أحدث الأخبار
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد
  • 01:03 . تحذير من التعامل مع مكاتب غير مرخصة لاستقدام العمالة المساعدة... المزيد
  • 12:42 . الاحتلال الإسرائيلي يصدر تحذيرا بإخلاء ثلاثة موانئ غربي اليمن... المزيد
  • 12:38 . ولي العهد السعودي يفتتح القمة الخليجية الأميركية بالرياض... المزيد
  • 12:38 . عقوبات أمريكية على شركات نقل نفط إيراني للصين تزامناً مع زيارة ترامب للخليج... المزيد
  • 12:15 . عبدالله بن زايد يجري مباحثات حول غزة مع نائب عباس في أبوظبي... المزيد
  • 10:53 . رئيس الدولة يغيب عن اجتماع قادة الخليج وترامب في الرياض... المزيد
  • 10:44 . "رويترز": الهدنة مع الحوثيين أعقبت معلومات أمريكية عن سعي الجماعة إلى مخرج... المزيد
  • 10:36 . زلزال في اليونان يهز مصر وتركيا دون تسجيل أضرار... المزيد
  • 12:52 . ترامب يلتقي الشرع اليوم بالرياض ويقرر رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 09:50 . صحّ النوم يا أستاذ... المزيد
  • 06:44 . بـ600 مليار دولار.. ترامب وولي عهد السعودية يوقعان وثيقة شراكة استراتيجية... المزيد

