لقد بات حضور الإمارات أو غيابها في القضايا الاقتصادية والسياسية مؤثراً، فقد جعلت تلك النهضة التنموية المبهرة كلمة الإمارات في القضايا الدولية مسموعة. وأحدث الاستثمارات الإماراتية الذكية هو استضافتُها للقمة الاقتصادية لطاقة المستقبل التي تنعقد حالياً في أبوظبي وغيرها من الفعاليات الأخرى، مثل الاستثمار في المجال السياحي وصناعته، وكذلك معرض ومؤتمر الدفاع الدولي (أيدكس)، وقمة أبوظبي للإعلام، وغيرها من المعارض التي تستقطب اهتمام العالم.في الحقيقة، بات اسم الإمارات مرتبطاً في ذهن المراقبين في العالم بما يحقق لشعبها العيش الكريم. والجميل في الموضوع أن ذلك ينقل للعالم البعيد أن الحالة العامة التي تعيشها دول المنطقة عموماً هي حالة من النهوض التنموي، على اعتبار أن ما يحدث في الإمارات لا بد أن يكون له صداه على باقي دول الجوار الجغرافي، وإنْ كانت تلك النهضة بنسب متفاوتة واختلاف في وتيرة العمل نتيجة لرؤية القيادة السياسية ومرونتها.
ومما لا شك فيه، أن مثل هذه التحولات الكبيرة، لا بد لها أن تنعكس على المكانة السياسية للدولة في الكثير من القضايا الإقليمية والعالمية؛ وبالتالي القدرة على التأثير فيها، خاصة أن الكثير من التحليلات في الوقت الحالي يشير إلى أن الثقل العربي السياسي، وكذلك الاقتصادي، انتقل إلى دول الخليج، خصوصاً في الإمارات.
الكل يدرك الدور الإماراتي في دعم العديد من اقتصادات الدول العربية، باعتبارها العامل الرئيس للتنمية والحفاظ على قوة الدولة في قراراتها، كما أن للإمارات دوراً في محاولة إعادة الاستقرار إلى ليبيا وفي محاربة الإرهاب، سواء في أفغانستان أو العراق أو باكستان.
النهضة الإماراتية اللافتة للنظر جعلت الدور الإماراتي حاضراً في الكثير من الملفات السياسية والأمنية. ومن مظاهر ذلك الحضور حجم الزيارات التي يقوم بها السياسيون في العالم إلى دولة الإمارات، وكذلك عدد الفعاليات الدولية التي تنظمها الدولة على مستوى العالم.
أما عن العوامل المؤثرة في تحقيق هذه النهضة، فهي متعددة، ولكن تبقى حالة الاستقرار السياسي والأمني من أهم تلك العوامل لضرورتها لتحقيق أي إنجاز تنموي، ويكفي أن هذا العامل وفر للإمارات بيئة جاذبة للاستثمارات وقوة دفع لأن يكون الموقف الإماراتي في القضايا العالمية معتبراً.
أضف إلى ذلك، أن وجود قيادة سياسية قريبة من الشعب أتاح لأفراد المجتمع العمل وفق الطموحات التنموية التي ترغب فيها القيادة. وعلى سبيل المثال، فإن الرغبة في أن تكون الإمارات ضمن الدول المتقدمة في العالم هي واحدة من المحفزات التي تدفع الشعب الإماراتي إلى السعي من أجل تحقيق ذلك، وفي لغة السياسة فهذا الكلام يعني تأييداً شعبياً للقرارات السياسية للدولة.
الإمارات، في الواقع، أكبر من أن تكون دولة عادية، خاصة في ظل العوامل الاستراتيجية الأخرى التي لم تستخدمها بعدُ مثل موقعها الاستراتيجي، حيث تربط بين شرق العالم وغربه، وقد ظهرت مؤشرات ذلك في احتلال مطار دبي المركز الأول عالمياً في انتقال المسافرين بدلاً من مطار «هيثرو»، المطار الأشهر عالمياً.
قد تكون هذه مجرد تحليلات للمراقبين وأفكار تدور في مخيلة المحللين، لكن ينبغي علينا أن نتذكر أن حقائق اليوم في الإمارات، مثل النهضة التنموية، كانت أحلام قادتها قبل ثلاثة وأربعين عاماً.