أحدث الأخبار
  • 11:09 . مدارس خاصة في الشارقة تُلزم أولياء الأمور بسداد الرسوم قبل اليوم ومطالبات بمرونة في الدفع... المزيد
  • 11:08 . مسؤول إيراني رفيع: طهران مستعدة للتخلي عن اليورانيوم مقابل رفع العقوبات... المزيد
  • 11:05 . رئيس الدولة يبحث مع وزير دفاع السعودية في أبوظبي تطورات المنطقة... المزيد
  • 11:04 . رئيس الوزراء القطري: لا نتوقع تقدما قريبا في المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"... المزيد
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد
  • 01:03 . تحذير من التعامل مع مكاتب غير مرخصة لاستقدام العمالة المساعدة... المزيد
  • 12:42 . الاحتلال الإسرائيلي يصدر تحذيرا بإخلاء ثلاثة موانئ غربي اليمن... المزيد
  • 12:38 . ولي العهد السعودي يفتتح القمة الخليجية الأميركية بالرياض... المزيد
  • 12:38 . عقوبات أمريكية على شركات نقل نفط إيراني للصين تزامناً مع زيارة ترامب للخليج... المزيد
  • 12:15 . عبدالله بن زايد يجري مباحثات حول غزة مع نائب عباس في أبوظبي... المزيد
  • 10:53 . رئيس الدولة يغيب عن اجتماع قادة الخليج وترامب في الرياض... المزيد
  • 10:44 . "رويترز": الهدنة مع الحوثيين أعقبت معلومات أمريكية عن سعي الجماعة إلى مخرج... المزيد

