أحدث الأخبار
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد
  • 06:35 . "معرفة دبي" تعلق عمليات التقييم والرقابة بالمدارس الخاصة للعام الدراسي القادم... المزيد
  • 12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد

أيُ فصل للدين عن السياسة؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 04-05-2017

من أكثر الشعارات طرحاً في أيامنا الحالية شعار فصل الدين عن السياسة. وبالطبع فان وراء هذا الطرح المتعاظم ما فعله الجنون الجهادي التكفيري بالمجتمعات العربية والإسلامية من تشابك الدين بالسياسة في أسوأ صوره وأخطرها.
لكن طرح هذا الشعار سيحتاج إلى توضيحات وإلى بناء نظري متماسك مقبول من غالبية الناس، وإلا فانه سيعالج صراعات سياسية عبثية خطرة بإدخال العرب والمسلمين في متاهات وصراعات فكرية وثقافية أخطر من تلك التي يعالجها.
من البداية دعنا نستذكر بأن علاقة الدين بالسياسة لم تحسم بعد، حتى في الدول الديمقراطية العريقة. وكتوضيح لذلك لنأخذ الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً. هنا سنأتي بموقفين متواجهين من قبل شخصيتين أمريكيتين شهيرتين. ففي الستينات من القرن الماضي رشُح جون كيندي نفسه لخوض انتخابات رئاسة الدولة الأمريكية. ولأنه كان كاثوليكياً طرح الكثيرون عليه هذا السؤال بقوة وإصرار: هل ستؤثًر قناعاتك الدينية الشخصية بشأن بعض القضايا، من مثل موضوعي الإجهاض والزواج المثلي، على مواقفك وقراراتك كرئيس للجمهورية؟
أجاب كيندي في خطاب طويل شهير بالنفي التام وبأن القناعات الدينية لكل الناس يجب أن تبقى بعيدة عن المناقشات السياسية العامة.
لكن، بعد حوالي خمسين سنة، عندما طرح السؤال نفسه على باراك أوباما، قبل نجاحه في الانتخابات وبعده، كان الجواب مختلفاً. لقد استشعر أوباما التوق الروحي، وبالتالي الديني، في أعداد هائلة من المواطنين الأميركيين… هذا التوق الذي يحتاج أن يعُبر عن نفسه كجزء من الصوت السياسي.
قال الرئيس أوباما بأنه يشعر بأن صخب الحياة الأمريكية اليومية، بدون قيم أخلاقية روحية وبدون أهداف غير مادية وحسية، تجعل حياة الأمريكي خاوية. ولذا فمن واجب التقدميين، الذين يطرح بعضهم حيادية الدولة في الشؤون التي تعارف عليها الناس بأنها قيمية وأخلاقية، يجب أن لا يتجاهلوا «الخطاب الديني»، بل عليهم أن يتعاملوا مع هذا الحقل برفق وزمالة.
لم يكن ذلك الطرح شعارياً انتهازياً، بل كان طرحاً فكرياً سياسياً. ذلك أن طرح موضوع القيم والفضيلة في الحياة السياسية يؤدي في الحال إلى طرح موضوع العدالة والصالح العام في حياة المجتمعات والبشر.
إضافة إلى ذلك فهذا الطرح من قبل أوباما يشكك في صواب مدرسة «الحيادية الليبرالية» التي تنادي بإعطاء الحرية الكاملة للفرد لكي يختار، هو وحده فقط بدون رقيب أو حسيب، ما يعتقد أنه صالح له ومفيد لحياته. إنه طرح يرفض أقوال المدرسة الفلسفية النفعية، التي تقول بأن كل ما هو نافع للفرد هو عادل حتى ولو كان على حساب الآخرين والمجتمعات والبيئة، إي الفردية المطلقة في أقصى جموحها.
والواقع أن الحديث هنا عن القيم والأخلاق الروحية لا يقتصر على السياسة فقط، بل يتعداه إلى حقل الاقتصاد. إنه ردٌ على الفلسفة الرأسمالية النيوليبرالية المنادية بالحرية التامة، غير المنقوصة وغير المنضبطة من قبل تدخُلات الدولة، للأسواق. مثل الفردية المطلقة يجب أن يكون السوق. كلاهما حران فيما يقررانه، باطلاً أو حقاً أو عادلاً.
وبالطبع فان هكذا سياسة وهكذا اقتصاد سيؤديان إلى حياة الغاب، حيث القوي يأكل الضعيف، وإلى غياب تام لمبدأ الصالح العام. ولذلك تجري نقاشات طويلة ومعقدة بشأن هذا الموضوع سواء في اجتماعات الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، أو في الدوائر الأكاديمية. فانعكاسات أخذ وجهة النظر هذه أو تلك ستكون هائلة على حياة الإنسان العادي.
إذا كان مثل هذا الموضوع لا يزال في طور الأخذ والرد في مجتمع استقر فيه النظام الديمقراطي إلى حدٍ كبير، فكيف بمحاولة الوصول إلى نتائج حاسمة في مجتمع عربي لا يزال يحبو في انتقاله إلى الديمقراطية؟
نحن نشير إلى ذلك للفت الانتباه إلى ضرورة درس الموضوع دراسة معمقة، بعيدة عن الغضب العارم الذي يجتاح الوطن العربي من جراء الممارسات الوحشية للجماعات الجهادية التكفيرية، لتحدد معاني الكلمات المطروحة، وتأخذ بعين الاعتبار التاريخ والثقافة والتوق الروحي الإنساني، وتنقل المجتمعات العربية إلى عوالم المشترك المواطني والإنساني التضامني، وتتعلًم من تجارب الآخرين، وتهدف في النهاية إلى عالم يسود فيه العدل والمساواة، وتتوازن فيه الحقوق والمسؤوليات، ويتناغم الرباني مع البشري.
إنها مهمة صعبة ومعقدة، ولكنها ضرورية ونحتاج إلى حملها ومواجهتها بأمانة وصلابة.