سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني -أمير دولة قطر حفظه الله- يقوم بزيارة رسمية إلى واشنطن، هي الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، بعد أن قام بزيارة لليابان اعتبرت من الجانبين القطري والياباني بأنها ناجحة على كل الصعد.. فماذا قال سموه في واشنطن وماذا قيل له؟

(1)
يُقال إن الصورة أبلغ وأدق تعبيرا من الكلمة ومن هنا نقول: إن الاستقبال الذي استقبل به سموه في واشنطن من حفاوة بالغة المودة والتقدير تعبر عن ذلك اللقاء في البيت الأبيض، تلك الابتسامات العريضة غير المصطنعة بين الزعيمين القطري والأمريكي، وهي حسب متابعتي لصور القادة الزائرين للبيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما لا سابقة لها. ابتسامة الزعيمين ظهرت فيها النواجذ دليلا على صدق تلك الابتسامات وليست ابتسامات المجاملات الدبلوماسية المعتادة.

عن ماذا يدل ذلك؟ الرأي عندي أنها تدل على صدق العلاقات ورسوخها وأنها مبنية ليس فقط على المصالح الآنية وإنما على المصالح الإستراتيجية وتطابق المواقف فيما يتعلق بالإرهاب ومعادات الأنظمة التي تحتقر وتهين كرامة شعوبها. واليقين عند القيادتين القطرية والأمريكية أن حلول الأزمات القائمة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأوكرانيا لا يمكن حلها عن طريق القوة العسكرية المسلحة وإنما عن طريق الحوار الصادق والأمين الذي يقود إلى تجنب الحروب، وانتهاء فكرة استعمال القوة أو التهديد بها من أجل بقاء الحاكم الفرد أو الحزب أو الطائفة في منصبه.
(2)
العودة إلى السؤال، ماذا قال سموه هناك وماذا قيل له؟ لقد قال سموه الكثير، من بين ما قال سموه لزعيم البيت الأبيض الأمريكي والقيادات التي التقى بها أن أم مصائب الشرق الأوسط ترتكز على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأن هذه القضية تراوح مكانها منذ عام 1948 ولا يوجد إرادة سياسية في المجتمع الدولي لحل مشكلة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاستعمار الصهيوني وهو الاستعمار الباقي في العالم لم يوجد له حل. لقد انحسر الاستعمار الأبيض عن جنوب إفريقيا ونالت استقلالها وكذلك ناميبيا وجميع الدول الإفريقية التي كانت ترزح تحت الاستعمار الإنجليزي أو الفرنسي وما برح الشعب الفلسطيني يعيش في مخيمات اللجوء البائسة وعلينا نحن والعالم الحر إعادة الشعب الفلسطيني إلى أرضه في ظل حكومة وطنية فلسطينية على التراب الفلسطيني ويتمتع بكامل الحقوق الإنسانية التي تتمتع بها شعوب العالم، إنه لا يوجد عالم حر طالما هناك شعب يعيش تحت الاستعمار في القرن الحادي والعشرين.
قال سموه لكل القيادات الأمريكية التي التقى بها يجب أن لا تخلطوا بين الإسلام والإرهاب "علينا والمجتمع الدولي إعادة الثقة للشباب العربي الذين دفعتهم ظروف الحرمان والفساد والظلم والطغيان والاستبداد وهدر كرامة الإنسان لخروجهم على تلك الأنظمة في ما يعرف بثورة بالربيع العربي، وطالبت بإسقاط تلك الأنظمة على أن يقوم الشباب بإعادة تركيب دولهم على أسس الحرية والديمقراطية واحترام كرامة إنسان.
لقد أعلن سموه أن دولة قطر مستعدة للقيام بأي دور يساعد على تحقيق الغايات المنشودة للشعب العربي في هذه المنطقة من العالم التي تصطرع على أرضها القوى المختلفة، كما أكد سموه أن الدوحة ثابتة على موقفها الدائم والثابت من المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله لكن يجب التنبيه أن الإرهاب يختلف عن المقاومة الوطنية التي تعمل جاهدة لنيل استقلالها وتحرير أراضيها من أي قوة كانت. لقد قال سموه الكثير والكثير جدا عن الشأن العربي وما يجب على المجتمع الدولي الحر أن يؤديه تجاه الشعوب العربية.
(3)
وفي السياق ذاته، ماذا قال الرئيس الأمريكي الضاحك حتى بانت نواجذه مع سمو الأمير تميم آل ثاني؟ قال الرئيس أوباما: "إن قطر شريك قوي وإننا شركاء على المدى الطويل في مجالات الأمن والتعليم والتجارة والبحث العلمي، كما أن قطر تعد مستثمرا رئيسيا في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد أكد القول أن قطر شريك قوي في التحالف الدولي ضد الإرهاب معبرا عن شكره وتقديره لجهود قطر في هذا المجال، وهنا نريد أن نذكر أولئك المهزومين في بعض عواصم العرب الذين يتهمون قطر ظلما وعدوانا بأنها ممولة للإرهاب وحاضنة له والشهادة على كذب أولئك المفترين في القاهرة وغيرها جاءت من قيادات أكبر دول العالم أمريكا واليابان. وقال الرئيس الأمريكي إن دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية تشعران بالقلق العميق تجاه الوضع القائم في سورية وأنه ينبغي أن تكون هناك مشاركة شاملة تجمع كل أطياف الشعب السوري لتعود دولته الموحدة المستقلة، حيث إن بشار الأسد فقد شرعيته فيها وأنه خارج أي حل هناك.
وفي الشأن العراقي، أكد الرئيس باراك أوباما، وسمو الأمير على أهمية توفير جميع الفرص لمشاركة جميع الأطراف من السنة والشيعة في العملية السياسية التي من شأنها تؤدي إلى وحدة البلاد وتحريم الطائفية..
وتناول الزعيمان القطري والأمريكي الشأن الليبي واليمني وأكدا أنهما يعملان مع أطراف أخرى لإيجاد حل لمشكلة البلدين، اليمن وليبيا، وقد أشاد فخامة الرئيس الأمريكي مرة أخرى بالجهود التي تبذلها دولة قطر من أجل محاربة الإرهاب، كما أكد على أن قطر تكرس جزءا من مواردها لخدمة أهداف السلام التي ينشدها العالم.
آخر القول: بعد كلام الزعماء اليابانيين وقادة الإدارة الأمريكية بمن فيهم الرئيس باراك أوباما إن القيادة القطرية تقف إلى جانب حق الشعوب في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية وعودة الحقوق إلى أصحابها فإنها تقف بكل جهودها لمحاربة التطرف والإرهاب دون هوادة وعلى ذلك فلتخرس أفواه الكاذبين والمنافقين والمرتشين من تناول اسم قطر والزج بها فيما ليس لها به دور.