أحدث الأخبار
  • 08:13 . رحيل الفنانة الإماراتية القديرة رزيقة الطارش عن عمر 71 عاماً... المزيد
  • 01:30 . وسط تصاعد الخلافات الإقليمية.. محمد بن سلمان يلتقي طحنون بن زايد في جدة... المزيد
  • 01:29 . رغم مأساة أهل غزة .. زعيم المعارضة لدى الاحتلال يزور أبوظبي لبحث "ملف الأسرى"... المزيد
  • 12:07 . الإمارات "تدين بشدةٍ" دعوات الاحتلال فرض السيطرة على الضفة وتصفه بالتصعيد الخطير... المزيد
  • 12:03 . حدث أمني في خان يونس وهبوط مروحيات للإحتلال في موقع الحدث... المزيد
  • 12:02 . حماس: نبحث مع الفصائل عرضا قدّمه الوسطاء لوقف النار بغزة... المزيد
  • 12:00 . وزير الدفاع السعودي يبحث خفض التصعيد مع ترامب وطهران... المزيد
  • 11:55 . سوريا تطلق هوية بصرية جديدة.. ما الرسائل التي تحملها؟... المزيد
  • 08:02 . الكشف عن تحويلات قادمة من الإمارات في واحدة من أكبر قضايا غسيل الأموال بكندا... المزيد
  • 01:13 . "الأرصاد": ارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة خلال يوليو وتأثيرات جوية متقلبة... المزيد
  • 11:31 . اتفاقيات استراتيجية بين شركات سعودية وإندونيسية بـ27 مليار دولار... المزيد
  • 11:25 . محمد بن زايد ورئيس وزراء اليونان يبحثان التطورات الإقليمية وسبل تعزيز الأمن والسلام... المزيد
  • 11:23 . "الأوراق المالية" تحذر من التعامل مع شركات وهمية... المزيد
  • 11:21 . "التربية": لا استثناءات للسفر أو المرض المؤقت يمنحان الطالب حق أداء الاختبارات "عن بعد"... المزيد
  • 11:16 . تحقيق: متعاقدون أميركيون يطلقون النار ويستخدمون قنابل صوتية ضد فلسطينيين خلال توزيع مساعدات بغزة... المزيد
  • 11:09 . إعلام عبري: السعودية تدخلت لإسقاط مسيّرات وصواريخ إيرانية كانت في طريقها نحو "إسرائيل"... المزيد

المالكي واتهامه السعودية

الكـاتب : عبد الرحمن الراشد
تاريخ الخبر: 30-11--0001


حتى قبل أن يتسلم نوري المالكي رئاسة الوزراء في العراق، قبل ثماني سنوات، اختارت السعودية سياسة الابتعاد عن العراق، اعتقادا منها أنه وحل ورط الأميركيون أنفسهم فيه، وعليهم تدبر أمرهم هناك. وكان الأميركيون قد عرضوا على الجانب السعودي الانخراط، طالبين مساعدته في العملية السياسية لتشكيل العراق الجديد، بعد إسقاط نظام صدام حسين، إلا أن الرياض اختارت سياسة النأي بالنفس، واعتزلت تماما الأحداث هناك، إلى درجة أنها منعت رجال أعمالها من المتاجرة مع الجانب العراقي والأميركي، فذهبت كل عقود مليارات الدولارات إلى شركات كويتية وغيرها.

وحتى عندما مكن الأميركيون شخصية عراقية سنية عربية، شبه سعودية، هو غازي الياور الجربا، (درس وعاش في المملكة)، ليكون أول رئيس جمهورية للعراق بعد سقوط صدام، من خلال مجلس الحكم في عام 2004 - ظلت الرياض ترفض التعامل معه، وكان يزور السعودية بصفة شخصية لا رئاسية. وقد حاول كثيرون أن يثنوا الرياض عن سياستها الانعزالية والمشاركة في رسم مستقبل العراق، لكنها أبت.

إذن، لم تكن المشكلة موجهة ضد شخص المالكي، ولا ضد السياسيين الشيعة، بل كانت سياسة اعتمدتها الحكومة السعودية، بغض النظر عن حكمنا عليها، صحيحة أم خاطئة.

