي تعيش في التشيلي، وكيف كان استياء نساء العائلة كبيراً بعدما علمن أنها تحدثت عنهم وعن أسرارهم في رواياتها، حين جعلت من بعضهن نماذج لشخصيات في أكثر من رواية «صورة عتيقة، ابنة الحظ»، لقد قاطعتها الجدات، معتبرات أنها نشرت غسيل العائلة القذر على مرأى العالم! وكان الاستياء أكبر حين تحولت إحدى هذه الروايات إلى فيلم سينمائي، ولم يخفف من غضبهن سوى قيام ميريل ستريب بدور البطولة!
ليس من السهل تقبُّل الانكشاف والتعري أمام الجميع بالنسبة إلى مجتمعات مغلقة وصغيرة وشبكة العلاقات فيها معقدة جداً، مجتمعاتنا ما زالت تعيش في القرية حين يتعلق الأمر بالمصارحة والنقد العلني، بينما الرواية ابنة المدينة، كما قال الناقد الروسي الكبير لوكاش، بسبب التحولات المفصلية التي أصابت بنية مجتمع المدينة من حيث الأنساق والعلاقات والأفكار وغير ذلك!