أحدث الأخبار
  • 07:49 . سوريا تستأنف تصدير النفط الخام بعد 14 عاما من التوقف... المزيد
  • 12:54 . مقررة أممية: "إسرائيل" قتلت من الصحفيين أكثر مما قُتل بالحربين العالميتين... المزيد
  • 12:46 . السودان.. أكثر من ألف قتيل بانزلاق أرضي بإقليم دارفور... المزيد
  • 12:45 . إيران تؤكد الاستعداد لخفض تخصيب اليورانيوم بحال التوصل لاتفاق... المزيد
  • 12:18 . وزير خارجية بريطانيا: أفعال "إسرائيل" لن تنهي الحرب ولن تعيد الأسرى... المزيد
  • 12:17 . رئيس الوزراء العراقي يزور سلطنة عُمان غدًا... المزيد
  • 12:11 . "الوزاري الخليجي" يدعو لوقف حرب غزة... المزيد
  • 11:54 . تعديل وزاري محدود يشمل وزارة الصحة وتعيين أحمد الصايغ وزيراً جديداً... المزيد
  • 11:52 . مساعدات إماراتية عاجلة لمتضرري السيول غربي اليمن وسط جدل حول انتقائيتها جنوباً وغرباً... المزيد
  • 11:31 . "التربية" تعتمد دليلاً إجرائياً جديداً للغياب.. إعادة السنة بعد 15 يوماً غير مبرّرة... المزيد
  • 11:23 . "المعاشات" تحذر من مفاهيم خاطئة تقود إلى قرارات تقاعدية غير آمنة... المزيد
  • 01:48 . إندونيسيا تشدد الإجراءات الأمنية بعد احتجاجات دامية... المزيد
  • 12:02 . 622 قتيلا في زلزال ضرب جنوب شرق أفغانستان... المزيد
  • 12:01 . المدارس الحكومية تطبق منظومة مؤشرات السلوك المتميّز بين الطلبة... المزيد
  • 12:01 . اجتماع وزاري خليجي في الكويت اليوم يتبعه لقاء مشترك مع اليابان... المزيد
  • 12:00 . الحوثيون يستهدفون سفينة نفط إسرائيلية شمال البحر الأحمر... المزيد

ترامب وإلغاء البدلات في السعوديّة

الكـاتب : جمال خاشقجي
تاريخ الخبر: 01-10-2016


إذا فاز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، فسيكون ذلك بسبب «الوظائف»، فهي أم القضايا في الانتخابات.

اتفق معظم المحللين الذين تابعوا المناظرة الرئاسية بينه وبين المرشحة المنافسة القوية هيلاري كلينتون، مساء الاثنين الماضي، على أن ترامب سجّل نقاطه في مرمى كلينتون خلال نصف الساعة الأول المخصّص لموضوع «خلق الوظائف»، بينما دمرته هيلاري بخبرتها وتحضيرها الجيد طوال الساعة التالية وهما يناقشان بقية المواضيع.

في اليوم نفسه، كان السعوديون مشغولين بقرارات حكومية خفّضت بدلات وعلاوات كانوا يحصلون عليها ضمن رواتبهم الشهرية، ما يعني انخفاضاً في إجمالي دخلهم الشهري يتفاوت بين قطاع وآخر.

إنه الموضوع نفسه، الوظائف والدخل، والذي يتّفق عليه السعودي والأميركي ومواطنو كل بلاد العالم. لكن مشكلة السعوديين مختلفة عن غيرهم، ذلك أن الحكومة هي المُوَظِّف الأكبر والمفضل عندهم، وليس قطاعات الأعمال والخدمات، كما هي الحال في أميركا وغيرها من الدول ذات الاقتصاد الإنتاجي. بالتالي، كانت القرارات التي وصفت بالتقشفية شاغلة، ليس للمواطنين «الموظفين» لدى الحكومة فقط، وهم غالبية اليد العاملة السعودية، وإنما لعموم الاقتصاد، فانعكس القرار سلباً في اليوم التالي على سوق المال التي انخفضت أكثر من 200 نقطة دفعة واحدة. وستستمر تأثيراته في عموم الاقتصاد، مثل حجر أُلقي في بحيرة لم تكن ساكنة، وإنما تموج بتأثيرات انخفاض سوق النفط وإلغاء أو تجميد كثير من المشاريع الحكومية الكبرى، وقبل هذا وذاك انخفاض أسعار النفط.

لو استمع السعودي إلى ترامب أو حتى كلينتون، فإن الحل يكمن في خلق مزيد من الوظائف، مثلما وعدا في مناظرتهما المشار إليها. الأول يريد وقف خروج الوظائف من أميركا إلى الصين والمكسيك وإعادة ما خرج منها، وهو وعد سهل قوله صعب تطبيقه. كلينتون لديها حلول أفضل، فهي تعد بزيادة الإنفاق على مشاريع تجديد البنية التحتية المتهالكة، والتوسع في مشاريع الطاقة البديلة، ولكل منهما خطة مفصلة لتوفير الوظائف وبالأرقام. كلينتون مثلاً، قالت إنها تستهدف خلق 10 ملايين وظيفة جديدة خلال سنوات حكمها، إن فازت طبعاً.

الحلول الأميركية تبدو منطقية ويمكن تطبيقها هناك، ذلك أن الأميركي يعمل بنفسه ويبحث عن الوظيفة، وينقم في شدة على السياسيين الذين جعلوه يفقد وظيفته السابقة ولم يوفروا له وظيفة بديلة، أو أنه وجد وظيفة براتب منخفض عن وظيفته السابقة.

