أحدث الأخبار
  • 09:27 . هل تذهب أبوظبي فعلاً إلى قطع علاقاتها مع الاحتلال إذا مضى في ضم الضفة الغربية؟... المزيد
  • 09:23 . الإمارات وقطر توقعان مذكرة تفاهم للتعاون بمجالات العمل وتنمية الموارد البشرية... المزيد
  • 09:22 . رئيس الدولة وسلطان عُمان يؤكدان دعم الشعب الفلسطيني وحل الدولتين... المزيد
  • 06:52 . مباحثات أوروبية ـ إيرانية في الدوحة حول البرنامج النووي قبل إعادة فرض العقوبات... المزيد
  • 06:52 . حماس: مجرم الحرب نتنياهو يصر على إفشال جهود الوسطاء... المزيد
  • 06:50 . "رويترز": ترامب يعتزم السماح بصفقة بيع 100 طائرة مسيّرة متطورة إلى السعودية... المزيد
  • 06:50 . قطر والاتحاد الأوروبي يبحثان في الدوحة مستجدات غزة والقضايا الإقليمية المشتركة... المزيد
  • 12:21 . متعاملون يشكون تأخير إصدار "براءة الذمة" وخبراء يقترحون منصة موحدة... المزيد
  • 12:15 . روسيا تعلن دفع تعويضات بشأن الطائرة الأذربيجانية المنكوبة... المزيد
  • 11:03 . الأبيض يقلب الطاولة على "نسور قاسيون" بثلاثية ودية مثيرة... المزيد
  • 11:02 . ردا على العرض العسكري الصين .. ترمب يغير اسم "وزارة الدفاع" الأمريكية إلى "وزارة الحرب"... المزيد
  • 11:00 . إطلاق برنامج وطني للفحص الصحي وتطعيمات الطلبة في المدارس الحكومية... المزيد
  • 10:37 . نفوذ إماراتي يثير جدلاً باليمن.. منح دراسية خارج الأطر الرسمية واحتجاجات في سقطرى... المزيد
  • 10:04 . اتحاد دولي: الإمارات إحدى أسوأ دول العالم تخلياً عن البحارة... المزيد
  • 05:23 . الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية نوعية استهدفت مطار بن غوريون... المزيد
  • 05:18 . ترامب يلوح بمعاقبة روسيا وبوتين يدعو زيلينسكي للقائه بموسكو... المزيد