من يجرؤ على الفهم؟

الكـاتب : عبد الله السويجي
تاريخ الخبر: 23-02-2015

ننام على أخبار "داعش" ونستيقظ على أخبار "داعش"، وما بين النوم واليقظة كوابيس يملؤها "الدواعش" بالفحش والضباب، وما بين هذا وذاك يحلل المحللون شريط ذبح هنا وشريط حرق هناك، ويطلق السياسيون تصريحات بعضها خبيث وبعض مخيف وبعضها سخيف، كأنهم يتعمدون وضع رؤوسنا على أراجيح تأخذنا إلى الخلف والأمام، وما بينهما أحاديث مؤمنين وأصنام: "داعش" مرّ من هنا! لا لم يمر، "داعش" حرق الطيار؟ لا لم يحرقه . "داعش" ذبح المصريين الأقباط، لا لم يذبحهم، ويزيد هذه الضبابية رجل دين يقول إن الأرض ثابتة لا تدور، والشمس هي التي تدور، وإن أحداً لم تطأ قدماه أرض القمر، وكل ما أوصلوه إلينا أفلام هوليوود، بالضبط كما يحاول أصحاب الفهم التقني إقناعنا بأن أفلام "داعش" هي من صنع هوليوود، وهذه التقنية العالية في التصوير لا يمكن أن تكون لرجال يؤمنون بالذبح طريقاً لتحقيق (الخلافة) .
وما نكاد نهدأ حتى يتسرب فيديو إلى فضاء "اليوتيوب" ويتم ترويجه على (الواتس أب) يحلل أن اختصار اسم "داعش" باللغة الإنجليزية (ISIS) يعني مركز المعلومات للاستخبارات "الإسرائيلية"، ثم يبحث في أصل (البغدادي) فيكتشف أنه من أصل يهودي، ويوسف الحطاب من أصل يهودي، ويظهر البغدادي مع السيناتور الأمريكي (ماكين)، ويظهر رجال دين يهود يعتمرون العمامات ويصرحون بتصريحات على أنهم من رجال وقادة تنظيم القاعدة .
ثم نحاول إعادة ترتيب أوراق فهمنا، فيخرج علينا محلل من ليبيا فيقول إن ("داعش") ليست في ليبيا، وهؤلاء نفر قليل يدعون ولاءهم لتنظيم ("داعش")، بينما الأخبار تطير بسرعة البرق فتقول إن (الدواعش) في مدينة سرت ودرنة الليبيتين . ثم نتجه إلى عاصمة الإمبراطورية التي كانت الشمس لا تغيب عنها فنسمع تصريحات عن ضرورة التدخل البريطاني لإعادة الهدوء إلى ليبيا! بعد أن تركها حلف الناتو تنهش ذاتها بذاتها، وبعد أن صدّروا إليها المقاتلين من كل حدب وصوب، ثم تدق إيطاليا طبول الحرب، فما بينها وبين الدواعش في ليبيا عشرات الكيلومترات، وروما بوابة الدواعش إلى أوروبا!
وفي ظل هذا التناقض يبهرنا المخرج الأمريكي باتفاقه مع تركيا لتدريب المعارضة المعتدلة! فيعيد عقرب الساعة إلى الوراء ثلاث سنوات، ويعيد إلى الواجهة الحديث الملتبس عن المعارضة المعتدلة، فنتذكر أن مجموعة مسلحة كانت تسمى (الجيش السوري الحر) كانت تنشط على الساحة ولم نعد نسمع بها منذ أكثر من عام، وأسياد الساحة الآن هم "جبهة النصرة" و"داعش" و"أحرار الشام" وكل ألوية (المجاهدين) الذين يعدون بالعشرات، ففي كل زاوية لواء وقائد لواء، وفي كل قرية نائية أمير، ونعود لنسأل عن مفهوم (الاعتدال)، وهل سيحيي الاتفاق التركي- الأمريكي العظام وهي رميم؟ فنكتشف ونحن نبحث عن الإجابة أن تركيا تريد إسقاط بشار الأسد، وأمريكا تريد محاربة الإرهاب، أي التطرف، والاثنان يريدان تدريب المعارضة لتحرير سوريا من التطرف وبشار!
ثم تقذف وسائل الإعلام في وجوهنا أخباراً من أمريكا تقول إن خطة تحرير الموصل سيتم تنفيذها خلال شهر إبريل/نيسان أو مايو/أيار المقبلين، والدور الأمريكي سيقتصر على تقديم الدعم اللوجستي والمراقبة والسلاح، وسيتم تجهيز عشرين ألف جندي عراقي لتنفيذ المهمة . ونبحث في التفاصيل فنكتشف وجود 1400 جندي أمريكي في قاعدة قريبة من (ناحية البغدادي) البعيدة عن القاعدة الأمريكية ثلاثة كيلومترات فقط . ونتذكر أن الولايات المتحدة كانت قد دمرت الجيش العراقي وسحقته عن بكرة أبيه، وأعادت الديموغرافية العراقية إلى ما قبل عشرات السنين، فوضعت الشيعة في مناطق والسنة في مناطق أخرى، حتى إذا فرغ (برايمر) من مهمته ومضت سنوات من الدم، عاد الجندي الأمريكي ليتحكم في الأمور . وفي السياق ذاته، يقوم مقتدى الصدر، الذي كان يهدد الأمريكان ويستعد لخوض حرب ضدهم، بتجميد فرقتين كانتا تحاربان الدواعش في العراق!
الإنسان العربي يريد أن يفهم أموراً كثيرة، ليس الإنسان البسيط العادي، وإنما يريد المفكرون والسياسيون والمحللون والإعلاميون والمثقفون العرب فهم ما يدور في المنطقة، وبعد جدل طويل يصلون إلى هز الرؤوس يأساً واستسلاماً، لا أحد يعرف ما يدور، الأمور ضبابية، منهم من يقول إنه الاستعمار الغربي الجديد، ومنهم من يقول إنها خريطة الشرق الأوسط الجديدة: التقسيم إلى دويلات لا تغني ولا تسمن من جوع، ومنهم من يقول إن "إسرائيل" وراء كل هذه الفوضى، وإنها تدعم المسلحين وتداويهم وتعالجهم في مستشفياتها، وتزودهم بالسلاح، وتغض الطرف عن تحركاتهم، وهنا نستذكر برنارد ليفي، الذين يسمونه (عراب الثورات العربية)، الذي حضر أول مؤتمر للمعارضة السورية في باريس، وظهر في ميدان التحرير في مصر قبل الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، وظهر يلقي خطبة عصماء في بنغازي قبل التنكيل بمعمر القذافي وقتله، وبرنارد ليفي يعرفونه بمفكر فرنسي، لكنه رجل استخبارات "إسرائيلي" بامتياز، ويحمل الجنسية "الإسرائيلية"، والهوية الصهيونية .
وهناك البعض، وهذا أخطر ما في الأمر، يعتقد أن "الدواعش" مسلمين سنة، يريدون التصدي لمسلمين آخرين، ويريدون إعادة دولة الخلافة إلى سابق عهدها . ونفكر قليلاً حين ننظر في خريطة الصراع، فنراهم ينسحبون بسهولة من معاقلهم في شمال سوريا، وينسحبون الآن من مناطق كثيرة من معقلهم في الرقة السورية، وسينسحبون من الموصل، ثم سيتوجهون إلى ليبيا، وسيهربون مع المهاجرين إلى إيطاليا بعد قتالهم، وهناك سينشرون بعض الفوضى، يتم كل هذا وسط تقارير عن تهريب كميات كبيرة من الآثار السورية والعراقية، وعن تجارة الأعضاء البشرية، بعد اكتشاف جثث تعرضت لعمليات جراحية لاستئصال الكلى . ويتم كل هذا بعد سرقتهم للنفط في العراق وسوريا، وتدمير مصافي النفط وشركاتها بحجة أنه نفط "داعش" .
إنها المتاهة، بل إنها متاهة المتاهة، الأمور كلها متداخلة ومعقدة، وكأن من قام برسمها وتعقيدها مخرج رعب عبقري، وشيطان مؤامرات وخطط جهنمية . وإلا كيف لا نفهم ما يدور حولنا، كيف يعود أصحاب الأنظمة القديمة على أيدي الذين ساهموا في الإطاحة بهم، ولماذا هذه العملية الجراحية التي لم تنته فصولها بعد؟ بينما الجسد العربي مسجى داخل غرفة العمليات، وإذا خرج منها، سيحتاج إلى إعادة تأهيل لعشرات السنين: هو وأبناؤه وبيوته ووطنه وروحه وعقله، فمن يفهمنا ويشرح لنا حقيقة ما يحدث؟