الأمير محمد بن نايف كان في الدوحة لمحادثات مع سمو أمير البلاد الشيخ تميم، الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت طار إلى الرياض في زيارة غير معلن عنها سابقا، الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في الرياض لمحادثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في الرياض، وكان قبلهم ملك البحرين.. كل هذه التحركات تنبئ بأن أجواء الخليج العربي السياسية مظلمة مكفهرة مدلهمة، الشرور تحيط بالمنطقة من كل جانب، لكن الملاحظ غياب عمان عن حوارات الرياض.

يقول المجتهدون في تفسير تحركات زعماء الخليج في هذه الظروف بأن الهدف السعودي من هذا الحراك هو "ترتيب البيت الخليجي وتحصينه أمنيا وسياسيا وعسكريا" من الأخطار المحدقة به. يقول آخرون إن الهدف هو الدعوة إلى "تحويل مجلس التعاون إلى حلف سياسي وعسكري" وآخرون قالوا أزمة الإعلام بين الدوحة والقاهرة هي الهدف من كل تلك التحركات، كل ما قيل في تفسير تلك التحركات بني على تخمين وليس على معلومات.
(2)
فيما يتعلق بالأزمة الإعلامية بين القاهرة والدوحة أعتبر نفسي من المتابعين للإعلام المصري خاصة في المسائل العربية والدولية، وكنت أتابع ما يقال عن قطر دولة وقيادات ومسيرة سياسية واقتصادية واجتماعية في تلك الوسائل الإعلامية. في ذات الوقت رحت أتابع الإعلام القطري ماذا يقول عن الشقيقة مصر فلم أجد ما يثير الغضب المصري في الإعلام القطري. سألت أحد المهتمين بالشأن القطري المصري من إخواننا المصريين المقيمين في قطر والموالين للنظام القائم في القاهرة عن غضب مصر منا. قال: ألم تتابع "الجزيرة الفضائية" قلت أتابعها، قال ألم تر الهجوم على مصر؟ قلت لم أر هجوما على مصر ولا نظامها إطلاقا. سمعت أخبارا عما يجري في سيناء ورأيت صورا لجيش مصر العظيم كيف يتصدى لما يسمونهم "الإرهابيين" هناك وهم من مصر من سكان سيناء، ورأيت مظاهرات تسير في شوارع مصر ترفض الانقلاب على الشرعية كما يقولون نقلتها وسائل إعلام مصرية، قال ألم تنشر الجزيرة تسريبات بأصوات قيادات في أعلى هرم السلطة في مصر تمس أهل الخليج العربي؟ قلت نعم سمعت تلك التسريبات وعرضتها الجزيرة كخبر من الأخبار وسبق أن بثتها محطات تلفزيونية قبل الجزيرة، فما هو الخطأ في ذلك؟ وللعلم كل وسائل الإعلام تتسابق في نشر الخبر، أيا كان ذلك الخبر إذا تأكدت من مصدره، إن أي وسيلة إعلامية تسابق غيرها للحصول على خبر كما هي وكالات الأنباء الدولية، جملة قولي لمحدثي: الجزيرة محطة إخبارية تنقل الحدث بالصوت والصورة ومن داخل مصر وليس من خارجها وتستضيف عقولا مصرية للتعليق على كل حدث تبثه ولم يظهر وجه إعلامي قطري على أي شاشة تلفزيون يمس بكرامة مصر وشعبها العزيز كما تفعل محطات تلفزة مصرية ضدنا نحن أهل قطر. احتد صاحبي وقال: الجزيرة تنشر أخبار داعش الإجرامية كما فعلت في حرق الطيار الأردني وكما فعلت في ذبح الصحفي الياباني وكما حدث أخيرا في ليبيا بالنسبة للمواطنين المصريين الذين ذبحتهم داعش وكذلك فعلت عندما غارت الطيارات المصرية على السيادة الليبية وقتلت مدنيين ونشرت صورهم بالفيديو. قلت لا تغضب كل وكالات الأنباء بثت صور تلك الجريمة التي ارتكبتها داعش بما في ذلك اليابان ولا يعني بث صور الجريمة تبني فاعلها وأفكاره وهكذا فعلت كل وسائل الإعلام الدولية فما هو تجني الجزيرة على مصر العزيزة؟
قلت لمحاوري أليس في مصر العزيزة أكثر 30 من وسيلة إعلام بين إذاعة وتلفزيون وصحيفة وكلها تصب جم غضبها على من لا تحب بما في ذلك قطر ولم نحتج ولم نولول.
أخيرا قلت لمحدثي قبل أن نفترق: النظام السياسي الذي تخيفه القلة وتهز نظام حكمه ليس جديرا أن يحكم أمة.
(3)
عودة إلى الحراك الخليجي، يقيني بأن التحركات الخليجية في هذا الأسبوع على أعلى المستويات كانت لتدارس الأوضاع المحيطة بالخليج العربي من اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى البحرين وليس من أجل عمل جانبي لا يؤثر على أمن وسلامة وسيادة دول مجلس التعاون.. لقد بحث الزعيمان سلمان وتميم عددا من القضايا الإقليمية والدولية وأهمها ما يجري على الساحة اليمنية والعراقية والسورية وتمدد داعش جغرافيا وما ستؤول إليه المحادثات الأمريكية الإيرانية في الشهر المقبل وانعكاساتها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية أراد أن يضع إخوانه في الكويتي وقطر والإمارات في الإطار الذي يحب أو يرغب أن يرى مجلس التعاون يؤدي دوره تجاه الأزمات التي تحيط بالخليج راغبا في وضع خطة جماعية لمواجهة تلك الأخطار.
آخر القول: مهزلة مصرية، مندوب مصر في الجامعة العربية يتهم قطر بأنها داعمة للإرهاب لأنها تحفظت على فقرة في البيان الصحفي للاجتماع التشاوري لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين أول أمس الأربعاء تنص على تخويل مصر بتوجيه ضربات جوية داخل الأراضي الليبية دون تفويض من مجلس الأمن الدولي الأمر الذي يعتبر انتهاكا لسيادة الدولة الليبية.