أحدث الأخبار
  • 06:02 . الإمارات ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة... المزيد
  • 01:15 . الغارديان: أبوظبي استخدمت المرتزقة الكولومبيين في أكثر من دولة... المزيد
  • 01:05 . ما مصير مليشيا “أبو شباب” المدعومة من أبوظبي بعد وقف إطلاق النار في غزة؟... المزيد
  • 12:33 . بعد تواطؤها معه.. جيش الاحتلال يرفض إيواء مليشيا "أبو شباب"... المزيد
  • 11:50 . "أدنوك للإمداد" وتعزيز تؤسسان أول ميناء متخصص للكيماويات في hلدولة... المزيد
  • 11:20 . ثلاث فرق من جيش الاحتلال الإسرائيلي تبدأ الانسحاب من مدينة غزة... المزيد
  • 11:16 . البرلمان الإسباني يُقرّ قانونا يحظر تصدير الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 11:13 . ترحيب دولي واسع باتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 11:11 . الكويت: الأمن الخليجي خط أحمر والتضامن درع موحد في مواجهة التهديدات... المزيد
  • 10:51 . "التعليم العالي" تطلق دليلاً لحوكمة التدريب العملي لطلبة الجامعات... المزيد
  • 10:47 . تحديث سياسة سلوك الطلبة في مدارس أبوظبي لتعزيز السلوك الإيجابي... المزيد
  • 03:28 . حماس والاحتلال يتفقان على إنهاء الحرب في غزة... المزيد
  • 08:13 . الإمارات تسلم السلطات البلجيكية مطلوبين بتجارة مخدرات... المزيد
  • 08:06 . محمد بن زايد وأمير الكويت يبحثان وقف إطلاق النار في غزة... المزيد
  • 07:36 . عمر ياغي.. عالم من أصول فلسطينية ينال نوبل للكيمياء مع ياباني وأسترالي... المزيد
  • 01:11 . حماس تعلن تبادل كشوفات الأسرى... المزيد

السلطة المتغولة والفيروس القاتل

الكـاتب : ماجد الأنصاري
تاريخ الخبر: 27-04-2020

منذ ظهور الدولة القومية وتغولها على كافة مناحي الحياة، غاب الدور الطبيعي للمجتمعات في كنف التنظيم الحكومي، ومع بقاء بعض مناشط المجتمع حاضرة إلا أنها أصبحت إما في إطار سد النقص حيث تفشل السلطة أو كنشاط كمالي يمارس الرقابة على السلطة أو يعزز دورها الاجتماعي، عالم ما قبل هذه السلطة المتغولة كان بلا شك أصعب بكثير ولكن غيابها عن المشهد الاجتماعي في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد كان يعني أن يقوم المجتمع بدوره من خلال التكاتف وإيجاد الحلول لما يواجهه من أخطار باستثناء الاعتداء الخارجي، وفي فترات الازدهار شكلت المجتمعات ذاتياً نهضة علمية حضارية، في ذلك الحين انحصر دور الكيان السياسي في حفظ الأمن وإنفاذ العدالة وحماية حدود الدولة، تغول السلطة مع زيادة مواردها أدى بلا شك إلى تسهيل حياة الناس في مناحٍ عديدة خاصة في العالم المزدهر، لكن من أهم سلبياته أنه حول المجتمع إلى الاتكال على السلطة لمواجهة معظم التحديات بل وكبلت السلطة يد المجتمع عن كثير من أدواره من خلال المبالغة في التنظيم واحتكار مجالات أساسية، النقاش حول حجم هذا التغول وإلى أي مدى ينبغي أن تتسع رقعة السلطة لن ينتهي ولكن أحداث هذه الجائحة التي نعيشها اليوم أعادت إلى الصدارة أهمية الحراك المجتمعي الحر.

تغول السلطة كان دائماً رهناً بقدرتها على أداء الوظائف التي انتزعتها، فنجد السلطة الشيوعية مثلا تفشل مع نهايات القرن الماضي لأنها أرادت اختزال كل الوظائف في السلطة المركزية مما أدى مع عوامل أخرى إلى انهيارها السريع، أما السلطة الرأسمالية فأخذت دور المراقب المشارك الذي يوفر الخدمات من ناحية وينظمها في القطاع الخاص من ناحية أخرى وبهذا الدور المختلط استطاعت الدولة أن تصمد في الغرب، لكن في المجتمعات الأقل حظاً تراجع دور السلطة التي لم تتوفر لها الموارد وتجلى دور المؤسسات المجتمعية المحلية والدولية، وبالتالي فإن المعادلة هي: متى كان لدى السلطة القدرة والكفاءة والإرادة السياسية تغولت أكثر ومتى فقدت السلطة أحد هذه العناصر تراجع دورها إلى الشكل البسيط الأصلي.

واليوم نشهد السلطة المتغولة في سياقها الناجح نسبياً في الغرب تواجه تحدياً حقيقياً في التعامل مع انتشار فيروس كورونا المستجد، ما جرى في دول ديمقراطية كبرى مثل إيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وانهيار المنظومة الصحية ولو لفترة فيها هو بكل بساطة فشل للدولة المتغولة في تحقيق أهدافها، فالدولة التي تعهدت بالرعاية الصحية المباشرة مثل إيطاليا أو تلك التي نظمتها عبر سوق حر وقطاع خاص نشط لم تنجح في دورها السلطوي باتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لحماية الناس فسقط الضحايا حيث كان ممكنا تجنب ذلك، هنا كانت السلطة المسيسة والبيروقراطية عائقاً أمام الحل لا داعماً له، في المقابل خرجت دول أقل ديمقراطية وأكثر سلطوية (وإن كانت نظماً ديمقراطية من حيث المبدأ) مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة –والصين إذا ما سلمنا بالأرقام الرسمية- بسرعة أكبر ووفيات أقل بكثير من خلال إجراءات حاسمة وقرارات سريعة، وهنا يظهر لنا عاملان مهمان في المقارنة بين التجارب المختلفة في التعامل مع الجائحة، مدى اتساع السلطة وطبيعتها.

ما أن تنتهي هذه الأزمة ينبغي على دارسي العلوم السياسية وخاصة في مجال النظم السياسية عقد مقارنات علمية حقيقية بين الاستجابات في مختلف السياقات وتحييد العناصر المختلفة لفهم قدرة الأنظمة المختلفة على التفاعل مع الأزمة، فالدولة القومية الحديثة أخذت على عاتقها حماية المجتمع بالمعنى الشامل لتقف في وجه أعداء الأمة من حرب وجهل وفقر ومرض، ومع أن تجربة الإنسانية مع هذا الشكل من السلطة ليست دوماً إيجابية إلا أنها إذا فشلت في أبسط مهامها كما حدث في إيطاليا فيحق للمواطن أن يسأل هل نحتاج إلى السلطة في مناحي حياتنا كلها؟ أم عليها أن تعود من حيث جاءت.