أحدث الأخبار
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد
  • 01:03 . تحذير من التعامل مع مكاتب غير مرخصة لاستقدام العمالة المساعدة... المزيد
  • 12:42 . الاحتلال الإسرائيلي يصدر تحذيرا بإخلاء ثلاثة موانئ غربي اليمن... المزيد
  • 12:38 . ولي العهد السعودي يفتتح القمة الخليجية الأميركية بالرياض... المزيد
  • 12:38 . عقوبات أمريكية على شركات نقل نفط إيراني للصين تزامناً مع زيارة ترامب للخليج... المزيد
  • 12:15 . عبدالله بن زايد يجري مباحثات حول غزة مع نائب عباس في أبوظبي... المزيد
  • 10:53 . رئيس الدولة يغيب عن اجتماع قادة الخليج وترامب في الرياض... المزيد
  • 10:44 . "رويترز": الهدنة مع الحوثيين أعقبت معلومات أمريكية عن سعي الجماعة إلى مخرج... المزيد
  • 10:36 . زلزال في اليونان يهز مصر وتركيا دون تسجيل أضرار... المزيد
  • 12:52 . ترامب يلتقي الشرع اليوم بالرياض ويقرر رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 09:50 . صحّ النوم يا أستاذ... المزيد
  • 06:44 . بـ600 مليار دولار.. ترامب وولي عهد السعودية يوقعان وثيقة شراكة استراتيجية... المزيد

الشجرة التي سعت لحقل آخر!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 19-10-2018

الشجرة التي سعت لحقل آخر! - البيان

حين غادرتُ الإمارات ذات يوم لأسباب لها علاقة بضغوط العمل الشديدة، كنت كمن يهرب بحثاً عن متنفس، لكنني أيضاً كنت كشجرة اعتادت تربتها، فذهبت تبحث عن حقل لا يمتّ لجذورها بصلة!كنت شجرة صحراء اعتادت القيظ والحرارة، كنخلة ربما أو كشجرة سدر أو غافة صحراوية نبتت وحيدة في أرض فلاة جرداء، لكنها ظلت طويلاً صامدة، صابرة وقادرة أيضاً على أن تمنح ظلاً وأغصاناً خضراء لبدوي خطر له جنون السير في الصحراء بصحبة جمل جائع! 

 غادرت إلى مناخات ظليلة أكثر مما تقتضيها حاجة البدوي، وهو الذي اعتاد الصحراء أبداً، أرادت الشجرة أن تزرع نفسها في تلك البلدان الباردة، فقد أعجبها كل شيء، النظام، كثافة الأخضر، دأب الناس ونشاطهم، المناخ، الهدوء، والسيارات التي تسير دون ضجيج ودون ارتكاب حوادث، وصرت كلما تحدثت أردد كطفلة جاءت للتو من السيرك: «تصوروا أنني لم أرَ حادثاً واحداً على الطريق طول مدة إقامتي». 

سألني أخي يوماً: «يعني ذلك أن الناس لا يموتون هناك؟»، قلت له: «إنهم لا يموتون على الطريق العام، لكنهم يموتون وحدهم في بيوت تظل مغلقة طويلاً، الموت وحيداً في بيتك أمر لا يقل بشاعة عن الموت العلني على الطريق العام!».حين استقر بي الحال هناك، بدأت أسد ثقوب الروح خشية تسلل الملل والوحدة، ورصاص الغربة، وشراسة الشتاءات الكئيبة، وبدأت أحن إلى الشمس وإلى بيتنا أولاً، إلى قهوة أمي وتفاصيلها الأنيقة، إلى نظافتها وترتيبها، وإلى كل شيء. 

علمت ساعتها أن الحنين ليس شعوراً إنسانياً جامعاً وعابراً، ولا مفاجئاً، إنه ميزة فينا نحن أهل الشرق تصل أحياناً لتكون شيئاً يشبه فصيلة الدم، نحن شعوب مسكونون بالوجع، بالحنين العلني، نمشي على قلوبنا أكثر مما نسير على أقدامنا، لذلك يؤلمنا الفقد والفراق وقد يقتلنا أحياناً، قلوبنا قابلة للكسر لشدة رقتها، نتوجع لكل الناس، الفقراء، الأطفال، العمال، الذين يحبوننا، والذين لا يأبهون لنا! 

 لم يمهلني وجع الحنين طويلاً، فاكتشفت أنني كائن لا يمكنه ائتلاف الوحدة والغربة، لذا لم أبقَ في تلك الجامعة سوى بضعة أشهر، وذات مساء رمضاني قررت أن أعود، فجمعت حاجياتي الشخصية، وتبرعت بجميع لوازم شقتي، وأوقفت دراستي في الجامعة، وحجزت على أول رحلة صادفتني وعُدت!

 حينما عدت، قلت لأصحابي كلهم: في أوطاننا علينا أن نحتمل كل شيء، فكل شيء هنا رائع، لو تعلمون كم يعانون هناك، إن النظام والجمال والترتيب والبيوت الجميلة نحن من يصنعها، فلا يستحق أن نهجر أوطاننا لأجل أشياء نستطيع أن نفعلها، أما التحديات فلا تُحَلّ بالهروب، بل بالمواجهة لمن يقدر عليها!