أحدث الأخبار
  • 02:29 . اليمن.. الاحتلال الإسرائيلي يشن هجوماً على الحديدة... المزيد
  • 07:48 . كيف جاءت سياسة أبوظبي الخارجية بنتائج عكسية في سوريا والسودان؟... المزيد
  • 06:38 . نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”... المزيد
  • 05:37 . مباحثات سعودية مصرية حول جهود وقف إطلاق النار في غزة ومنع التصعيد بين إيران و"إسرائيل"... المزيد
  • 02:02 . تصعيد دبلوماسي جديد.. الخرطوم تتهم أبوظبي بتوفير غطاء دولي لجرائم الدعم السريع... المزيد
  • 12:01 . جبل الحبن بالفجيرة يسجل أدنى درجة حرارة في الدولة... المزيد
  • 11:50 . "التربية" تضع آليات مرنة لتصديق الشهادات الدراسية لطلبة الثاني عشر... المزيد
  • 11:47 . بريطانيا تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 14 عاماً... المزيد
  • 11:39 . الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ويفعّل صفارات الإنذار... المزيد
  • 11:22 . إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا" ويعد بكسر احتكار الحزبين... المزيد
  • 06:37 . دبي تعتمد بطاقة الرسوم المدرسية للعام الأكاديمي 2025–2026... المزيد
  • 05:48 . 24 قتيلا على الأقل وأكثر من 20 مفقودة بسبب فيضانات في تكساس... المزيد
  • 05:46 . محمد بن راشد: مليار وجبة وصلت إلى 65 دولة وخطة لمضاعفة العطاء العام المقبل... المزيد
  • 11:24 . قرقاش: الحروب تحاصر المنطقة والحل في الحوار الإقليمي... المزيد
  • 11:16 . وزير الخارجية السعودي: نعمل على تحديد موعد إطلاق مؤتمر “إقامة دولة فلسطينية”... المزيد
  • 11:06 . إعلام عبري: تل أبيب تلقّت رد حماس بشأن الهدنة في غزة وتوقعات باتفاق وشيك هذا الأسبوع... المزيد

