حدثني أحد الإخوة المواطنين عن المفاجأة التي كانت بانتظار زوجته الموظفة عندما ذهبت لتسجيل وحيدها في الروضة التي تتبع مدرسة شهيرة في منطقة «محمد بن زايد»، فوجدت طابوراً طويلاً من الآباء والأمهات يمتد لخارج المبنى، وعندما حان دورها لتقديم الأوراق، اعتذر المشرف عن عدم تسجيل صغيرها، بحجة عدم وجود مقاعد كافية، وأن الأولوية للإخوة، ووليدها وحيد!!. غادرت المكان والدهشة تغمرها لهذا الشرط لتواصل معه من جديد رحلة البحث عن مقعد للصغير.
أحد المقيمين بعد عناء البحث عن «مدرسة مناسبة»، وجد عليه أن يملأ بيانات من صفحات عدة لكي يحظى طلبه بالنظر من قبل إدارة مدرسة خاصة، فاجأته إدارتها بعد عناء الانتظار بالرفض، رغم أن أبناءه الثلاثة متفوقون دراسياً في المدرسة التي كانوا بها.
صعوبة وجود مقعد دراسي أو محدودية استيعاب المدارس القائمة، جعل مدارس المجلس وغيرها تتشدد في القبول، فبعضها رفض قبول المستجدين حتى لو كان يوم واحد هو المتبقي لإكمال السن المقررة للقبول والتسجيل، في وقت يتحدث فيه الجميع عن رعاية المتفوقين والموهوبين دون التقيد بسن معينة، فأصبحنا نسمع عن صغار يلتحقون جامعات متجاوزين مراحل تعليمية كاملة، فقط لأنهم أظههروا نبوغاً مبكراً، بل إن شركات عالمية مرموقة في مجالها تكلفت برعايتهم.
وعلى الرغم من الجهد الذي يقوم به «أبوظبي للتعليم» للتخفيف من وطأة المشكلة، فإن تخصيص رابط على موقعه خاص بالمقاعد الشاغرة في هذه المدرسة أو تلك هو صورة من صور الاعتراف بحجم المشكلة، التي أعتقد أنها نتاج رهان على قطاع خاص خذل المراهنين عليه في المجلس الذين كانوا ينظرون إليه نظرة الشريك الحقيقي والأساسي في العملية التربوية والتعليمية. ولكن للأسف، لم يستثمر القطاع الخاص الفرصة المتاحة له بالصورة المتوقعة، بدليل اضطرار المجلس إلى سحب أراضٍ منحت لمستثمرين، وإسنادها إلى آخرين، ولكن بعد استنفاذ الوقت المحدد، بينما مضى المجلس في خططه بإحالة بعض مدارسه الكبيرة إلى الاستثمار من قبل شركات تعليمية كبرى أو مدارس الجاليات، حتى وصل الوضع لما هو عليه حالياً في مدينة متسارعة النمو ودائمة الحركة والنشاط، ولا يبدو في الأفق أستعداد أي من الطرفين للعودة إلى تجربة التعليم على فترتين لحين تصحيح الوضع.