خلق وظائف (نحن نقول توليد) ركن أساس في رؤية المملكة للمستقبل 2030، إذ نريد تقليص الاعتماد على النفط بخلق موارد بديلة وجديدة، وذلك بالتوسع في قطاعات الأعمال والخدمات، لكن لدينا مشكلة نتفرد بها ولا تواجه ترامب ولا كلينتون، وهي أن «عجينة القوة العاملة» في السعودية مكونة حالياً من 85 في المئة أجانب و15 في المئة سعوديين، ولا توجد لدينا نية جادة للتحرر من الاعتماد على العمالة الأجنبية، بل إن المخططين لرؤية 2030 يرون في توافر عمالة رخيصة في بلادنا وقربنا من مصادرها ميزة تجب الاستفادة منها، وهي مسألة وإن كانت صائبة محاسبياً لكنها خاطئة سياسياً ووطنياً، فالوظائف تخلق أصلاً للمواطنين، والدول «أوطان» وليست شركات. ولو فعلنا ذلك سنحافظ على المعادلة نفسها التي شعرنا بألمها الأسبوع الماضي، بصدور القرارات الملكية التي خفّضت رواتب موظفي الدولة، وهي اعتماد الاقتصاد الوطني على دخل موظفي الحكومة.

في أميركا، أوقف الكونغرس غير مرة الصرف على الحكومة الفيديرالية بسبب خلاف بينه وبين الرئيس، إذ إن الأخير غير مخوّل إصدار أوامر بالصرف المالي، وهو مبدأ دستوري لتقرير الفصل الصارم بين السلطات، فتتعطل الحكومة الفيديرالية. حصل ذلك مرتين أو ثلاثاً، آخرها الثلثاء الماضي. لم يهتم أحد غير موظفي الحكومة وأسرهم ودائنيهم، ولم تتأثر سوق المال. والسبب أن الموظفين الفيديراليين لا يكادون يظهرون وسط ملايين القوى الأميركية العاملة، بينما في المملكة عددهم متقارب، إذ يصل عدد العاملين لدى قطاع الأعمال إلى 1.7 مليون، بينما تعداد العاملين المدنيين لدى الحكومة 1.2 مليون، وهناك مثلهم وأكثر في القطاع العسكري. لكن، إذا أخذنا في الاعتبار أنهم يحصلون على رواتب أفضل وأكثر استقراراً، كما أن هناك ما نسميه سعودة وهمية، وهؤلاء مسجلون موظفين بالحد الأدنى من الراتب، أي 3 آلاف ريال فقط، تنفيذاً لأنظمة وزارة العمل الأخيرة التي تكافئ قطاع الأعمال بمنحه تأشيرات استقدام بقدر التقدم الذي يحققه بمنشآته في نسبة السعودة، فكأن الوزارة تداوي الخلل بالتي كانت هي الداء، فالعمالة الأجنبية هي داء الاقتصاد والإنتاج، لكن طالما وصلت إلى النسبة المرضي عنها فإليك ببضع تأشيرات!

هل قرار الدولة مجرد استجابة لضغوط انخفاض الدخل لتراجع أسعار النفط، وبالتالي يمكن أن يكون مجرد قرار موقت لظروف المرحلة، أم أنه يأتي ضمن خطة التحول الوطني الداعية إلى «كفاءة الإنفاق»؟

لن ينكر أحد أن أنظمة البدلات والانتدابات والنثريات المترامية في أركان كل وزارة، لا تنطبق عليها قواعد كفاءة الإنفاق ولا الترشيد. لكن، هل هناك هدف أعمق من سابقيه، وهو إعادة هيكلة جسم الخدمة المدنية المترهل، بجعل الوظيفة الحكومية غير مغرية، وتشجيع موظفي الدولة على الانتقال إلى قطاع الأعمال والتجارة والصناعة، لتحقيق رؤية زيادة الإنتاج غير النفطي؟

لا أستطيع تقديم إجابة أكيدة، إذ لم يكلف نفسه أي مسؤول من وزارات الخدمة المدنية أو المالية أو العمل أو الإعلام ليعقد مؤتمراً صحافياً يشرح الغرض من هذه القرارات.

أعتقد أن الأسباب الثلاثة السابقة وجيهة، لكن آخرها هو الأهم. فالحل يكمن في قطاع الأعمال، وما يحدد هناك مصير الوظائف وقدر الرواتب والعلاوات والبدلات هو كفاءة الموظف وإنتاج الشركة وحال الاقتصاد، وهذه أفضل من ترك كامل الاقتصاد تحت رحمة موظفي الحكومة وأسعار النفط. فبقدر ما اقتصاد المملكة في حاجة إلى التحرر من الاعتماد على النفط، فإنه أيضاً في حاجة إلى التحرر من الاعتماد على موظفي الدولة، وثمة قاعدة أخرى، أن الحكومة الصغيرة هي دوماً أفضل أداء.

لكن المعضلة الكبرى أن معظم قطاع الأعمال مُحتلّ طولاً وعرضاً إدارة ووظيفة وتملكاً وخبرة، من الأجانب، وحتى تتحرر السوق منهم فسيجد موظف الحكومة الراحل إليها صعوبات تجعله يتمنى يوماً من أيام الوظيفة «الميري».