نهاية عالمنا

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 31-01-2017


يبدو أن كل توقعاتنا المتشائمة حول ترمب كانت متواضعة مقارنة بواقع الحال اليَوْم، الرئيس الجديد نجح في أيام قليلة في إثارة جدل استثنائي حول العالم جراء قراراته المتهورة في مختلف المجالات، في بريطانيا جمعت تواقيع أكثر من مليون شخص على عريضة تطالب بإلغاء الزيارة المتوقعة للرئيس الأميركي إلى لندن، رئيس المكسيك يلغي زيارته لواشنطن وألمانيا ومنظمة التعاون الإسلامي تصدران بياناً شديد اللهجة ضد قراراته المتعلقة بالمهاجرين، وهذاغيرالمظاهرات غيرالمسبوقة في الولايات المتحدة ضد ترمب وامتدادها إلى المملكة المتحدة وأوروبا، ولكن لماذا تفرز تحركات ترمب ردود الأفعال المتصاعدة هذه رغم أنه لم يزد على ما وعد به في حملته؟
على أحد البرامج الإذاعية البريطانية التي تستقبل اتصالات المشاهدين سأل المذيع المتصل عن سبب معارضته لترمب وقراراته فكان رده «قد يكون ترمب بداية لنهاية العالم كما نعرفه» ولا شك أن هذه الفرضية معبئة عاطفياً ومبالغ فيها ولكنها تحمل شيئاً من الصحة، ما يقوم به ترمب اليوم قد يشكل بداية لنهاية العالم الذي نعرفه، ذلك المحكوم بالاستعلائية الأخلاقية الليبرالية الغربية، النظام العالمي ومنذ انتصار دول التحالف في الحرب العالمية الثانية وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي في ثمانينيات القرن الماضي بني على قيم الليبرالية الغربية، وهذه القيم يتم تصويرها على أنها الأساس لهذا النظام العالمي وهي نهاية المطلب في التطور الإنساني، ما حصل مع ترمب هو أن أولئك الذين كانوا يجلسون على الهامش في المجتمع الغربي أصبحوا فجأة في المركز، هؤلاء ليسوا بالضرورة من مؤيدي تلك القيم الليبرالية بكليتها، بل يعارضونها كثيراً لصالح نظرة شعوبية ضيقة وانعزالية سيكون وصولها إلى السلطة ضارباً لفرضية عالمية القيم الليبرالية.
ترمب يشكل انطلاقة لتلك الشعوبية الشعبوية التي بدأت تتنفس الهواء الطلق في العالم الغربي والتي تطمح إلى الانسحاب من العالم وتحويله إلى محيط مظلم يحتوي مجموعة من الجزر المعزولة والمتصارعة، بطبيعة الحال فإن الصورة المثالية التي يسوقها الليبراليون الغربيون عبر طرحهم الثقافي والسياسي لا تشكل حقيقة العالم، العالم الْيَوْمَ تحكمه مصالح غربية ضيقة تضرب بقيم الليبرالية عرض الحائط عندما تتعارض تلك القيم مع هذه المصالح، ولكن الغرب كان يمارس من خلال هذه القيم استعلاءً حضارياً على الآخرين، فيطالب الآخر بأن يكون ديمقراطياً مثله ومتقبلا للآخر مثله ومحترماً لحقوق الأقليات مثله، وتستخدم تلك القيم سلاحاً ضد أعداء هذا النموذج باعتبارها تجسيداً للإنسانية في أرقى صورها، وما يقوم به ترمب اليوم من خلال قراراته المعادية للهجرة والمُنْطلِقة من طرح أيديولوجي عدائي تضرب هذا النموذج القيمي الغربي في جوهره وتفقد الغرب مكانته الحضارية التي تبرر هيمنته على العالم سياسياً وثقافياً.
اليوم شعار الليبراليين في الغرب هو المقاومة، وبينما يقصدون عبر شعاراتهم مقاومة العنصرية إلا أنهم من ناحية أخرى يقاومون سقوط النموذج الغربي، هذه المقاومة ستستمر وستزداد قوة وبينما لا يتصور أنها ستحدث تغييراً سياسياً في الولايات المتحدة إلا أن آثارها ستكون مسموعة عالمياً، هذه المقاومة إما ستنجح في حشد القوى التي تمثل هذا النموذج الليبرالي وتتبناه أو أنها ستكون سبباً في ردة فعل حاسمة من الجالسين على الهوامش والذين تجاهلتهم الأفكار التقدمية من خلال العولمة الاقتصادية، فمناصرو ترمب ومن على شاكلته يمثلون بشكل أساسي المتضررين من الاقتصاد الحر في دولهم والمتضررين من تعويم القيم وحرية حركة العمال والبضائع وأولئك اليوم يَرَوْن في ترمب رمزاً للتحرر من هذه القيم وما أفرزته وتحقيقاً لمبدأ «نحن أولاً».
مستقبل العالم اليوم يتشكل عبر نمومتزايد للانعزالية الشعوبية وتصاعد للأزمات السياسية والعسكرية التي ستفرزها هذه النزعة، وفي حال تطور الاستقطاب في الحالة الغربية بين أولئك الذين يتمسكون بالنموذج الليبرالي الغربي وبين الذين يبشرون بعالم جديد يشكل ترمب انطلاقة له فحتى الهياكل السياسية الغربية مهددة بالانهيارأوعلى الأقل إعادة التشكل، هذا الاستقطاب نجح حتى الآن في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفي وصول ترمب لسدة الحكم ولا يستبعد أن نشهد خلال انتخابات هذا العام في أكثر من دولة أوروبية تصاعداً في وتيرة هذه الأحداث لصالح فريق ترمب ورؤيته التي يتبناها اليمين المتطرف الأوروبي، قد نشهد خلال هذا العام بداية النهاية لنظام عالمي تصوَّرالكثيرون أن لا رجعة منه ولا خروج عنه، ولكن هذه النهاية ستكون مدوية ولن تمرعلينا كأي تغير سياسي شهدناه في حياتنا.;