وبدل أن يشكر المالكي السعودية لأنها ابتعدت تماما عن المشهد العراقي، ولم تناصر أي فريق على مدى عشر سنوات، دأب على مهاجمتها، مع أنه يعرف أن دولة كبيرة ومجاورة الحدود لبلاده كالسعودية، وفيها مراجع دينية سنية كبيرة، وعلى علاقة خاصة مع الولايات المتحدة - كانت قادرة على تغيير المعادلة في سنوات الاحتلال وبعده، لكنها لم تفعل. وخطأ المالكي ليس أنه هاجم السعودية، فهذا تكتيك كان يلجأ إليه، هو وبعض وزرائه، لأغراض سياسية داخلية، الجريمة التي ارتكبها هي بحق مواطنيه وبلده. فهو على مدى ثماني سنوات تعمد ألا يجري مصالحة وطنية بعد أن أصبح قادرا على تحقيقها بسلطاته النافذة، ووجود نظام حكم واسع قادر على احتضان الجميع. عوض المصالحة والمشاركة، تبنى سياسة المركزية الشديدة لسلطاته، فلم يشرك معه أحدا مع أن حكومته جاءت كائتلافية. وأبقى على التوتر بين الجميع، ظنا منه أن ذلك يضعف منافسيه، فهو ليس بزعيم لحزبه «الدعوة» الذي ينتمي إليه، وليست له أهمية دينية، ولا هو الشخصية السياسية الوطنية التي يمكن أن يجتمع عندها السياسيون. انتهج سياسة طائفية، ولم يلاحق السنة الذين ناصبوه العداء قط، بل لاحق السنة العرب الذين قبلوا العمل معه، وتجرأوا على الوقوف ضد المتعصبين من أبناء طائفتهم، مثل صالح المطلك ورافع العيساوي والنجيفي وآخرين!

وفي رأيي، إن المالكي ليس بصاحب سياسة طائفية بمعناها الديني، بل هو سياسي حريص دائما على استغلال متعصبي الشيعة ليكونوا إلى صفه، في إطار التنافس الشيعي - الشيعي. فمنافسوه من قياديي الشيعة من بيوت دينية كبيرة، مثل السيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم، ويتبعهما ملايين العراقيين، وقد طورا مشروعا سياسيا أفضل من المالكي، والمفارقة أنهما أقل حرصا على الطائفية منه. هو يعتقد بمزايدته عليهما، وبقية القيادات الشيعية، باضطهاده السنة والمجاهرة بذلك، أنه يتكسب شعبيا، ويضع قيادات الشيعة الأخرى في الزاوية عند الشيعة المتطرفين والمحافظين، مستخدما لغة التخويف والتحريض والتوظيف.

ويؤكد هذا، أن المالكي همش أيضا معظم ممثلي الأحزاب الشيعية التي أوصلته لرئاسة الوزراء، باحتكاره السلطات، إلى درجة أنه أسس مكتبا في رئاسة الوزراء لإدارة الوزارات الرئيسة، ووضع ميزانية ضخمة خاصة له، وبذلك جرد معظم الوزراء من صلاحياتهم. هي نفس عقلية الاستيلاء على الدولة التي مارسها سلفه صدام حسين. وعندما وقعت الكارثة، بسقوط مدينة الموصل وما تلاها من مدن وقواعد، نقل اللوم على أكتاف قوات الجيش، وإلا فكيف يمكن لرئيس الوزراء أن يحاسب وزير الدفاع، وهو نفسه وزير الدفاع ووزير الداخلية والمالية والمخابرات؟!

لهذا، كان المالكي يبحث عن مخرج للتهرب من المسؤولية، ولو كانت الهزيمة في أي دولة أخرى لتمت محاكمته ومحاسبته. للإفلات من اللوم، اخترع رواية المؤامرة، لكن من المتآمر أو المتآمرون؟ لم يسمِ أحدا، لأنها رواية إذا خاض في تفاصيلها ليست مقنعة. فهو نفسه وزير الدفاع الذي انتقى كل قيادات الجيش، بمن فيهم الذين في الموصل وبقية محافظة نينوى، وخذلوه، وهم في معظمهم شيعة، وكذلك قيادات المخابرات العامة والعسكرية والأمنية. وعندما هوجمت حمص من فئة مسلحة قليلة، لم يحاربها الجيش، بل فرت قياداته تاركة آلاف الجنود محاصرين في خطر. فالجيش كان أيضا ضحية قرارات المالكي واختياراته، وفساد إدارته. وللتهرب، بدأ باتهام دول إقليمية، بما فيها السعودية، فكيف يمكن لدول، مثل السعودية، أن تتآمر في بلد عدد قواته أكثر من قواتها، ومدربة من الأميركيين؟ ولماذا تتآمر على تغيير النظام وهي التي رفضت عشر سنوات متتالية التدخل في تشكيل النظام عندما أتيحت لها فرص كثيرة؟

ختاما، العراق لا يحتمل المزيد من المشاكل، ولا المنطقة أيضا، وهو الآن على مفترق طرق؛ إما أن يلملم الأجزاء المكسورة ويبدأ معالجة الأخطاء الحقيقية، بالمصالحة الداخلية وتفعيل نظامه ليتسع للجميع، وإما أن يسير وراء الأكاذيب ليغرق في المزيد من المشاكل.