وقّعت دولة الإمارات وجمهورية كينيا، أمس الخميس، سبع مذكرات تفاهم تغطي مجالات متنوعة، منها التعاون العسكري، النقل، التنمية الاقتصادية، الطاقة، والجمارك، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى نيروبي، حيث التقى بالرئيس الكيني ويليام روتو.
تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، والتي شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وفق وكالة أنباء الإمارات "وام".
ففي عام 2023، بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين 3.1 مليار دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 26.4% مقارنة بالعام السابق، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد غرف التجارة والصناعة في البلدين، بهدف تأسيس مجلس أعمال مشترك يعزز التعاون بين القطاعين الخاصين في البلدين.
وفي مجال الطاقة، تم الاتفاق على تعزيز التعاون في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للطرفين.
مذكرات التفاهم الإماراتية-الكينية تثير شكوكًا حول دعم قوات الدعم السريع
يثير هذ التعاون الجديد بين البلدين بما في ذلك التعاون العسكري، في سياق اتهامات سودانية متكررة لكينيا بدعم قوات الدعم السريع في السودان، وتتهم تقارير دولية وحقوقية أبوظبي بتمويلها، خاصة أن التوقيع يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات بين السودان وكينيا وأبوظبي على حدٍ سواء، ما قد يدفع الأخيرة لاستخدام نيروبي كوسيط لتجنب الاتهامات المباشرة بدعم الدعم السريع والانتقام من الجيش السوداني.
وتتهم الحكومة السودانية كينيا بـ"احتضان مليشيات الإبادة الجماعية" (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، ودعمها عبر اجتماعات سياسية أو لوجستية. كما استدعت السفير السوداني في نيروبي احتجاجًا على استضافة كينيا لقادة الدعم السريع.
كما تشير تقارير دولية (مثل تقارير الأمم المتحدة أو منظمات حقوقية) إلى أن الإمارات توفر دعماً مالياً وعسكرياً غير مباشر للدعم السريع، رغم نفي أبوظبي الرسمي. وهذا يطرح تساؤلات حول ما إذا كان التعاون العسكري الإماراتي-الكيني قد يُستخدم كقناة لدعم القوات في السودان، خاصة أن كينيا تُعتبر بوابة إقليمية للتدخل في النزاعات الأفريقية.
مذكرات التفاهم الجديدة
وحسب مراقبين، فإن التعاون العسكري المعلن بين الإمارات وكينيا مؤخرا قد يُفسر في إطار هذه الاتهامات، فضلا من أن اتفاقيات المجالات الأخرى المذكورة (مثل الطاقة والنقل) قد تعزز النفوذ الاقتصادي للإمارات في كينيا، مما يمنحها نفوذاً أكبر في المنطقة، وربما يؤثر على موقف كينيا تجاه النزاع السوداني.
وتلعب كينيا دورًا في الوساطات الأفريقية (مثل مبادرة IGAD) حول السودان، لكن اتهامات الخرطوم تشير إلى انحيازها للدعم السريع. ومن شان التعاون مع الإمارات قد يعزز هذا الانحياز، خاصة بعد الاتهامات التي وجهتها السلطات السعودية إلى الإمارات وكيينا على حد سواء في الوقوف خلف الحرب بالسودان من خلال تقديم الدعم المباشر وغير المباشر لقوات الدعم السريع.
رغم عدم وجود أدلة علنية قاطعة، فإن توقيت ومحتوى مذكرات التفاهم، خاصة العسكرية منها، يقوي الشكوك حول وجود تنسيق ثلاثي (أبوظبي-نيروبي-الدعم السريع) لتحقيق أهداف جيوسياسية في السودان. هذا يتطلب مراقبة التطورات اللاحقة، مثل أي تحركات عسكرية كينية أو إماراتية بالقرب من الحدود السودانية، أو تسريبات حول تدفق الأسلحة.
كينيا والدعم السريع في السودان؟
الجدير بالذكر، أن الحكومة السودانية تتهم السلطات الكينية، بتلقي الدعم الخارجي بهدف تمويل وتسليح قوات الدعم السريع التي تقول تقارير دولية وحقوقية إن أبوظبي تقف خلف هذا التمويل فيما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات.
وقبل أيام، اتهمت الحكومة السودانية نظيرتها الكينية بالتدخل في شؤونها وبالتصرف كدولة مارقة لا تحترم سيادة الدول الأخرى، ودعت إلى إعادة النظر في نهجها والعمل بما يتماشى مع ميثاقي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وقالت الخارجية السودانية في بيان صحفي -ردا على بيان آخر للحكومة الكينية- إن حكومة كينيا تتدخل بشكل صارخ في الشؤون السودانية الداخلية، وتحتضن ما وصفتها بمليشيات الإبادة الجماعية الإرهابية، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وأعرب بيان الخارجية عن قلق الحكومة السودانية إزاء ما اعتبره توصيفات خاطئة ودلالات مضللة وردت في البيان الكيني، مشيرا إلى استخدام البيان مصطلح "إدارة القوات المسلحة السودانية" بدلا عن "حكومة السودان"، وهو ما يُظهر عدم احترام الحكومة الكينية لسيادة السودان.
وفي 20 فبراير الماضي، استدعى السودان سفيره لدى نيروبي كمال جبارة، احتجاجا على ما قال إنه "استضافة كينيا لاجتماعات ضمت قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف إقامة حكومة موازية".