لماذا حرب سلام اليمن؟

الكـاتب : حبيب الصايغ
تاريخ الخبر: 29-03-2015

كيف قادت السعودية والإمارات، وهما دولتان تتسمان بالحكمة والسياسة العقلانية، تحالفاً من عشر دول للحرب على الحوثي في اليمن؟
تمثل مرحلة طرح مثل هذا السؤال ابتداء مرحلة فارقة في التاريخ السياسي لمنطقة مستقرة على الرغم من أنها على مرمى حجر من نقاط النزاعات والتوترات الأكثر التهاباً في العالم، فهل كانت المنطقة بحاجة إلى حريق جديد؟ ليست إلا تلبية صوت العقل نحو إطفاء الحريق المشتعل أصلاً في اليمن البلد الشقيق الذي عانى الكثير من الويلات، والذي يصطلح على تسميته الخاصرة الجنوبية لشبه الجزيرة .
ذلك في الحقيقة والمجاز، أما في الحقيقة الخالصة، فإن تحرك الدول الخمس أولاً عبر بيانها الدال ثم مبادرة الدول العشر عبر المشاركة في "عاصفة الحزم" انطلق من الشرعية وسعى إلى الشرعية . كان هناك طلب الرئيس عبدربه منصور هادي وهو الرئيس الشرعي والمنتخب، وعزز الحركة اعتبار الحوثيين في وقت سابق جماعة إرهابية من دول حاضرة ومؤثرة في طليعتها دولة الإمارات والسعودية ومصر، وهنالك أيضاً قرارات كل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بشأن الحوثيين .
ولم تأت "عاصفة الحزم" من دون مقدمات وإرهاصات، فقد بذلت دول الحملة خصوصاً الإمارات والسعودية جهوداً حثيثة مضنية نحو إعادة الأمور إلى المسار السياسي المتفق عليه سابقاً من قبل جميع الفرقاء، وظلت الإمارات والسعودية تحاول رأب الصدع حتى ربع الساعة الأخير، لكن الطرف المقابل المتمثل في جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح بقي على تعنته مؤكداً عدم استعداده لخارطة طريق سياسية بمشاركة الأطراف جميعاً، وتأكد أن الهدف ليس إلا الإنقلابي المحض، والاستيلاء على السلطة مع إقصاء الرئيس الشرعي، وتعريض اليمن العربي أكثر لأن يكون محلاً لنفوذ إيراني له أثره وخطره على المنطقة كلها . وتقول معلومات مؤكدة أن على أرض اليمن أكثر من خمسة آلاف إيراني ما بين مدرب أو داعم لوجستي، فالحكاية إذاً أمن السعودية والإمارات وكل شبر في أرض الخليج العربية .
أرادت جماعة الحوثي وحليفها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح فرض إرادتها، وهي مكون ضمن مكونات اليمن، كأمر واقع وبالقوة، وذهبت إلى خيار السلاح كبديل للمسار السياسي في أفق المبادرة الخليجية، وَمِما هو معلوم بهذا الصدد أن الحوثي الساذج سياسياً يمتلك 300 صاروخ "سكود" يمكن توجيهها لتغطية الشقيقة الكبرى السعودية . من هنا ركزت الضربات الجوية على هذه الصواريخ ومنصات إطلاقها، وقد تم تدمير 20 منصة حتى اليوم الثاني للحملة، كانت هي المنصوبة، كما تم تدمير طائرات ومراكز اتصالات في اليوم الثالث، وقوات الإمارات بطائراتها الثلاثين ال F16، وقوات التحالف في إطار عملياتها الدقيقة، والدقيقة جداً، إنما تستهدف الصواريخ الباليستية ومخازن الأسلحة والذخائر، وما يجب التأكيد عليه أن حربنا على ميليشيات الحوثي وحلفائها هي حرب أخلاقية من أجل تحقيق السلام وتجنيب المنطقة شرور المد الإيراني، وأنه لا استهداف أبداً أو إصابة لأي مواقع مدنية .
ولأن هذه حرب إقرار قيم وأخلاق، فإن مسعى توسيع التحالف المشارك في الحرب قائم ويجب أن يكون قائماً، وهنالك جهود تبذل الآن من قبل دولنا نحو الوصول إلى ذلك الهدف . ليس المقصود، بالضرورة، زيادة الإسهام العسكري فما لدى السعودية والإمارات خصوصاً والشركاء عموماً يكفي وأكثر . والمطلوب التضامن المعنوي في حرب تؤكد، في الشكل والمضمون، على المعاني والقيم .
في الخطة استمرار حملة "عاصفة الحزم" مدة شهر قد تستمر إلى خمسة أو ستة أشهر، والهدف شل قدرة الحوثي وحلفائه، وتذكيره، وتذكير العالم بأن أمن اليمن جزء من أمن الخليج، وأمن الخليج العربي والوطن العربي يتعزز في اليمن اليوم كما تعزز من قبل في تجارب خليجية وعربية رائدة وبارزة، بدءاً من وجود قوات الردع العربية في لبنان، مروراً بمشاركة الجميع في حرب تحرير الكويت، وليس انتهاء بوجود قوات درع الجزيرة لنجدة أهلنا في البحرين أو الإسهام الجمعي في الحرب على التطرّف والإرهاب خصوصاً تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا أمر يجب أن تفهمه دول لها مصالح حيوية في الخليج كالصين، وكذلك روسيا التي يؤمل ألا تدخل موضوع اليمن ضمن تجاذبات حربها الباردة مع الولايات المتحدة .
في السياق نفسه، لا يمكن لدولنا أن تسمح لإيران بوضع قدم في اليمن، وإذا كانت الجارة اللدود قد استطاعت تكوين ميليشيات تابعة في العراق قوامها حوالي مئة وعشرين ألف تابع، فإن أرض اليمن، وبإرادة خليجية وعربية، بناء على نداء الشرعية اليمنية، لن تسمح بحرس جمهوري آخر في اليمن يتبنى فكر الولي الفقيه والأيديولوجيا المعلومة المطوقة بالأطماع الفارسية، والأصل أن كل ذلك دفاع عن الدولة العربية التي هي، بسبب من طبيعتها، ضد التطيف المذهبي السياسي، كما هي إشارة واضحة إلى تحجيم دور تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن .
لقد ظلت الإمارات والسعودية حتى اللحظات الأخيرة تأملان بواقع يمني جديد مبني على المبادرة الخليجية ومساعي الأمم المتحدة، وإن كانت لدى المراقبين ملاحظات على أداء المبعوث الأممي، أما الشاهد فالتمسك بالشرعية في صنعاء ثم في عدن، وقد اضطرت الإمارات والسعودية لإجلاء بعثتيهما من عدن عن طريق البحر ليلة انطلاق "عاصفة الحزم" .
في السياق نفسه، سياق الحرص على الشرعية والتمسك بها، ونحو توضيح أبعد لموقف دولة الإمارات، فإن نجل الرئيس المخلوع الذي يعمل سفيراً لليمن في الإمارات لم يعد مرغوباً فيه، وهو غير موجود في أبوظبي منذ ثمانية شهور، وهذا الموقف ينسجم تماماً مع موقف بلادنا حين رحبت بنجل السفير المخلوع سفيراً بناء على طلب الرئيس الشرعي هادي، وذلك نحو إبعاده من جهة عن القوات المسلحة اليمنية وإعادة التوازن لها . هنا، والشيء بالشيء يذكر، فإن دور الرئيس المخلوع صالح يكمل دوره حين حكم اليمن لأكثر من ثلاثين عاماً معتمداً أو متكئاً على الحسابات و"التكتيكات" الصغيرة وقصيرة النفس، والأمل من بعد أن ينتبه حزب المؤتمر الذي يضم الكثيرين من عقلاء السياسة إلى ضرورة اتخاذ موقف وطني ملتزم في هذه الظروف العصيبة . حزب المؤتمر ليس علي عبدالله صالح، أو ليس هو وحده .
بعد ذلك وقبله، فإن الواقع اليمني الراهن مترتب على أسلوب قديم وربما متحجر من الانقلابات "المتسلسلة" ثم عقود من حكم صالح برؤيته الضيقة وحساباته الصغيرة، ومن هنا غياب الرؤية الاستراتيجية في أثناء حكم صالح وبعده . على الرغم من كل ذلك، فإن صوت العقل يرتفع منتصراً لشرعية الرئيس هادي الذي ألقى كلمة اليمن المكلوم في قمة شرم الشيخ أمس مطالباً باستمرار "عاصفة الحزم"، وهي القمة التي ارتفعت فيها الأصوات مطالبة بقوة دفاع مشتركة .
تلك رسالة هادي، أما رسالة التحالف فقد وصلت إلى العالم من أوسع الأبواب، وأما رسالة الإمارات فقد وصلت وتأكدت وتجذرت: الحق ولا شيء إلا الحق، وهدف الدولة العربية القوية، والعمل على مد الجسور الصلبة بين دول الاعتدال العربية نحو التأسيس المستمر لمستقبل عربي أفضل، وإيجاد الدور العربي وفي طليعته المصري بديلاً لدوري إيران وتركيا اللذين ذهبا في المبالغة كل مذهب .
اختتم بقبسين أولهما من عبدالله البردوني شاعر اليمن الأكبر:
يا ناهب الغفوات من أجفان صنعاء السجينه
من ذَا يلبي لو دعت هذي المناحات الدفينه؟
من ذَا يلقن طفرة الإعصار أخلاقاً رزينه؟
نأت الشواطئ يا رياح فأين من ينجي السفينه؟
أما القبس الثاني فمني شخصياً:
ما كان حبل لقاء واهنا أبدا
لكنه حبل وصل شد فانقطعا
صنعاء عن سؤلنا تنأى ولا عدن
تأتي فيا لجناحي طائر نزعا!