أحدث الأخبار
  • 09:27 . هل تذهب أبوظبي فعلاً إلى قطع علاقاتها مع الاحتلال إذا مضى في ضم الضفة الغربية؟... المزيد
  • 09:23 . الإمارات وقطر توقعان مذكرة تفاهم للتعاون بمجالات العمل وتنمية الموارد البشرية... المزيد
  • 09:22 . رئيس الدولة وسلطان عُمان يؤكدان دعم الشعب الفلسطيني وحل الدولتين... المزيد
  • 06:52 . مباحثات أوروبية ـ إيرانية في الدوحة حول البرنامج النووي قبل إعادة فرض العقوبات... المزيد
  • 06:52 . حماس: مجرم الحرب نتنياهو يصر على إفشال جهود الوسطاء... المزيد
  • 06:50 . "رويترز": ترامب يعتزم السماح بصفقة بيع 100 طائرة مسيّرة متطورة إلى السعودية... المزيد
  • 06:50 . قطر والاتحاد الأوروبي يبحثان في الدوحة مستجدات غزة والقضايا الإقليمية المشتركة... المزيد
  • 12:21 . متعاملون يشكون تأخير إصدار "براءة الذمة" وخبراء يقترحون منصة موحدة... المزيد
  • 12:15 . روسيا تعلن دفع تعويضات بشأن الطائرة الأذربيجانية المنكوبة... المزيد
  • 11:03 . الأبيض يقلب الطاولة على "نسور قاسيون" بثلاثية ودية مثيرة... المزيد
  • 11:02 . ردا على العرض العسكري الصين .. ترمب يغير اسم "وزارة الدفاع" الأمريكية إلى "وزارة الحرب"... المزيد
  • 11:00 . إطلاق برنامج وطني للفحص الصحي وتطعيمات الطلبة في المدارس الحكومية... المزيد
  • 10:37 . نفوذ إماراتي يثير جدلاً باليمن.. منح دراسية خارج الأطر الرسمية واحتجاجات في سقطرى... المزيد
  • 10:04 . اتحاد دولي: الإمارات إحدى أسوأ دول العالم تخلياً عن البحارة... المزيد
  • 05:23 . الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية نوعية استهدفت مطار بن غوريون... المزيد
  • 05:18 . ترامب يلوح بمعاقبة روسيا وبوتين يدعو زيلينسكي للقائه بموسكو... المزيد

تصحيح تعريف المعارضة فى قاموس السياسة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 21-04-2017


من أنصع التميزات السياسية العربية هى الإصرار الدائم على أن يكون لنا قاموسنا الخاص بفهمنا وتعريفنا لكلمات الآخرين العصرية المتداولة فى كل بقاع العالم. نحن نصر على ذلك بالرغم من أننا لا نساهم حاليا فى إنتاج المعرفة ولا نقوم بأبحاث أصيلة تطويرية فى أى من حقول الأنشطة الفكرية والعلمية والتكنولوجية والإدارية الحديثة.