حقيقة استطلاعات الرأي

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 25-10-2016

استطلاعات الرأي العام من أهم أدوات العلوم الاجتماعية وصناع القرار في التعرف على اتجاهات الشارع حول القضايا المختلفة، وكيف تتشكل وتتغير هذه الاتجاهات في إطار التحولات المختلفة في المجتمع، ومن أكثر استخدامات هذه الاستطلاعات شيوعاً، في المجتمعات الديمقراطية على الأقل، استطلاعات آراء الناخبين حول اختياراتهم من المرشحين وموقفهم من الأجندات الانتخابية المختلفة، كلما اقتربت الانتخابات في أي بلد ينشط المستطلعون للتعرف على احتمالية فوز أحد المرشحين من خلال استطلاعات شبه يومية لآراء الناخبين، هذه الاستطلاعات تراقبها الحملات الانتخابية والممولون لها عن قرب لمعرفة ما يجب عمله للوصول بمرشحهم إلى الفوز.
من الناحية العلمية، استطلاع الرأي يتم من خلال اختيار عينة عشوائية منظمة، هذه العينة تختار بناء على عملية إحصائية معقدة وليست «عشوائية» بالمعنى البسيط، الاختيار يضمن أن تكون العينة نسخة مصغرة من المجتمع حسب توزيعه الجغرافي وتقسيماته المختلفة من جنس وعمر وما إلى ذلك، لذلك يمكن للمختصين حساب ما يسمى بمعامل الخطأ لكل استطلاع، وذلك يعني أنه لو كان الاستطلاع يتوقع فوز مرشح ما بنسبة 50% وكان معامل الخطأ 3% فإن إجراء ذات الاستطلاع بشكل متكرر لن يعود بنتيجة تزيد عن 53% أو تقل عن 47 لصالح هذا المرشح، بالتالي فإن الاستطلاع إذا أجري بشكل علمي منهجي فإنه يحمل مصداقية عالية في التعبير عن رأي الشارع.
إذاً، لماذا تكون الكثير من استطلاعات الرأي مخالفة للواقع عندما تظهر النتائج؟ خلال هذا العام أخطأت استطلاعات الرأي مراراً، في التصويت لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي توقعت الاستطلاعات البقاء، ومع ترامب تأرجحت الاستطلاعات خلال الانتخابات التمهيدية، في واقع الأمر الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، فهناك العديد من العوامل التي تتسبب في سقوط الاستطلاعات في اختبار الواقع.
أهم الأسباب هي أخطاء منهجية، اختيار العينة بشكل غير مناسب أو إغفال بعض محددات المجتمع السكاني، مثلاً ربما اختيرت العينة من المدن فقط وأغفلت الأرياف، أو كان الاستطلاع باستخدام الإنترنت وبالتالي أغفل أولئك الذين لا يستخدمون الإنترنت بشكل منتظم مثل كبار السن، وهكذا فإن ضعف المنهجية سينتج عينة لا تمثل المجتمع بشكل مناسب، أيضاً ربما كانت الأسئلة المستخدمة غير واضحة أو معقدة أو لا تعبر عن النتيجة المرجوة، وبالتالي نحصل على إجابات غير متوافقة مع ما ينبغي للدراسة أن تعبر عنه، وربما تفتقر الدراسة إلى سؤال يحدد تأثير الرأي على مجريات الأحداث، مثلا ألا يسأل الاستطلاع الناخب إذا كان قد صوت في انتخابات سابقة أو إذا كان ينوي التصويت هذه المرة، في الولايات المتحدة تزيد نسبة دعم ترامب لدى أولئك الذين لا يصوتون عادة، وبالتالي عدم احتساب ذلك سيعطيك نتيجة غير متوافقة مع الواقع.
خلاف هذه الأسباب المنهجية هناك أسباب بشرية تؤثر على التوافق بين نتيجة الاستطلاعات ونتيجة الانتخابات، من ذلك مثلا الحرج الاجتماعي، في الولايات المتحدة هناك تباين بين نسبة الذين يقولون إنهم ينوون التصويت ونسبة الذين يصوتون فعلاً، فلا أحد يحب أن يقول إنه أكسل من أن يخرج من بيته إلى مكان الاقتراع، والفعل لا يتوافق دائماً مع القول، من السهل أن تقول رأيك في اتجاه معين، لكن الالتزام بهذا الرأي عملياً مسألة أخرى، كما أن الرأي ليس أمراً ثابتاً، رأيك قد يتغير في ثوان معدودة، ويحدث ذلك خاصة عندما تتغير الظروف على الأرض أثناء أو بعد تنفيذ الاستطلاع مباشرة، ربما ظهرت فضيحة مرتبطة بأحد المرشحين أو أن أحدهم صرح تصريحاً معيناً أثر على قطاع واسع من الناخبين وغير آراءهم، وأخيراً فإن نتائج الاستطلاعات بحد ذاتها تؤثر على سلوك الناخبين، أحياناً يتسبب استطلاع يشير إلى تباين كبير بين فرص المرشحين في الفوز بإصابة داعمي المرشح الذي يشير الاستطلاع إلى خسارته بالإحباط، وبالتالي يتقاعس الكثير منهم عن التصويت اعتقاداً منهم بأنه صوتهم لا معنى له، على العكس تتسبب الاستطلاعات التي تشير إلى تعادل إحصائي بين المرشحين إلى استنهاض الكثير من الذين يكسلون عن التصويت، لأن النتيجة قد تكون رهينة بأعداد قليلة من الأصوات، ولا يرغب الناخب أن يكون سبباً مباشراً في خسارة مرشحه.
لكن هل يعني ذلك أن الاستطلاعات لا يمكن الاعتماد عليها؟ باختصار لا، الاستطلاعات غالباً تنجح في استشراف نتيجة الانتخابات متى أجريت بشكل علمي، وفشلها في ذلك وإن كان ملحوظاً إلا أنه استثنائي، والاستطلاعات أقدر على اكتشاف التوجه العام منها على حساب نتيجة دقيقة لانتخابات ما، المشكلة في تعاملنا مع الاستطلاعات هو عدم قدرة معظمنا على تقييم جودة هذه الاستطلاعات وعلميتها، في العالم العربي تحديداً هناك ضعف منهجي كبير في التعامل مع استطلاعات الرأي العام، ما زالت مؤسسات كبرى تعتمد على تصويت على مواقعها أو حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي في قياس الرأي العام، وهذه الاستطلاعات لا تعبر عن أحد باستثناء أولئك الذي صوتوا فيها، لا يمكن تعميم نتائج أي استطلاع على مجتمع ما بدون استخدام منهجية علمية رصينة، ولا يجب ادعاء أن استطلاع ما يعكس رأي الشارع ما لم تتوفر دعائم علمية لهذا الادعاء.;