أحدث الأخبار
  • 12:46 . آلاف التونسيين يحتشدون دعما لأسطول الصمود المتجه لغزة... المزيد
  • 12:31 . حميد النعيمي يصدر قانوناً ينظم المشتريات والعقود في حكومة عجمان... المزيد
  • 11:58 . لجنة المنح التكميلية للمتقاعدين في الشارقة تنظر في 86 طلباً خلال أغسطس... المزيد
  • 11:57 . "التربية" تعتمد خطة تطوير شاملة للمناهج حتى 2029... المزيد
  • 11:56 . رئيس "المجلس الانتقالي" باليمن يقود انقلابا جديدا بعد عودته من أبوظبي... المزيد
  • 11:35 . 166 قتيلاً وجريحاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على اليمن... المزيد
  • 11:34 . قطر: تصريحات نتنياهو "محاولة مشينة" لتبرير الهجوم وتهدد المساعي الدبلوماسية... المزيد
  • 11:32 . قطر تؤكد استشهاد مدير مكتب خليل الحية في الهجوم الإسرائيلي... المزيد
  • 11:29 . فرنسا وبريطانيا تقدمان مشروع بيان لمجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر... المزيد
  • 11:28 . "وول ستريت جورنال": ترامب انتقد نتنياهو بشأن قصف الدوحة واستهداف قادة حماس... المزيد
  • 07:42 . صحيفة عبري: أبوظبي تمنع الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض دبي للطيران... المزيد
  • 07:25 . الغارديان: رئيس وزراء بريطانيا السابق ضغط سراً على الإمارات للفوز بمشروع بمليارات الدولارات... المزيد
  • 07:00 . هجوم جديد بطائرة مسيّرة على أسطول الصمود قبالة تونس... المزيد
  • 12:02 . بعد قصف الدوحة.. تساؤلات حول إصرار أبوظبي على التطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 11:58 . رابطة إماراتية: العدوان على قطر يفضح خطورة التطبيع ويدعو للانسحاب من الاتفاقيات... المزيد
  • 11:56 . ترامب يقول إن الهجوم على قطر قرار "نتنياهو ولن يتكرر مجددا"... المزيد

تراجع علاقات القوة في مجتمعات العرب

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 02-11-2019


تراجع علاقات القوة في مجتمعات العرب | القدس العربي

ما العامل المشترك في ما يحدث من حراكات جماهيرية، بقيادة وتضحيات شبابية، على الأخص في مدن العراق ولبنان والجزائر والسودان، وفي هذه اللحظة التي تعيشها الأمة العربية؟
ما يحدث، هو تتمة لتغير ذهني وشعوري نفسي، بدأ منذ عشر سنوات، عندما كسر الإنسان العربي حاجزي الخوف من السلطة الاستبدادية واللامبالاة، تجاه ممارساتها الفاسدة الأنانية الاحتكارية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية.
الآن تضيف تلك الحشود الجماهيرية انتقالا ذهنيا آخر، بالغ الأهمية والعمق، يتمثل في الرفض التام من قبل المتظاهر لكل أنواع الوسائل والألاعيب والأكاذيب التي كانت تستعملها مختلف السلطات المجتمعية، من أجل تدجينه الذهني والنفسي والسلوكي، ليقبل احتكارها للقوة السياسية والقوة الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي ليقبل، باقتناع أعمى وتضليل تجهيلي، لاحتكار رجالات تلك السلطات لكل الامتيازات المادية والمعنوية، ولكل مصادر القوة في المجتمع، بينما يقبل هو، المواطن المدجن، بالفتات من ثروات المجتمع بكل أشكالها، وبندرة الفرص الحياتية أمامه.
هاته الكتل البشرية، أفرادا وجماعات، إذن، قد بدأت تعي وتشعر بوجع تلك الأصفاد التي تكبلها، أصفاد الوسائل الإقناعية القمعية المخفية وراء ألف قناع وقناع،
دلائل الانتقال الذهني والشعوري الجديد يلاحظها الإنسان في الشعارات التي ترفع، وفي كتابات التواصل الاجتماعي، وفي تصريحات البعض لوسائل الإعلام المختلفة.

فشعار الرفض التام للمحاصصات الطائفية في السياسة هو إيذان بالتمرد على استعمال الدين كوسيلة انتهازية للهيمنة على السياسة، وهو رفض لعلاقة القوة الخفية الموجهه بين المواطن وهذا الفقيه أو ذاك القسيس، فالعمامة أو القلنسوة لن تقبل أن تكون رمزا ومدخلا لعلاقة قوة من قبل لابسها أمام ضعف واستسلام من قبل المواطن المتلقي لتوجيهات أصحابها. 

وشعار رفض المحاصصات القبلية والعشائرية والعائلية والإثنية، التي تحكم الكثير من الحياة السياسية العربية، هو إيذان برفض العلاقات الأبوية البطركية الاستبدادية، في كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، ابتداء بالعائلة، حيث سيطرة الأب، وانتهاء بالدولة، حيث الاحتكار المحكم لمصادر القوة والسلطة والامتيازات لمصلحة طبقة أو نخبة أو أقلية، وعلى حساب ومصالح وحقوق مؤسسات وأفراد المجتمع المدني. وانتقال الجماهير إلى الاستعمال المكثف لوسائل ومناقشات التواصل الاجتماعي هو الآخر، محاولة للفكاك من هيمنة علاقة القوة مع الإعلام العربي. فوسائل الإعلام الرسمية على الأخص، التي كان لها تأثيرها الكبير في الإقناع والتوجيه والحفاظ على اللامبالاة، ستجد نفسها معزولة في ساحات الصخب التي نشاهدها أمامنا.
وحتى المؤسسات المدرسية والجامعية، ستجد أن قبضتها السابقة تضعف شيئا فشيئا، إن لم تجر تغييرات كبرى في أسلوب ومحتوى خطابها التعليمي والتثقيفي. علاقة القوة في ما بينها وبين طلابها في ضبط الفكر والسلوك، لن تصمد أمام الوعي التمردي الجديد. وإذا كانت المؤسسة العسكرية والأمنية ستظل تعتقد بأن الأوسمة على صدور قادتها ستحميها من التمرد، على علاقة القوة في ما بينها وبين مواطنيها فإنها واهمة وترتكب خطأ كبيرا. لن تكون هذه المؤسسة العريقة، التي وقفت على أرض صلبة عبر التاريخ الطويل، محصنة أمام هذا الوعي الجديد، لكسر كل علاقات القوة الظاهرة والمخفية.
نحن، إذن، أمام إمكانية ضعف وتراجع العوامل والعلاقات التقليدية التي شكلت في الماضي، وعبر قرون طويلة، الأسس الرئيسية التي قامت عليها المجتمعات والدول العربية، وعلى الأخص علاقات استغلالية المناصب ومواقع القوة. يتضح أمامنا تدريجيا أن الحشود الجماهيرية الصاخبة، لكن المنضبطة والمسالمة إلى حد كبير، قد حسمت أمرها بشأن تطوير الحاضر البائس إلى مستقبل أفضل، خصوصا بعد قرارها بالتمرد على علاقات القوة في مجتمعاتها. ما يبقى الآن هو أن تحسم مختلف سلطات الدولة العربية أمرها لتساعد على الانتقال إلى ذلك المستقبل بأقل الآلام والتضحيات.