كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن توسع غير مسبوق في التعاون العسكري والاستخباراتي بين الاحتلال الإسرائيلي وست دول عربية، رغم إداناتها العلنية للعدوان على غزة.
وقالت الصحيفة إن وثائق أمريكية مسرّبة، حصلت عليها مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، أظهرت أن كلاً من الإمارات والسعودية ومصر والبحرين وقطر والأردن شاركت خلال السنوات الثلاث الماضية في إطار دفاعي إقليمي سري يحمل اسم "البناء الأمني الإقليمي"، أنشئ بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) لمواجهة النفوذ الإيراني وتعزيز العلاقات العسكرية مع "إسرائيل".
وأوضحت الوثائق أن الشبكة عملت كآلية سرية لتبادل المعلومات وإجراء تدريبات مشتركة وتنسيق عملياتي، بينما صُنّفت الاجتماعات بأنها "مدعومة وسرية"، مع حظر كامل للتصوير أو التواصل الإعلامي. حتى المراسلات الداخلية تضمنت تعليمات حول تقديم الطعام الحلال وتجنب المحظورات الدينية، في إشارة إلى الحساسية السياسية المحيطة بالتعاون.
وشهدت السنوات الأخيرة سلسلة من القمم والتدريبات المشتركة بين ضباط من "إسرائيل" والدول العربية والولايات المتحدة، شملت البحرين والأردن وقطر ومصر، بالإضافة إلى تدريبات عُقدت في قاعدة فورت كامبل الأمريكية. وتناولت بعض تلك التدريبات كشف الأنفاق وتدميرها، وهي التقنية ذاتها التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.
وتشير الوثائق إلى أن الدول المشاركة دمجت بيانات الرادار وأجهزة الاستشعار مع الشبكة الأمريكية منذ عام 2022 لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية. كما استخدمت جميع الأطراف منصة مشفرة للتواصل المباشر مع واشنطن والعواصم الحليفة.
وأفادت الصحيفة أن السعودية لعبت دوراً فاعلاً في تزويد "إسرائيل" ودول عربية أخرى بمعلومات استخباراتية حول سوريا واليمن وتنظيم داعش. فيما تضمّن اجتماع عُقد في يناير الماضي تدريبات على تحييد الأنفاق الهجومية المشابهة لتلك التي تستخدمها المقاومة في غزة.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن هذه التحركات تأتي بينما تواصل الدول العربية توجيه انتقادات علنية لإسرائيل، ما يعكس ازدواجية في المواقف بين الخطاب السياسي العلني والتعاون العسكري السري.
ويرى محللون أن الوثائق تبرهن على استمرار اعتماد الأنظمة العربية على المظلة الأمنية الأمريكية، رغم خشيتها من "إسرائيل" وإيران في آن واحد، ما يجعل التطبيع العسكري أحد أكثر فصول التحالف الإقليمي غموضاً خلال حرب غزة.