كشفت وكالة بلومبيرغ، نقلاً عن دبلوماسيين ومسؤولين في أبوظبي، أن أبوظبي أنشأت شبكة لوجستية متعددة المكونات في الدول المحيطة بالسودان، تشمل مستشفيات ميدانية ومهابط طائرات، في إطار جهود متسارعة لبسط نفوذها في القارة الأفريقية وتعزيز دعمها لقوات الدعم السريع السودانية.
وأوردت الوكالة في تقرير مفصل أن الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وهو دبلوماسي إماراتي رفيع، عرض في نوفمبر الماضي على رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى صفقة تتضمن استثمارات إماراتية في قطاعات الدفاع والتعدين والزراعة، مقابل منح أبو ظبي حق الوصول إلى مهابط الطائرات في المناطق الشرقية النائية من البلاد.
وبحسب التقرير، أسفر هذا العرض عن توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية في مارس، وتعد جزءاً من استراتيجية أوسع للإمارات تهدف إلى تعزيز حضورها في منطقة ذات موارد طبيعية هائلة، خاصة في مجالات الزراعة والمعادن، إلى جانب توسيع قنوات الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع، التي تخوض صراعاً مفتوحاً ضد الجيش السوداني منذ أكثر من عام.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن منح الإمارات إمكانية الوصول إلى مهابط طائرات في جمهورية أفريقيا الوسطى من شأنه أن يوفر مساراً جديداً لإمداد قوات الدعم السريع بسرعة وسرية. كما لفت التقرير إلى أن الإمارات قامت بالفعل بإنشاء مستشفيات ميدانية على الحدود بين السودان وكل من تشاد وجنوب السودان، كجزء من هذه الشبكة اللوجستية التي يجري توسيعها تدريجياً.
يأتي هذا التقرير في ظل ما يعتبره مراقبون توجهاً إماراتياً متزايداً لترسيخ نفوذها في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل، عبر أدوات متعددة تشمل الاستثمار والمساعدات الإنسانية والبنية التحتية العسكرية واللوجستية، في سياق تنافس إقليمي ودولي على النفوذ في واحدة من أكثر المناطق حساسية جيوسياسية في العالم.
توتر دبلوماسي متصاعد
في المقابل، تصاعدت حدة التوترات بين الخرطوم وأبوظبي مؤخراً، بعد اتهامات رسمية وجهتها الحكومة السودانية إلى الإمارات بالتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة التأثير على المواقف الدولية بشأن النزاع القائم في السودان.
وذكرت وزارة الخارجية السودانية أن أبوظبي تقود تحركات دبلوماسية في المحافل الدولية تهدف إلى "حماية قوات الدعم السريع من الإدانة"، مشيرة إلى ما وصفته بمحاولات إماراتية خلال اجتماعات حركة "عدم الانحياز" في نيويورك لحذف بند يعرب عن التضامن مع السودان من مشروع البيان الختامي، وكذلك تفادي توصيف الدعم السريع كـ"تمرد على الشرعية الوطنية".
واتهمت الخرطوم الإمارات بدعم مباشر وممنهج لقوات الدعم السريع، متهمة إياها بمحاولة الترويج لفكرة تشكيل "حكومة موازية" تحت سلطة تلك القوات، وهو ما رفضته منظمات إقليمية ودولية، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية السفير بابكر الصديق.
أبوظبي تنفي مجددا التورط بحرب السودان
إلى ذلك، نفى متحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية "بشدة" ما وصفها بأنها مزاعم بتزويد الإمارات أي طرف في الصراع الدائر في السودان بالأسلحة، واصفا هذه "الادعاءات" بأنها لا أساس لها من الصحة وتفتقر لأي أدلة مُثبتة، وفق ما ذكر بلومبيرغ.
وأكد المسؤول الإماراتي أن مساعي الإمارات لتعزيز نفوذها بدول القارة السمراء، خاصة من خلال وعود باستثمار مليارات الدولارات في قطاعات الطاقة والخدمات والتكنولوجيا والعقارات، "مدفوع بقيم مشتركة ورؤية للتنمية المستدامة والنمو الشامل".
يشار إلى أن السودان كان قد أعلن مطلع مايو الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، متهما إياها بشن "عدوان" على البلاد، عبر دعمها قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني.
ونفت أبوظبي، في أكثر من مناسبة، تقديمها أي إسناد للدعم السريع، وشددت على عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للسودان.