من هنا نظل نراوح فى مكاننا على هوامش التعابير العصرية، من مثل الديمقراطية والحرية والمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان والحداثة والتقدم وغيرها، والاكتفاء بمظاهر تواجدها السطحى فى حياتنا العربية اليومية، بل والتلاعب بمضامينها واللف والدوران حول ما تتطلبه تلك التعابير من مسئوليات وتغييرات كبرى فى مجتمعاتنا.
***
من التعابير التى نفعل بها كل ذلك وأكثر تعبير المعارضة السياسية. فتعريف المعارضة فى قاموسنا العربى، وبالتالى حقوقها ومسئولياتها وعلاقتها بنظام الحكم ووسائل محاسبتها، يختلف فى كثير من جوانبه عن التعريف المتفق عليه فى قواميس الفكر السياسى الديمقراطى والدول الديمقراطية.
فى تلك الدول تعتبر المعارضة جزءا وجوديا وضروريا لنجاح النظام الديمقراطى. ولا يمكن تصور وجود ديمقراطية بدون معارضة تتمتع بكامل الحرية فى ممارسة نشاطاتها السياسية، وفى نقدها لسلطات الحكم الثلاث، وفى تجييشها السلمى للمواطنين لمعارضة هذا القرار الحكومى أو ذاك، أو لرفض هذا القانون أو ذاك، وفى طرحها فكرا وبرنامجا سياسيا مخالفا للفكر السائد، وفى محاولتها القانونية للحصول على الأكثرية فى المجالس النيابية أو المجالس العامة الأخرى. وهى تتمتع بحق لا يمس لإقامة الندوات الحوارية والمهرجانات الشعبية السياسية من أجل بث أفكارها وبرامجها بين المواطنين.
ومن أجل إيصال صوتها إلى الناس يجب أن يكون لها مكان فى كل وسائل الإعلام الرسمى، إضافة إلى حقها فى امتلاك وسائلها ومنابرها الإعلامية الخاصة بها. ولا يكتمل دورها إن لم تكن لديها القدرة على الحصول على المعلومات التى تحتاجها وتطلبها من كل الدوائر الرسمية والمدنية المعنية.
وفى السنوات الأخيرة أضيف حق للمعارضة فى أن تحصل على دعم لما تحتاجه من خدمات تدريبية واستشارية مماثلة لما تحصل عليه المؤسسات الرسمية.
والواقع أن موضوع المعارضة السياسية أصبح فى عصرنا الحديث من أعقد المواضيع فى الفكر السياسى، وذلك بعد أن أصبح مطلوبا من المعارضة أن تعبُر عن صوت من لا صوت لهم فى مؤسسات الحكم، وأن تتحلى بالحذر والحيطة والاحتراز فى معارضتها للحكومات خصوصا عندما يكون الوطن فى خطر ومحنة، وأن تكون لدى المعارضة البرلمانية حكومة ظل تتابع كل قرارات الحكومة الرسمية وتنقدها. ونستذكر هنا قولا لأحدهم من أن «قراءة التاريخ تثبت أن الحرية دائما تموت عندما يموت النقد فى المجتمع». والنقد الموضوعى البناء المتوازن المتدرج هو مهمة المعارضة الأولى والأعلى.
والواقع أيضا أنه فى غياب المعارضة لا توجد عملية سياسية، بل توجد عملية قهر وابتزاز، وبدلا من حكم محدد بضوابط سيكون هناك حكم مطلق.
***
من المهم جدا أن نبرز بأن ما يقوله الفكر السياسى الحديث عن ضرورة التناغم والتكامل وقبول الآخر فيما بين الحكم والمعارضة موجودة بذوره فى التراث العربى الإسلامى.
فالخليفة عمر بن الخطاب والإمام على بن ابى طالب قد قالاها بصوت عال من أن للأمة الحق فى مراقبة الحكم ونقده ومحاسبته انطلاقا من واجب الأمة فى ممارسة الخلافة التى أوكلها الله لعباده.
فعندما قال أحدهم لعمر: «اتقِّ الله يا عمر»، كان جوابه: «نعم ما قال.... لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نقبلها منكم»، وعمر هو القائل «أيها الناس إذا وجدتم فىَّ اعوجاجًا فقومونى».
أما الإمام على فخاطب الناس بأنه «من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه.... فلا تكفُوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإنى لست فى نفسى بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلى». ذا لكما قولان ناصعان يلخصان روح المعارضة عندما يربطانها بكلمات تقوى الله والحق والعدل.
المعارضة فى تاريخنا شجعها أناس وضاق ذرعا بها ونكل بممارسيها أناس أخر.
من المهم الإشارة هنا إلى أن الشرطين الوحيدين اللذين تلتزم بهما المعارضة هما: العمل ضمن القوانين السائدة والموالاة التامة للوطن. فغير مقبول أن تمارس النقد البذىء، إثارة النعرات الدينية أو العرقية، أو العمل مع الخارج ضد مصالح الوطن، أو استعمال العنف، أو ممارسة نشاطاتها بدون شفافية كاملة، أو عدم الإفصاح عن مصادر تمويلها.
وفى حال أن المعارضة ارتكبت الأخطاء فإن الاحتكام هو أمام القضاء، والقضاء وحده وبشرط وجود قانون حقوقى ديمقراطى معقول يحتكم إليه، وبشرط أن لا يكون مصيرها الحل والاختفاء من الوجود. عند ذاك سنعلن وفاة الحرية وموت المسئولية المجتمعية.
***
قاموس الفكر السياسى العربى وممارسة الحكم فى أرض العرب يحتاج أن يراجع تعريفه لمعنى ومسئوليات وحقوق المعارضة السياسية لتصبح جزءا نشطا وفاعلا ومؤثرا فى الحياة السياسية من جهة، ولتتناغم وتكمل وتوازن مؤسسات الحكم.
أمام قاموسنا لحظات وأقوال مشعة فى تاريخ وتراث الأمة، وأمامه فكر سياسى حديث بالغ الغنى.