يثير نظام التأمين ضد التعطل عن العمل في الإمارات نقاشاً متجدداً حول جدواه ومدى قدرته على تحقيق الأمان الوظيفي والاستقرار المعيشي للعاملين، خصوصاً في القطاع الخاص، إذ يعتبر كثيرون أن تطبيقه لا يزال يواجه تحديات تتعلق بالكفاءة والإنصاف.
وكان عضو المجلس الوطني الاتحادي عدنان حمد الحمادي قد فتح ملف نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، في مداخلة أثارت جدلاً واسعاً حول مدى فاعلية النظام وقدرته على تحقيق الاستقرار المعيشي للمواطنين العاملين في القطاع الخاص.
الحمادي وجّه انتقادات حادة لوزارة الموارد البشرية والتوطين، داعياً إلى تعديل النظام الحالي ليكون أكثر عدلاً وواقعية، من خلال إلزام الشركات بتسجيل موظفيها وتحمل مساهماتهم التأمينية، ورفع نسبة التعويض ومدة الاستحقاق، في ظل فجوات وصفها بأنها "تمس جوهر الأمن الوظيفي"
أطلقت الدولة في سبتمبر 2022 نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، الذي يهدف إلى توفير دعم مالي مؤقت للموظف في حال فقدانه لوظيفته لأسباب خارجة عن إرادته.
يدفع الموظف اشتراكاً شهرياً يتراوح بين 5 و10 دراهم، ويستحق في حال فقدانه العمل 60% من راتبه الأساسي لمدة ثلاثة أشهر فقطـ لكن التطبيق العملي للنظام، كما يرى عدد من المواطنين وأعضاء المجلس، كشف عن ثغرات مؤثرة تستدعي المراجعة.
انتقادات برلمانية
قال الحمادي إن النظام، رغم أهدافه الإيجابية، لم يواكب الواقع الفعلي في سوق العمل، موضحاً أن المرسوم صدر ودخل حيز التنفيذ "ثم اختفى من الساحة من دون حملات توعية كافية أو إشعارات من أصحاب العمل"، مما أدى إلى أن شريحة كبيرة من الموظفين لم تسجل في النظام وتعرضت للغرامات.
وأشار إلى أن نحو 17% من العاملين لم يشملهم التأمين، أي ما يقارب مليون موظف، مما يعكس فجوة واضحة في التطبيق.
وأضاف الحمادي أن الراتب الأساسي في القطاع الخاص غير مضبوط قانونياً، فالموظف قد يتقاضى راتباً إجمالياً يبلغ 20 ألف درهم، بينما راتبه الأساسي المسجل لا يتجاوز ألفي درهم، وبذلك فإن تعويضه في حال التعطل لا يتجاوز 1200 درهم شهرياً.
وتساءل: "هل يمكن لهذا المبلغ أن يوفر استقراراً معيشياً للمواطن العاطل عن العمل؟"
دعوة إلى إصلاح شامل
وطالب الحمادي بإجراء تعديلات تشريعية عاجلة على النظام، تشمل، رفع نسبة التعويض إلى 80% من الراتب الأساسي، وتمديد مدة صرف التعويض إلى ثمانية أشهر على الأقل بدلاً من ثلاثة، وإلزام أصحاب العمل بتسجيل الموظفين وتحمل مساهماتهم التأمينية، أسوة بما هو معمول به في دول مثل كندا، البحرين، السعودية، والاتحاد الأوروبي.
وقال: "من غير المنطقي أن يتحمل الموظف وحده مسؤولية التسجيل والاشتراك، بينما أرباب العمل لا يساهمون في النظام إطلاقاً."
رد الوزارة على انتقادات البرلمان
من جانبها، أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن النظام يمثل مظلة أمان اجتماعي منخفضة التكلفة، وقد حقق إقبالاً واسعاً منذ تطبيقه في يناير 2023، حيث تجاوز عدد المشتركين 6.8 ملايين عامل من مختلف الفئات، بينهم نحو 190 ألف مواطن.
كما أوضحت أن الوزارة وفرت تسع قنوات إلكترونية وميدانية للاشتراك، ونفذت حملات توعوية واسعة شملت إرسال 60 مليون رسالة نصية وورش عمل وزيارات ميدانية للمنشآت.
وأشارت إلى أن 17 ألف موظف استفادوا فعلياً من التعويضات منذ بدء الصرف مطلع 2024، بإجمالي 180 مليون درهم حتى أبريل 2025.
وبين رد الوزارة ومطالبات أعضاء في المجلس، يُجمع المراقبون على أن نظام التعطل عن العمل خطوة مهمة في مسيرة الحماية الاجتماعية، لكنه ما زال بحاجة إلى مراجعة شاملة لضمان عدالته واستدامته، خصوصاً في ما يتعلق بتحديد الراتب الأساسي وآليات التسجيل والتمويل، لكن الآمال لا تزال معلقة على امل أن يتحول النظام إلى نموذج تكاملي يضمن العدالة بين العامل وصاحب العمل.