قال المركز الأوروبي للديموقراطية وحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إن أبوظبي استغلت نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وعدم الاستقرار في المنطقة لتمرير القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 المتعلق بمكافحة الإرهاب، والذي استخدمته أبوظبي لاحقاً لقمع المعارضة.
وقال المركز في بيان إن الإمارات سعت حينها إلى حماية استقرارها وموقعها الاستراتيجي في المنطقة، مؤكداً أن هذا القانون، الذي أُعلن عنه في البداية كأداة أساسية للبلاد، سرعان ما تبيّن أنه أداة خطيرة على النشطاء والمعارضين.
وأضاف المركز: "كما ورد في تقرير منظمة صحفيات بلا قيود، لم يُسنّ هذا القانون عفوياً، ففي عام ٢٠١١، وصلت الانتفاضات العربية إلى الإمارات، وإن كان ذلك على نطاق محدود. وتعالت هناك دعوات للإصلاح، واتخذت الحكومة إجراءات صارمة لمواجهة الانتقادات الموجهة إليها. وتكررت عمليات ملاحقة وقمع المعارضين خلال تلك الفترة، وربما يكون إقرار قانون مكافحة الإرهاب بعد بضع سنوات نتيجةً لهذا التغيير في موقف الحكومة الإماراتية".
استغلال للقمع
ولفت إلى أنه يمكن بسهولة استنتاج نية حكومة الإمارات في استخدام هذا القانون بشكل تعسفي من صياغته. في الواقع، هذا الأخير غامض إلى حد ما، ويمكن للسلطات التلاعب به بسهولة. على سبيل المثال، عندما يشير القانون إلى "الجماعات الإرهابية"، يُعرّفها بأنها: "أي جماعة مؤلفة من شخصين أو أكثر ارتكبت جريمة إرهابية، أو شاركت فيها، أو سهّلت، أو حرضت عليها، أو خططت لها، أو سعت لارتكابها، بغض النظر عن اسمها، أو شكلها، أو مكانها، أو جنسية أعضائها"؛ وبالتالي، قد يؤدي هذا التعريف إلى مقاضاة من يشاركون، دون ارتكاب هذه الأفعال، في الدعوة ضد الحكومة أو تنظيم أنشطة احتجاجية سلمية.
وتابع: يُعد تعريف "مجموعة من شخصين أو أكثر" إشكالياً أيضاً، لأنه إذا فُسِّر على نطاق واسع، فقد تُعتبر حتى أي اجتماع عام عملاً إرهابياً من قِبل السلطات. وبالتالي، لا يُقوِّض هذا القانون قدرة الناس على التعبير عن آرائهم علناً أو انتقاد الحكومة فحسب، بل يُجرِّم أيضاً قدرة الناس على التجمع في اجتماعات عامة تهدف إلى دعم حقوق الإنسان والنضال من أجل حمايتها. ومع ذلك، فإن غموض التعريفات لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتغلغل في جميع نصوص القانون، مما يُفاقم المخاطر التي يواجهها منتقدو الحكومة.
وأكد المركز أن هناك بالفعل عدة حالات استخدمت فيها أبوظبي الأحكام الواردة في قانون مكافحة الإرهاب، أشهرها قضية "الإمارات ٩٤"، التي اتُهم فيها ٩٤ ناشطاً بتنظيم مخطط للإطاحة بالحكومة خلال الثورة العربية.
مع ذلك، كان نهج المجموعة سلمياً تماماً، ولم تتمكن الحكومة من مقاضاة هؤلاء الأفراد إلا بفضل غموض قوانينها. بين عامي ٢٠٢3 و٢٠٢4، أعادت الحكومة محاكمة ٨٤ من هؤلاء النشطاء، مشددةً عقوباتهم، ومُثيرةً الشكوك حول إمكانية إطلاق سراحهم.
وأكد المركز أن قضية "الإمارات 94" تُعدّ سابقةً مُقلقةً تُظهر كيف تُعارض السلطات الإماراتية بشدة حرية التعبير في البلاد. مشدداً على أنه ينبغي أن يكون قانون مكافحة الإرهاب، المُعتمد عام 2014، أداةً لحماية أمن البلاد وسكانها.
كما أكد المركز على ضرورة أن يشعر المواطنون بالأمان من التهديدات الخارجية، وألا يشعروا بمعارضة حكومتهم لهم، التي تُهاجمهم وتُضطهدهم لأي مُعارضة. "وفي ضوء ذلك، يجب على الإمارات توضيح محتوى قانون عام 2014، وإثبات استخدامه بفعالية لحماية المواطنين. وإلى أن يحدث ذلك، يجب أن تُحاسب حكومة البلاد على أي قيود تُفرض على حرية التعبير للمواطنين الإماراتيين".